jo24_banner
jo24_banner

تعريف على نحو مختلف للشجاعة

لميس أندوني
جو 24 : نرحب بالإفراج عن موقوفي الحراك، وذلك قبل عطلة العيد، لكن كنا نأمل أن تكون نهاية مبدأ الاعتقال على خلفية النشاط السياسي والوقف الفوري لتحويل المدنيين إلى محكمة أمن الدولة، خاصة بعد أن تم اعتقال الشاب معاذ العزة، من حركة اليسار الاجتماعي، قبل نهاية العيد وإبلاغ محاميته عن نية تحويله إلى المحكمة الاستثنائية ذاتها.

لماذا تستمر هذه الممارسات فيما تؤجل مواجهة التحدي الأهم وهي معالجة الأزمة الاقتصادية الاجتماعية؟ فيما تنهمك الجهات الرسمية في تبرير قرار قادم برفع الدعم الحكومي عن السلع الأساسية والطاقة ورفع أسعارها.

المشكلة في جميع التبريرات، أن الثقة مهزوزة ليس فقط بالأداء الرسمي، ولكن حتى بالأرقام التي تقدم لتسويق رفع الدعم على أساس انه المنقذ الوحيد من انهيار الدينار والاقتصاد، وحتى لو اقتنع الناس، وصكوا على أسنانهم، في البداية، فإن التساؤلات لن تتوقف مع ازدياد المعاناة و تدهور المستوى المعيشي لفئات ارتضت ولفترة طويلة بالمهادنة والاستنكاف عن الاحتجاج أملا في الحفاظ عن أمنها وأمانها.

الذي يحدث أن فئات متنفذة تعيد وأعادت ترتيب أوراقها، مستغلة خوف الناس من بديل مجهول مما دفع الكثيرون إلى الصمت، لأن من لا يدخل اللعبة، كما يتم تصوير الخيارات لنا، لن ينال أية فائدة ولو حتى الفتافيت.

الجهات الرسمية، ركزت بدهاء معتمدة على سيطرتها على المراكز الحساسة وأدوات التأثير، جل اهتمامها كان منصبا على إضعاف الحراك وتفتيته، وإخافة الناس من مصير سيناريو العنف وعدم الاستقرار، ونجحت إلى حد كبير، مستفيدة من أخطاء الحراك، وإخفاقه، رغم شجاعته، من جذب فئات أوسع لصفوفه وتشكيل قيادة موحدة ورؤية جامعة.

ارتفاع نسبة التسجيل، وإن كان ليس بمؤشر نهائي أو أكيد على مشاركة واسعة في الانتخابات نفسها، كان دليلاً على تحول هام في الرأي العام الذي اختار "الاستقرار " على احتمال سيادة الفوضى أو على الأقل اهتزاز أمنهم وأمانهم.

في لقاء لرئيس الوزراء عبدالله النسور مع مجموعة من الكتاب والصحفيين، كان لافتا أنه مقتنع أن جزءا من المشكلة هو التأجيل المتكرر لقرارات اقتصادية صعبة، غير أنها ضرورية لتصحيح العجز ودفع الديون، والأهم أنه يشعر بمسؤولية اتخاذ القرار وتنفيذه وعدم الهروب منه حتى ولو على حساب شعبيته.

الرئيس اختار وصفا لافتاً لقدرة واستعداد المسؤول باتخاذ المواقف الصعبة، ممثلا بالرجولة في اتخاذ المواقف، موضحا وبسرعة أنه لم يقصد بالتعبير المعنى الضيق للكلمة التي تحصرها في الذكورة، لكنني وإن كانت لديّ مشكلة في توأمة الرجولة والشجاعة، لن أقف عند هذه النقطة وآخذ كلامه على المقصد الذي أراده.
المشكلة الأكبر هي في تعريف الشجاعة في مرحلة أزمة حرجة يمر بها الأردن والأردنيون حالياً، الشجاعة هي أن يتحدى رجل في موقعه الحساس النهج السائد، ويعمل من موقعه على وضع أسس لمرحلة انتقالية لتغيير النهج الاقتصادي وبناء نظام الشفافية والمساءلة والمحاسبة، بما تتطلبه من قوانين وسياسات.

من المفهوم انه وبغياب البرلمان ، تبقى قدرة الرئيس محدودة على إحداث التغييرات اللازمة، ولكن الإرادة السياسية الحقيقية، تستطيع فتح نوافذ وحتى أبواب كانت مغلقة، وهذا تحد يتطلب شجاعة كبيرة لا يمكن التقليل من أثرها.
ابتداء لتكن هناك مكاشفة كاملة بأرقام الموازنة وحقيقة نسبة مدخول الضرائب غير المباشرة، كضريبة المبيعات، على فاتورة الدعم، وفك لغز تسعيرة الوقود، وإن كان هناك من الاقتصاديين من كشف سرها، لكن لم يكن هناك ردة فعل من الحكومة والمسؤولين.

يحق لفئات واسعة أن تعرف الحقائق كاملة وليست المنتقاة، ومن حقها أيضاً أن يجيء رئيس حكومة فيمارس الولاية العامة بحق، ويقول كفى ، من حق شعبنا علينا التفكير والاستماع للحلول البديلة، برأيي من وجهة نظر لا يمكن وصفها بالرجولية ـ أين هذه الشجاعة المطلوبة أيها الرئيس.


(العرب اليوم)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير