(الكلمات) .. فيلم يعاين سرقة التأليف في ثلاث قصص
فيلم «الكلمات» (The Words) هو باكورة أفلام المخرجين والكاتبين السينمائيين بريان كلجمان ولي ستيرنثال اللذين اشتركا أيضا في كتابة سيناريو الفيلم وقاما بأداء دورين مساعدين فيه. وللمخرج بريان كلجمان باع طويل في التمثيل، حيث ظهر في أكثر من 40 عملا سينمائيا وتلفزيونيا.
يجمع فيلم «الكلمات» بين الأفلام الرومانسية والدرامية. وتدور قصة الفيلم حول كاتب شاب طموح ومكافح يقوم بنشر رواية من تأليف كاتب آخر، مدعيا انها من تأليفه، ويكتسب على أثر ذلك شهرة واسعة، ولكنه يدفع الثمن غاليا عندما تكتشف حقيقة أمره وسرقة عمل كاتب آخر.
يبدأ فيلم «الكلمات» بظهور الكاتب كليتون هاموند (الممثل دنيس كويد) وهو يقرأ مقاطع من كتابه الجديد «الكلمات» أمام الجمهور في حفلة خيرية. ويروي هذا الكتاب قصة الكاتب روري جانسين (الممثل برادلي كوبر)، وهو كاتب طموح يعيش في مدينة نيويورك مع صديقته دورا (الممثلة زو سالدانا).
بعد زواج روري ودورا يذهبان إلى باريس لقضاء شهر العسل، وهناك تهدي العروس عريسها حقيبة قامت بشرائها من محل للتحف الأثرية. ولدى عودته إلى أميركا يعثر روري داخل الحقيبة على مخطوطة رواية ويقوم بطبعها على حاسوبه. وعندما تقرأ دورا نص الرواية تظن خطأ أنها من تأليف زوجها روري وتشجعه على نشرها، ويتصل بالناشر جوزيف كتلر (الممثل زيليكو إيفانيك) الذي يقوم بنشر الكتاب بعنوان «دموع النافذة». ويحقق الكتاب رواجا كبيرا ويصعد إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة، ويجلب الشهرة والجوائز التقديرية لمؤلفه المفترض روري جانسين.
عند هذه المرحلة من الفيلم يتوقف الكاتب كليتون هاموند عن قراءة المقتطفات من كتابه في فترة استراحة قصيرة يتعرف خلالها على الكاتبة الناشئة دانييل (الممثلة أوليفيا وايلد) ويوافق على أن تجري معه مقابلة بعد انتهاء الحفلة الخيرية.
يستعرض هذا الكاتب خلال قراءة الجزء الثاني من كتابه لقاء الكاتب المنتحل روري جانسين بـ «الرجل العجوز» (الممثل جيريمي أيرونز) الذي يعرّف نفسه له كالمؤلف الحقيقي لمخطوطة الرواية المختلسة، موضحا أنه حين كان شابا خدم خلال الأيام الأخيرة للحرب العالمية الثانية في فرنسا وتزوج من شابة اسمها سيليا (الممثلة نورا أرنيزيدر) ورزق منها بابنة توفيت بعد ولادتها، ثم رحلت زوجته إلى منزل أسرتها خارج باريس بعد أن تعرضت هي وزوجها للإفلاس. وعندئذ كرس الزوج جهده وإلهامه لتأليف رواية وضعها في حقيبة وأرسلها إلى زوجته سيليا، طالبا عودتها إليه، إلا أن سيليا نسيت الحقيبة في القطار في طريق عودتها إلى باريس، وبذلك فقدت مخطوطة الكتاب، ما أثار غضب الكاتب وأدى إلى هجره لزوجته. وعندما علم روري بحقيقة ما حدث عرض على الرجل العجوز الاعتراف علنا بحقه في تأليف الرواية، إلا أن عرضه قوبل برفض الرجل العجوز. وتلقي قصة الفيلم الضوء على الرجل العجوز في شبابه (الممثل بين بارنز) وعلاقته بزوجته سيليا التي نسيت الحقيبة التي تحتوي على مخطوطة الرواية في القطار.
وتحت إصرار الكاتبة الناشئة دانييل بعد الحفلة الخيرية أبلغها الكاتب هاموند أن روري اعترف لزوجته بما حدث، فخاب أملها وقامت بهجره. كما أن ناشر الكتاب رفض عرض روري باعترافه العلني بسرقة الرواية خشية على سمعته كناشر. ونتيجة لذلك عاش روري حياة عذاب مليئة بالكوابيس وفي صراع مع نفسه، إلى أن تمكن من تأليف كتاب بمجهوده الشخصي بعنوان «كلمات» روى فيه القصة الحقيقية لمخطوطة الكتاب. ويتضح في نهاية الفيلم أن كتاب «الكلمات» من كتب السيرة الذاتية مع بعض التصرف، وأن الكاتب روري جانسين هو في حقيقة الأمر الشخص البديل للكاتب كليتون هاموند الذي كان يتحدث في الكتاب عن نفسه.
تذكّرنا بداية قصة فيلم «الكلمات» بحادثة مشابهة حدثت بالفعل للكاتب الأميركي الشهير إرنيست همنجواي الذي فقدت زوجته هادلي معظم ما كتبه قبل العام 1922 في حقيبة نسيتها أثناء ركوبها لأحد القطارات. إلا أن مخرجي وكاتبي سيناريو فيلم «الكلمات» لا يشيران بشكل مباشر إلى هذه الحادثة رغم التشابه الواضح بين حادثتي فقدان حقيبة تحتوي على مادة مكتوبة من قبل زوجة الكاتب خلال رحلة على متن قطار، في حياة الكاتب إرنيست همنجواي وفي قصة فيلم «الكلمات». إلا أن قصة الفيلم تشتمل على إشارات عديدة للكاتب إرنيست همنجواي، ومن ضمن ذلك قيام الكاتب المكافح روري جانسين وزوجته دورا بزيارة لمنزل إرنيست همنجواي القديم في باريس أثناء قضائهما شهر العسل في تلك المدينة.
يقدّم فيلم «الكلمات» قصة داخل قصة داخل قصة تلقي كل منها الضوء على العلاقة بين كاتب وزوجته. ولعل الرسالة الرئيسة التي يقدمها الفيلم هي أهمية الصدق والأمانة في الفن والأدب، وإذا لم يتوفر الصدق والأمانة فإن هناك عواقب لا بد من مواجهتها. ومن أهم ما يميز هذا الفيلم قوة أداء ممثليه، وفي مقدمتهم الممثل المخضرم جيريمي أيرونز في دور الرجل العجوز والممثلون برادلي كوبر وزو سالدانا وبين بارنز ونورا أرنيزيدر. كما يتميز الفيلم ببراعة الإخراج الفني والتصوير الواقعي للفترات الزمنية التي وقعت فيها أحداث قصة الفيلم.
عرض فيلم «الكلمات» في مهرجان سندانس السينمائي للأفلام المستقلة. وصعد الفيلم إلى المركز الرابع في قائمة الأفلام التي تحقق أعلى الإيرادات في دور السينما الأميركية في أسبوعه الافتتاحي، وحقق الفيلم 11 مليون دولار على شباك التذاكر خلال الأسابيع الثلاثة الأولى لعرضه. وتم إنتاج هذا الفيلم، كفيلم مستقل، بميزانية محدودة اقتصرت على ستة ملايين دولار، وهي تكاليف منخفضة جدا في عرف هوليوود هذه الأيام، حيث تبلغ تكاليف إنتاج الأفلام التي تنتجها استوديوهات هوليوود الكبرى في المعدل أكثر من 100 مليون دولار، وتصل تكاليف إنتاج بعض الأفلام إلى 250 مليون دولار أو أكثر في بعض الأحيان.
