كارثة المدارس الخاصّة
جو 24 :
أغلب الناس يأملون توفير أفضل وسائل التعليم لأبنائهم وبناتهم. المدارس الحكوميّة مكتظّة بالطلبة، ورغم الإنجازات الرائعة التي حقّقهتا د. محمد ذنيبات، وزير التربية والتعليم، إلا أن معالجة التراكمات التي أرهقت القطاع العام تحتاج لكثير من السنوات.
على أيّة حال، يصرّ كثير من المواطنين على إرسال أبناءهم للمدارس الخاصّة، يتكبّدون أعباء ماليّة لا يكاد الواحد منهم يحتلمها، أملاً بتوفير تعليم أفضل لفلذات أكبادهم.
ولكن مهلاً، هل حقّاً توفّر المدارس الخاصة تعليماً "أفضل" ممّا تقدّمه المدارس الحكوميّة؟! لا يغرّك الدرجات المرتفعة التي يضعها المعلّم في القطاع الخاص على شهادة نجلك أو نجلتك، فـ "التسعينات" التي يحصدها الطلبة، توضع في كثير من المدارس الخاصّة دون تصحيح أوراق الاختبارات. النتيجة المرتفعة لا تعني بالضرورة اكتساب المعرفة.
سياسة لم تعد خافية على أحد، تتّبعها كثير من المدارس في القطاع الخاص، ويمكن تلخيصها بعبارة: علامات مرتفعة لجميع الطلبة، بهدف إقناع ذويهم بأنّ المدرسة قادرة على تحويل طلبتها إلى عباقرة، قبل أن يرتدّ إليك طرفك!
أمّا المعلّم الغلبان الذي يكدح في مثل هذه المدارس، فهو مرغم على تجاوز مبادئه، عبر "السخاء" في منح الدرجات المرتفعة لكلّ من لا يستحقّها، أضف إلى ذلك حرمانه من حقوقه الأساسيّة، فمثلاً تراه مضطّراً –بأمر من الإدارة- على الاستقالة قبل العطلة الصيفيّة، حتّى لا يتحمّل مالك المدرسة "أعباء" راتبه خلال العطلة، وفي العام الجديد يتاح للمعلّم التقدّم مجدّداً لوظيفته السابقة، شريطة توقيع عقد ينتهي قبل العطلة.
كما أن معظم العاملين في قطاع التعليم الخاص هم من الإناث، وذلك لأن رواتبهم أقلّ من تلك التي يتقاضاها زملاءهم الذكور، ليتضاعف الاستغلال ويتجلّى بأقبح صوره.
ووليّ الأمر المخدوع لا يدرك أن المعلّمين المبتلين بالقطاع الخاص، تشغلهم فواتيرهم وظلم الإدارة، أكثر ممّا يشغلهم تعليم الطلبة، وأن ما يضعونه من "علامات" لا يعبّر بالضرورة عن إنجازات الطلبة.
معضلة مستفحلة في القطاع الخاص، وعلى كلّ المستويات، والمطلوب وضع حلول جذريّة تجتثّ هذا الظلم والخداع.