نحو أردن أبيض..
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية - ويا نازل ع الغور بلغ الناس أنكم "فئة معينة" في الوقت الذي لا مجال فيه للجدل أو حتى التساؤل حول تساوي المواطنين أما القانون أية دولة من العالم المتحضر.
فإن مراجعة حقيقية لواقع الحال في الأردن، يثبت على نحو قطعي بأن الأردنيين غير متساويين، مطلقا، في الحقوق والواجبات، سواء على مستوى اختلاف الدين أو العرق او الجنس، أما من ناحية الدين فالأمور عديدة متعددة تفرق بين الأردني المسيحي، والأردني المسلم، وكذلك في ما يخص المرأة الأردنية فإن حيفا قانونيا يلحق بها على عدة أشكال تنزل من مكانتها كأردنية أنثى إزاء الأردني الذكر!
حالتا عدم المساواة بين "الأردنيين المسلمين والأردنيين المسيحيين"، وعدم المساواة بي المرأة الأردنية و"الرجل الأردني" ليست جديدا ولا موضع نبش هنا حاليا، لا إقرار بهما، بالطبع، بل لأن ما جرى قبل أيام في الأردن يستدعي إضافة عبقرية عظيمة بطلة اجتراحها وزراة التنمية السياسية، وهي السابقة التي انفردنا بها في العالم بعد أن طوت الدول الحقيقية ملف التمييز بأي شكل.
الحكاية هي الطامة المتمثلة برفض ترخيص حزب أردني، مؤخرا، بذريعة أن المتقدمين للترخيص من ذوي البشرة السوداء، وهو قرار لا يستند لأي مرجعية دستورية ولا قانونية، بل قرار مجرد لجنة في وزراة، وهو سلوك لا يقبله الخلق القويم وإجراء سقيم ومعيب، بكل ما يعني العيب سواء على صعيد قرارات الدولة إزاء مواطنيها بما دار في ذهنية تولت هذا الخرق الدستوري.
ويا لفداحة غياب الاحترام لدستور البلاد الذي ينص صراحة في المادة 6: " الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين".
هل من تفسير لقرار يخالف الدستور سوى أنه ينم عن عدم فهم للدستور أو عدم الاكتراث به.
أم يدخل الأمر في التكشف عن عقلية رعوية جاهلية بتصنيف الأردنيين لفئة بيضاء هم مواطنون من الدرجة الأولى، وفئة سمراء لا تتمتع بحقوق المواطنين، ويتوجب عليها تغيير لون بشرة لا تصلح للوقوف على التساوي مع المواطنين البيض.
حري بالوزراة المفترض بها تنمية الحياة السياسية، لا الشد العكسي وتجريح من يرغب بممارسة السياسة علنا، ووفق أحكام القانون، وحري بها تمثل معنى التنمية بالمعنى الواضح للكلمة، وعدم تعطيل المعنى الطبيعي لأبجديات لحقوق الإنسان.
وبالعودة إلى تصريح الأمين العام للوزراة التي نلمس تماما اليوم أنها تعمل على تنمية أي شيء إلا الحياة السياسة، يقول لـ جو 24 : " بأن الوزارة طلبت من مؤسسي الحزب تصويب أوضاعهم وهذا لم يحدث، لذلك ولأننا في الوزارة لا نسمح بأن تقتصر الأحزاب على فئة معينة قمنا برفض الترخيص". الله يعطيك العافية.
ماذا تعني عطوفتك بتصويب "الأوضاع"؟ أن يتم إقحام "الرجل" الأبيض ليبارك حضوره الوضع الأسمر غير الجدير بممارسة السياسة؟ أم ضرورة تغيير هذه "الفئة" للون بشرتها، والعودة في أول فرصة لإثبات بياض البشر؟ أتلاحظ عطوفتك أنك تؤيد نص قرار اللجنة "البيضاء" فتسمي بعض الأردنيين "فئة معينة". هل لدى الوزراة قدرة على التحليل أو حتى تخيل ردود الأفعال الشعبية الجارفة التي من الممكن أن تندلع لو صدر مثل هذا القرار –إن كان له مثيل- في بلد متقدم وديمقراطي حقيقي.
الجواب البسيط: كان سيطيح بحكومات راسخة ديمقراطية إن لم يزلزل أركان نظام. أنعيش في القرن الواحد والعشرين نحن في الأردن، أم لا تزال تحكمنا العصبيات الجاهلية، التي تجافي منطق البشر الأسوياء. هل بحق تعتبر الوزارة أن هؤلاء الذين تقدموا للترخيص نهضت الفكرة في نفوسهم لتأسيس الحزب بناء على مرجعية عرقية، ما يعني أنهم سيطالبون غدا بمساواتهم بالبيض؟! وإذا كان لابد من مباركة حزب ذوي البشرة السمراء بالبيض فإن المنطق السليم وحتى الأعود يقتضي منح هؤلاء "كوتا" في البرلمان و"لم الطابق" وعدم الضحك على بعضنا، بالجهد الدؤوب على تنمية السياسة! المزيد المزيد يا وزراة التنمية من تعزيز مفاهيم أولية تناقض الديمقراطية، وفي مقدمتها المحاصصة.
وماذا عن الأردنيات من ذوات البشر السمراء، هل يجوز بيعهن يا صاحب القرار العبقري الحصيف؟! ولنطرح السؤال على اللجنة البيضاء الرافضة، وعلى وزير التنمية السياسية الأبيض (طبعا): لماذا لا تدعون إلى تعديل الدستور، وإضافة مادة تنص على أن الأردنيين هم من البيض أولا والبقية تأتي. لإنهاء الأمور بطريقة شاعرية، ولنعدل كذلك مادة دستورية فبدلا من القول إن المملكة جزء من الأمة العربية فلتكن:" المملكة جزء من بيض الأمة العربية، وما خلا ذلك منا فهو باطل ودخيل".