2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

إلى وزير الداخلية

إلى وزير الداخلية
جو 24 :
روبرت فون مول، قدّم مفهوم دولة القانون في أهمّ المؤلّفات التي نشرت باللغة الألمانية: "العلوم الألمانية للشرطة وفقا لمبادئ الدولة الدستورية". كان هذا في العام 1832. يعني قبل نحو 200 سنة عرفت دولة القانون بأنّها الدولة التي تقتصر سلطتها على حماية المواطنين من الممارسة التعسفية للسلطة.

الأصل أن هنالك قانونا يضمن حقوق كافّة المواطنين، وعلى الدولة تطبيقه على أدواتها أوّلاً، أمّا التعسّف فهو نقيض ذلك، وقد ولّى زمن الامبراطوريّات التعسّفيّة والسلطات البرجوازيّة منذ اختراع الآلة. الدولة يفترض أن تصان هيبتها، وهذا لا يتحقّق باختراق قانونها، عبر القمع والضرب، بل بحماية الناس ورعاية أمنهم.
 

اليوم -في العام 2016- نشهد اختراق أجهزة أمنيّة للقانون الذي يفترض أن تطبّقه الدولة!! ما حصل في ذيبان مثال فاقع على هذا. ترى، كيف يمكن أن تتوقّع من المواطن الالتزام بالقانون في ذات الوقت الذي يخترقه فيه جهاز الدرك؟!

ألم يضمن القانون حريّة الرأي والتعبير بالطرق السلميّة؟ أوليس واجب أدوات الدولة تطبيق ما يسنّه المشرّع من قوانين؟! متعطّلون عن العمل عبّروا عن مطالبهم بالوسائل التي يتيحها القانون، فماذا كانت النتيجة؟!

قنابل مسيلة للدموع تخنق الناس في منازلهم بالغاز.. ضرب المارّة في الشوارع.. قوّة مفرطة واعتداء على المتعطلين عن العمل، لمجرّد تعبيرهم عن رأيهم باعتصام سلمي لا يتأذى منه أحد!!

ترى، ما الذي يدور في خلد وزير الداخليّة سلامة حمّاد أثناء اقتراف مثل هذه المغامرات؟ وكيف يمنح نفسه الحق بإسكات الناس ومنعهم من التعبير، بل والاعتداء عليهم على هذا النحو؟!

ما حصل في ذيبان لا يمكن وصفه إلاً بالكارثة التي تثبت صلافة سياسة القمع وتكميم الأفواه. كلّ ما طالب به المعتصمون هو فرص عمل لائق يتيح لهم الحصل على كفاف يومهم، والوسيلة التي اختاروها للتعبير كانت سلميّة بامتياز، فما هو مبرّر على ما حصل يا وزير الداخليّة؟!

بالأمس، خلال موجة الربيع العربي، شهدنا التعسّف والقمع، في مواجهة المطالب السياسيّة الإصلاحيّة، كانت الخوف من التغيير الذي اجتاح المنطقة، هو ما دفع السلطات إلى ممارساتها في الاستماتتة لإسكات الناس! كان هنالك حديث عن "أجندات خارجيّة" و"الاستقرار" و"الأمن الناعم والخشن" وما إلى ذلك.. ولكن..

ما هو المبرّر اليوم لهذا القمع الجاثم على صدر ذيبان، كلّ ما أراده الناس فرصة عمل.. هل المطالبة بالعمل تستوجب كلّ هذا العنف؟! ألا يحقّ للمواطن أن يجد قوت يومه؟! أو ربّما هنالك من يريد دفع الناس -عن قصد أو دون قصد- إلى عالم الجريمة.

هذا التعامل مع المواطنين مرفوض تماماً، ولن ينتج عنه إلاً الفوضى الهدّامة، وسيلقي بالبلد إلى التهلكة، خاصّة في ظلّ الظروف الإقليميّة الحسّاسة التي نعيشها.. فإلى أن تمضي بنا يا معالي الوزير؟!

ولكن مهلاً، قوّات الدرك غير تابعة لوزارة الداخليّة!! ما يعني أن الرجل ليس مسؤولاً عن تصرّفات جهاز الدرك، الذي فعل ما فعله في ذيبان.. إذا ليس عليك حرج معاليك، فما حدث كان خارج نطاق صلاحيّاتك.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير