لكلّ من يروّج للطائفيّة: أغلق فمك
جو 24 :
أصحاب الخيال الواسع من مؤلّفي القصص والخرافات، باتوا يشكّلون خطراً حقيقيّاً على الأمن الوطني. مؤلّفاتهم الرديئة والسخيفة التي تفوح بها مواقع التواصل الاجتماعي، تعبّر عن كراهية لهذا المجتمع الذي يعيشون فيه.
"طوشة" اندلعت بسبب خلاف حول ركن إحدى المركبات، تحوّلت بقدرة قادر، أو بإخراج أصحاب الفكر السطحي، إلى حديث حول الـ "طائفيّة"، والخلافات -المختلقة- بين مسيحيّي الوطن ومسلميه.
كلّ ما في الأمر أنّ أحدهم -وهو مسلم بالمناسبة- اختبأ بكنيسة الروم الكاثوليك بالزرقاء، بعد أن لاحقه أقارب من تشاجر معه، والذين قاموا برشق الحجارة، وليس للقضيّة أيّة أبعاد دينيّة، ولا تحمل في طيّاتها أيّة نيّة باستهداف طائفة أو معبد.
ولكن مع الأسف، يوجد من يهوى لغة التحريض ويحاول العبث بالأمن المجتمعي.. لهؤلاء نقول كلمة واحدة فحسب: أغلق فمك! ليس في الأردن مسلم ومسيحي، في الأردن يوجد أردنيون فقط، ولكلّ دينه الذي يعدّ اعتناقه مسألة شخصيّة بحتة، لا يملك أيّ كان المجادلة بها.
لا يوجد في هذا البلد الآمن -رغم كلّ ما يعصف بالإقليم- من هو حريص على المؤسّسات الدينيّة المسيحيّة أكثر من المسلمين، ولا يوجد أيضاً من هو حريص على أمن المسلم وسلامته أكثر من المسيحيّين. التكافل الاجتماعي في الأردن لا يمكن اختزاله بكلمه "تعايش"، فالتعايش يفترض وجود آخر، ولا مكان لمفهوم الآخر في أذهان الشرفاء من أبناء هذا المجتمع الواحد.
منذ انبعاث رسالة الإسلام، وأبناء هذا البلد يعيشون معاً، دون أيّة اعتبارات طائفيّة، ولا يوجد مبرّر لاختلاق خلافات دينيّة لا وجود لها بالأساس. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: لمصلحة من يخوض عديمو الضمير في حديث طائفيّ مدمّر.
كثيرة هي الدول الطامعة، التي تواصل نهب المنطقة واستغلال أهلها وتمزيقها سياسيّاً وجغرافيّا، تتذرّع بحكاية "الأقليّات"، وتتّخذ من وجود مسيحيّي المشرق ذريعة لتحقيق أهدافها الاستعماريّة، ولكن المسيحيّين العرب كانوا في مقدّمة من واجه هذه الأطماع، وقدّمو دماءهم ثمناً لأوطانهم، والدم واحد.
والمتوقّع من الجهات المختصّة إنزال أغلظ العقوبات لكلّ من تسوّل نفسه إثارة النزعات الطائفيّة. وحتّى في حال حصلت حادثة ما بشكل حقيقيّ، وليس كمجرّد اختلاق أرعن، فالأصل احتوائها ومعالجتها على الفور، وليس تحويلها إلى وقود بهدف إحراق البلد.