لماذا تراجعت التبرعات المالية للسوريين؟!
تقول كل المؤشرات ان المساعدات المالية المحولة للسوريين في الاردن، من افراد عرب وسوريين في الخارج، الى افراد في الاردن، أو عائلات او مجموعات، انخفضت خلال الفترة الاخيرة، ونحن هنا نتحدث عن المساعدات المالية التي يتبرع بها عرب وسوريون، لأي سوريين محتاجين في الاردن، مباشرة، او عبر جمعيات.
هذا التجفيف يتم لعدة اعتبارات، ابرزها ان هناك نقصا في الموارد المالية بشكل عام، بين السوريين والعرب خارج الاردن، في العالم العربي، واوروبا واميركا، اذ يلمس الجميع كسلا اقتصاديا بدأ يترك اثره على قدرة هؤلاء بالتبرع لافراد او عائلات، في دول اخرى، يضاف الى ما سبق، ان الازمة السورية، باتت ازمة مزمنة، وقد يشعر كثيرون ان جهود اطفاء الحاجة او الفقر، لا تؤتي اي أثر، فالازمة السورية، تولد المزيد من المشاكل ومضاعفاتها، وليس متوقعا لها ان تتراجع حدتها، هذا فوق ان طبيعة العرب والسوريين ايضا، طبيعة عاطفية، تجعلهم يتجاوبون عاطفيا مع احتياجات السوريين الفردية، ثم ما يلبث هذا التعاطف بالتراجع، مع فتور الهمة والانفعال.
هذا الجانب المتعلق بتبرعات الافراد لا يتنبه له احد، فكل الحديث ينصب عن تبرعات الدول للدول المستضيفة، او لذات الاشقاء السوريين، مباشرة، او عبر مؤسسات اردنية او جمعيات، او عبر دعم الموازنة لتنفيذ برامج محددة، لكن اللافت للانتباه هنا، ان كل القراءات والتحليلات تركز على مستوى هذه المساعدات، ولا احد يتنبه حصرا الى الاهمية الكبيرة جدا لتبرعات الافراد للافراد، والتي تخفف من حدة اللجوء، وهي التي تتعرض اليوم لتراجع كبير، وستقودنا الى واقع آخر تماما.
هذا يعني ان الاشقاء السوريين في الاردن سيتعرضون لتغييرات اصعب، فقد كانوا يعتمدون اولا على مساعدة المؤسسات الدولية، وعلى ابنائهم او اقاربهم خارج سورية، وعلى مالديهم من مدخرات اذا توفرت، وعلى مصادر عملهم ووظائفهم، وعلى تبرعات الافراد للافراد او العائلات، والملاحظ ان كل حزم المساعدات تتراجع، لصالح اعتماد السوري على احد من اقاربه، فقط، او على وظيفته ان كان يعمل، مما يعني ان مصدرا اساسيا مهما بدأ يخرج تدريجيا من المشهد، اي تبرعات الافراد لأفراد، او لعائلات، عبر قنوات وسيطة، او خيرية.
كل هذا سيترك آثارا سلبية على السوريين، وبتنا نسمع ان الاشقاء يتعثرون في دفع ايجارات بيوتهم، او لا يتمكنون بشكل كلي من تسديد التزاماتهم، بسبب التراجعات في تغذية احتياجاتهم المالية، وهذا امر يفرض بصراحة على السوريين، قضايا عدة، ابرزها انعاش الدعم المالي الذي كان يتدفق من اغنياء عرب او ميسورين سوريين، اضافة الى التكيف المسبق مع فكرة نقص الموارد المالية، والمؤكد هنا، ان كل هذا سوف يترك اثرا اجتماعيا ليس سهلا على الكتلة السورية في الاردن، فوق الاثر الاقتصادي على الواقع الاردني المثقل اصلا بمشاكله وبهمومه.
لابد من وقفة مع قصة تراجع تبرعات العرب والسورييين، للاشقاء السوريين في الاردن، وبرغم انها طوعية، الا انها كانت تخفف بقوة من أثر اللجوء، سواء عن السوري ذاته، او حتى عن الدول المستضيفة، بما في ذلك الاردن.