خطاب الملك بالأرقام
داود كتاب
جو 24 :
هناك فائدة وعبرة، أحياناً، في إجراء تحليل للكلمات وتكرارها في خطابات الملوك والرؤساء، وخطاب الملك عبد الله الثاني بمناسبة الاحتفال بالعيد السبعين لاستقلال المملكة، ومئوية الثورة العربية الكبرى خير دليلٍ على الأهمية التي تعطيها تلك المفردات.
يحتوي خطاب الملك الذي بثّه التلفزيون الأردني، ووزّعه الديوان الملكي، على 488 كلمة فيها دلالاتٌ كبيرة لعدد من الكلمات المكرّرة التي وردت فيه.
فقد جاء ذكْر الأردن والأردنيين 15 مرةً، وهو أمر منطقي وطبيعي في خطاب بمناسبة استقلال الأردن. ومن أهم ما جاء فيه قول الملك: "وبالرغم من كل التحديات، إلا أن وحدة الأردن الوطنية الراسخة، وتناغمه الاجتماعي، واجتـنابـه للعنف يزيده صلابةً ومنعةً كل مرة”.
حصّة العرب كانت، أيضاً، كبيرة حيث ذُكروا 8 مرات، فالثورة العربية الكبرى التي انطلقت في العقبة يُحتفل بمئويتها في هذه الأوقات.
وكان لمفردة "الوحدة” الموقع الثالث في التكرار، وأتى التركيز على أهمية الوحدة الوطنية ثلاث مرات، ومنها: "فهذا الوطن بُنـي على الوحدة، هويـتـه الوطنية الجامعة تحتـضن كل من يؤمن بهذا البلد ويُحبّه ويحميه”.
تساوت كلمتا "الوحدة” و”الأقصى” في الكلمات المكررة، مما يعكس اهتمام الملك والهاشميين بأهمية أولى القبلتين وثالث الحرمين، وضرورة حماية الحرم الشريف المُحاصر والمعرّض يومياً لانتهاكات الاحتلال واعتداءاته.
قد يكون لبقية العبارات وتكرارها بعض المعاني، إذ ذُكرت كلمة الإسلام مرتين، وكل من فلسطين والمسيحيين مرة واحدةً. وربما كان أهم اقتباس في خطاب الملك ما نقله عن قائد الثورة العربية عندما قال: "أستلهم من رؤية الشريف الحسين الثاقبة بالدعوة إلى الوحدة والحرية والتعددية، ومن دعوته للتعايش والإخاء الديني، حين قال "العرب عربٌ قبل أن يكونوا مسلمين أو مسيحيين”.
ترتيب أولويات أي دولة له معانٍ كثيرة، ولا شك أن الاهتمام الأول يجب أن يكون للوطن، ثم للعروبة، ثم للوحدة الوطنية على أساس التعددية.
تحليل الخطابات له دلالات، لكن الأهم من كل ذلك كيفية التعامل معها وترجمتها لكي لا تبقى كلمات تتكرر في الخطابات، ومن على المنابر، بل يجري العمل على تطبيقها من خلال قرارات وسياسات وفي توزيع عادل للميزانية، وفي الأسس الشفّافة للتشكيلات العامة ليشعر كل مواطن بأهمية مواطنته.-(عمان نت)