الملقي لا يدري
جو 24 :
تامر خرمه- "كيف أنزل الضرائب وأخفض المديونية".. عبارة لخّص بها رئيس الوزراء، د. هاني الملقي، خلال زيارته لغرفة تجارة عمان السبت، سياسته الاقتصادية التي لن تتجاوز ما سنّته الحكومة السابقة، والتي كانت نقيّة الإخلاص للكارثة النيوليبراليّة.
سياسة اعتباطيّة تتخذ من جيوب الفقراء حلاً للأزمات التي تحترف الحكومات المتعاقبة اختلاقها. الغريب أن حكومة الملقي، التي تتصدّر بتصريحات رئيسها صفحات وسائل الإعلام، أثبتت عدم رغبتها بالتعلّم من العبر والدروس السابقة. حكومة النسور لجأت إلى ذات المقاربة، فماذا كانت النتيجة؟!
رفع الضرائب على غلابى الوطن، وإرخاء الحبل الضريبي للبنوك والشركات الأجنبيّة أفرز النتيجة التي لمسها الملقي بنفسه، فالرجل قالها علانية: إن الأردن مخالف لقانون الدين العام، حيث وصلت المديونية إلى 93% من مجمل الناتج القومي.
ما دمت تدرك يا دولة الرئيس أن هذه المقاربة أثبتت فشلها، فلم تصرّ على اجترارها، وتناقض ما يصدر عنك من تصريحات، أم هل بات استغفال الناس لعبة تتسلّى بها الحكومات؟!
الملقي أضاف في حديثه "العذب": "ممكن إلغاء الجمارك والإبقاء على ضرائب المبيعات فقط"، ما يعني أنّ الغلابى هم فقط ما تتجه أنظار الحكومة لدراهمهم المعدودة، أمّا جهابذة الاستثمار و"البزنس" فلا خوف جمركيّ عليهم ولا هم يحزنون!!
والأنكى من هذا أن الرجل قال بالحرف الواحد: "هل كل فلس ضريبة أو رسم حكومي دُفع سابقا ذهب لوجهته الصحيحة؟"، ليجيب: "ما بعرف"، متابعا: نريد بناء قاعد الثقة مع بعضنا البعض.
أيّة ثقة يا دولة الرئيس؟ ما دمت "لا تعرف" فربّما آن أوان المعرفة!! أوليس اجتثاث الفساد بكفيل بإخراج الدولة من عنق الزجاجة؟ أموال الفاسدين تفوق ما تجنيه الدولة من ضرائب المبيعات بعشرات بل ومئات الأضعاف، فلم لا تدرك الحكومات أن الحلّ يكمن هناك، في بنوك الفاسدين؟!
الفتات الذي تجنيه الدولة من عرق الغلابى لن يقود إلى شيء، المديونية تجاوزت الحدّ الذي يعلن عنده عن دقّ ناقوس الخطر منذ زمن، ولاتزال الحلول العاجزة ذاتها تفرض نفسها على كلّ متربّع على عرش الدوّار الرابع!! حلول محدّدة بالضرائب المفروضة على الفقراء، أمّا الضرائب التي ينبغي أن يدفعها جلاوزة الاستثمار، فليس للحكومة أدنى فكرة عن مصيرها، وكان الله بالسرّ عليما!!