2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الجذور التاريخية للإرهاب

طاهر العدوان
جو 24 : تمتد هذه الجذور في العالم العربي الى سنوات طويلة من التاريخ المعاصر ومحاولة إلصاقها بالربيع العربي هي من قبيل رد الفعل عند قوى سياسية زحف الصدأ والإفلاس على معتقداتها واساليبها في العمل السياسي . لقد استفاقت هذه القوى على ضآلة حجمها في التأثير بالاحداث التاريخية المذهلة التي حملتها انتفاضة الشعوب فانقلبت الى أحضان الأنظمة المستبدة تتباكى على حريات لم تكن موجودة اصلا .
الشيوعيون اول من تلطخت ايديهم بالدماء عندما علقوا المشانق لخصومهم في شوارع بغداد وعلى اعمدة الكهرباء في كركوك في نهاية الخمسينات من القرن الماضي ، وكانوا من قبل قد ارتكبوا ابشع جرائمهم بقيادة عبد الكريم قاسم ضد الاسرة المالكة في العراق وبهذا ادخلوا النهج الدموي على الحركة السياسية العربية في تاريخها الحديث بعد اقل من عشر سنوات على ثورة ٢٣ يوليو المصرية التي كانت بيضاء بكل معنى الكلمة .
بعد الشيوعيين سلك القوميون في سوريا والعراق نهج اراقة الدماء في تصفية الخصوم وقمع الحريات ، لقد كان الإرهاب هو طابع انقلابات الستينات وهو الذي قادها الى مصيرها المحتوم بالفشل او السقوط في براثن الديكتاتورية ومسلسل التصفيات في الانقلابات والثورات المضادة .
لقد أقدمت الأنظمة الشمولية في الحقبة التاريخية الممتدة حتى انتفاضات الربيع العربي الى استخدام ارهاب الدولة وقمع الفكر والرأي الاخر ومصادرة الحريات العامة وفتح المعتقلات والسجون وكل هذا جرى تبريره بل تمجيده باسم التحرير ومزاعم مقاومة التآمر الامريكي الصهيوني .
لقد اعتمدت أنظمة اليسار والاحزاب القومية على مدى النصف الثاني من القرن الماضي والعقد الاول من القرن العشرين الى احتقار الحرية السياسية للشعوب واستبدلتها بقوانين طوارئ هدفها تكريس بقاء الديكتاتور على كرسي الحكم الى الابد ، والنتيجة أهدار كرامة الشعوب واذلالها، تحت شعار الأمن والاستقرار ، او بزعم مقاومة لم تحرر أرضا ولم تطلق طلقة على اسرائيل .
أنظمة الاستبداد هي التي أوجدت البيئة الحاضنة للإرهاب الذي ابتليت به الامة في العقدين الماضيين وهي التي منحت الحياة والنمو لمنظمات القاعدة خاصة تلك الاًنظمة التي أشعلت حرب طوائف في المنطقة . و اليوم تشهد الارض العربية تنافسا في اساليب ابادة المدنيين تعتبرالأشد وحشية في سجل الارهاب الاسود في التاريخ العربي الحديث ، لانها لا تصفي خصومها السياسيين فحسب انما تتعمد قتل الاطفال والنساء بالجملة بالسيارات المفخخة، او بالقاء براميل ال تي ان تي من الطائرات على مدن تم فرزها ميدانيا على الهوية .
لا مستقبل للإرهاب ، وبعد ان اصبح جزءا معتما من تاريخ اليساريين والقوميين العرب فان تهاوي وسقوط الدكتاتوريات واحدة بعد اخرى سيقضي على البيئة الحاضنة له ، لان الشعوب عندما تسترد حريتها وكرامتها سيتطهر وعيها من كل فكر ظلامي يقوم على سلب الناس حقوقهم الطبيعية والإنسانية كما قال الفاروق عمر بن الخطاب « متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا» . وبالتأكيد كلما هبت نسائم الحرية على العالم العربي فان الإرهاب سيحتضر لان الحرية تعني استخدام العقل في فهم هذا الدين الحنيف الذي شدد على حرية الاعتقاد وحق الاختلاف مع الاخر قال تعالى « لا إكراه في الدين « و» لكم دينكم ولي دين « صدق الله العظيم .


(الرأي)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير