فوز أوباما..ملاحظات أولية
لميس أندوني
جو 24 : لن تكون هناك تغييرات جوهرية، في عهد الرئاسة الثانية لباراك أوباما، تجاه منطقتنا، وإن كانت ستكون هناك خطوات أكثر حسماً تجاه الملفين الإيراني والسوري، ومحاولة إعادة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات، في محاولة أخرى لفرض حل الأمر الواقع الإسرائيلي الصنع والمنشأ.
لكن هناك نقطة مهمة يجب الالتفات إليها وهي إن موقف أوباما من مشاكل الاقتصاد الأمريكي كان العامل الحاسم في نجاحه، وبالخصوص الدور الحكومي في معالجة القضايا الاجتماعية الاقتصادية، ولو كان بحد أدنى كثيراً مما كان يطالب به بعض الاقتصاديين ومجموعات عمالية ومراكز أبحاث متخصصة في مسائل الفقر والعدالة الاجتماعية.
افتتاحية النيويورك تايمز، رأت أن انتخاب أوباما، يمثل نقطة قطع تام عن السياسة الاقتصادية "الريغانية"، التي وضعها الرئيس رونالد ريغان وأساسها تقويض دولة الرعاية الاجتماعية، التي لجأت إليها أمريكا لمواجهة أزمة الكساد العظيم في الثلاثينيات من القرن الماضي.
وصف الصحيفة الأمريكية مبالغ فيه: فحتى خطة أوباما للرعاية الصحية خضعت لمساومة مع شركات التأمين الصحي الكبيرة، فأوباما لم يصبح اشتراكيا أو حتى من أتباع منظري الرأسمالية الرحيمة مثل جون كينز وجون كينينث غالبريث.
لكن فيما تدفع أمريكا الحكومات العربية، من خلال صندوق النقد الدولي، على اللبرلة الشاملة للاقتصاد، وخصخصة خدمات القطاع العام، ورفع الدعم عن السلع الأساسية والمحروقات، تلجأ عند الحاجة إلى زيادة الدور الحكومي للحفاظ على التوازن الاجتماعي، ولو بالحد الأدنى.
فالتصويت الذي حسم النتيجة لصالح أوباما ضد منافسه الجمهوري، ميت رومني، جاء مما يعرف بمنطقة " حزام الصدأ"، وخاصة ولاية أوهايو، التي أنقذ قرار أوباما صناعات المركبات والسيارات فيها، من خلال تحويل 850 مليونا من الخزانة الأمريكية إليها، ونجحت الخطة، ما أنقذ مدن ومجتمعات كاملة من الانهيار الاقتصادي، نتيجة إغلاق المصانع وفقدان الوظائف، وتأثر كل نواحي الحياة المالية والاجتماعية فيه فحكوماتنا تتبع بولاء متعصب، وصفات اللبرلة الاقتصادية، بينما مراكز القرار الأمريكية مستعدة، في محاولة لإنقاذ الأسواق الرأسمالية، حتى لو التهمت مصالح العمال والفقراء، للتأقلم لحلول أزماتها ولو للمدى متوسط، لكن هذا يتطلب التخلي عن عقلية التبعية.
وكما في الاقتصاد، كما في السياسة، فالمشكلة في عقلية التبعية، التي تحصر التفكير في الاعتماد على تغييرات في السياسة الأمريكية، لأنه لا مكان لتوقعات بسياسة أكثر توازناً أو أقل استعمارية في مضمونها، فالاستمرارية هي القوة المحركة، إلى حين كسر سطوة قطب القوى العظمى الأوحد.
لكن باختصار أوجز هنا بعض التوقعات لمواقف الإدارة الجديدة، من قضايا المنطقة، وإن كانت ستكون مشغولة في الفترة الأولى بالقضايا الاقتصادية:
- ستبقى إيران هي المحور الرئيسي، ولن تكون ضربة عسكرية، قبل إطلاق مبادرة دبلوماسية، تمت تسميتها "الصفقة العظمى"، تعرض على إيران شروط تعجيزية لقبول الغرب باستمرار برنامجها النووي السلمي، مقابل تخليها عن تصنيع القنبلة، والهدف منها حشر طهران في الزاوية، لكسب تأييد عالمي لعلمية عسكرية، وإن كانت غير مقررة بعد.
- سوف تقرر الإدارة اختيار أية قيادة معارضة تستطيع الاعتماد عليها لتبني خطة عسكرية لإسقاط النظام السوري، أو الوصول إلى تفاهم مع روسيا، لحل يعتمد انتقالا للسلطة، علما بأن الضغوط في صالح الخيار الأول، ولكن القرار مرتبط بالملف الإيراني بشكل أساسي وعلى الموقف الروسي.
- تصعيد الضغوط على السلطة الفلسطينية والفلسطينيين، بحجة ضمان عدم انهيار السلطة مقابل التخلي عن محاولة الحصول على اعتراف بعضوية فلسطين كدولة غير كاملة العضوية في الأمم المتحدة و فرض الحل الإسرائيلي على الأرض.
في المحصلة، لا يمكن الارتهان لا للقرارات الاقتصادية ولا السياسية لتوقعات بمواقف أمريكية أفضل، لكن للأسف ذلك لن يغير السياسات الرسمية العربية في شيء.
(العرب اليوم)
لكن هناك نقطة مهمة يجب الالتفات إليها وهي إن موقف أوباما من مشاكل الاقتصاد الأمريكي كان العامل الحاسم في نجاحه، وبالخصوص الدور الحكومي في معالجة القضايا الاجتماعية الاقتصادية، ولو كان بحد أدنى كثيراً مما كان يطالب به بعض الاقتصاديين ومجموعات عمالية ومراكز أبحاث متخصصة في مسائل الفقر والعدالة الاجتماعية.
افتتاحية النيويورك تايمز، رأت أن انتخاب أوباما، يمثل نقطة قطع تام عن السياسة الاقتصادية "الريغانية"، التي وضعها الرئيس رونالد ريغان وأساسها تقويض دولة الرعاية الاجتماعية، التي لجأت إليها أمريكا لمواجهة أزمة الكساد العظيم في الثلاثينيات من القرن الماضي.
وصف الصحيفة الأمريكية مبالغ فيه: فحتى خطة أوباما للرعاية الصحية خضعت لمساومة مع شركات التأمين الصحي الكبيرة، فأوباما لم يصبح اشتراكيا أو حتى من أتباع منظري الرأسمالية الرحيمة مثل جون كينز وجون كينينث غالبريث.
لكن فيما تدفع أمريكا الحكومات العربية، من خلال صندوق النقد الدولي، على اللبرلة الشاملة للاقتصاد، وخصخصة خدمات القطاع العام، ورفع الدعم عن السلع الأساسية والمحروقات، تلجأ عند الحاجة إلى زيادة الدور الحكومي للحفاظ على التوازن الاجتماعي، ولو بالحد الأدنى.
فالتصويت الذي حسم النتيجة لصالح أوباما ضد منافسه الجمهوري، ميت رومني، جاء مما يعرف بمنطقة " حزام الصدأ"، وخاصة ولاية أوهايو، التي أنقذ قرار أوباما صناعات المركبات والسيارات فيها، من خلال تحويل 850 مليونا من الخزانة الأمريكية إليها، ونجحت الخطة، ما أنقذ مدن ومجتمعات كاملة من الانهيار الاقتصادي، نتيجة إغلاق المصانع وفقدان الوظائف، وتأثر كل نواحي الحياة المالية والاجتماعية فيه فحكوماتنا تتبع بولاء متعصب، وصفات اللبرلة الاقتصادية، بينما مراكز القرار الأمريكية مستعدة، في محاولة لإنقاذ الأسواق الرأسمالية، حتى لو التهمت مصالح العمال والفقراء، للتأقلم لحلول أزماتها ولو للمدى متوسط، لكن هذا يتطلب التخلي عن عقلية التبعية.
وكما في الاقتصاد، كما في السياسة، فالمشكلة في عقلية التبعية، التي تحصر التفكير في الاعتماد على تغييرات في السياسة الأمريكية، لأنه لا مكان لتوقعات بسياسة أكثر توازناً أو أقل استعمارية في مضمونها، فالاستمرارية هي القوة المحركة، إلى حين كسر سطوة قطب القوى العظمى الأوحد.
لكن باختصار أوجز هنا بعض التوقعات لمواقف الإدارة الجديدة، من قضايا المنطقة، وإن كانت ستكون مشغولة في الفترة الأولى بالقضايا الاقتصادية:
- ستبقى إيران هي المحور الرئيسي، ولن تكون ضربة عسكرية، قبل إطلاق مبادرة دبلوماسية، تمت تسميتها "الصفقة العظمى"، تعرض على إيران شروط تعجيزية لقبول الغرب باستمرار برنامجها النووي السلمي، مقابل تخليها عن تصنيع القنبلة، والهدف منها حشر طهران في الزاوية، لكسب تأييد عالمي لعلمية عسكرية، وإن كانت غير مقررة بعد.
- سوف تقرر الإدارة اختيار أية قيادة معارضة تستطيع الاعتماد عليها لتبني خطة عسكرية لإسقاط النظام السوري، أو الوصول إلى تفاهم مع روسيا، لحل يعتمد انتقالا للسلطة، علما بأن الضغوط في صالح الخيار الأول، ولكن القرار مرتبط بالملف الإيراني بشكل أساسي وعلى الموقف الروسي.
- تصعيد الضغوط على السلطة الفلسطينية والفلسطينيين، بحجة ضمان عدم انهيار السلطة مقابل التخلي عن محاولة الحصول على اعتراف بعضوية فلسطين كدولة غير كاملة العضوية في الأمم المتحدة و فرض الحل الإسرائيلي على الأرض.
في المحصلة، لا يمكن الارتهان لا للقرارات الاقتصادية ولا السياسية لتوقعات بمواقف أمريكية أفضل، لكن للأسف ذلك لن يغير السياسات الرسمية العربية في شيء.
(العرب اليوم)