عقل بلتاجي الأنيق
جو 24 :
المشهد الأول: عقل بلتاجي، أمين عمان، يرتدي زيّ عمّال الوطن، ويمارس العمل اليدويّ وكأنّه يتقنه منذ نعومة أظفاره. انتهى.
يرجى إرسال الصورة إلى مختلف وسائل الإعلام، والتأكّد من تداولها جيّداً على "فيسبوك".
المشهد الثاني: سيّارة سوداء فارهة، تتوقف قرب دوار باريس -"الحاووز"- في جبل اللويبدة، يترجّل منها السائق ببدلته السوداء -بدلة عتيقة وليست على "الموضة" لكن لا بأس بها- يهرول لفتح الباب لأمين عمان، عقل بلتاجي، الذي يترجّل على مهل.
يظهر صاحبنا ببدلته البيضاء التي لا تكاد ترى عليها ذرّة غبار.. يلقي بنظرة خاطفة إلى السماء، ثم نظرة عابرة على ما حوله. يلقي السلام على بعض المتواجدين، ويتّجه إلى أحد أشهر صالونات الحلاقة في عمان.
اها.. هذه هي الصورة الحقيقيّة التي تلتقطها عدسة الواقع في نهاية كلّ أسبوع، حيث اعتاد صاحبنا الى الذهاب الى أعتق صالونات الحلاقة، اهتماما بمظهره الخارجيّ.. وهذا جميل.
إيّاك أن تفكّر في الذهاب الى الصالون المذكور، فهو ليس لـ "مين من كان"، ولا يفتح أبوابه إلاّ وفقا لمواعيد يحدّدها كبار المسؤولين. أمّا أجرة الحلاقة فيه، فمقدارها رهن عنان مخيّلتك!
طبعا من حقّ أيّ ثريّ الاستمتاع بأمواله، وهذا حقّ مشروع. المال وجد بهدف الإنفاق، وتكديسه من سمات البخلاء. وإذا كان "اللحاف" بالغ الطول، فيمكنك مدّ قدميك قدر ما تشاء، فهذه مسألة شخصيّة.
ولكن لعبة البروباغاندا تحتاج دائما إلى تحديث، فنشر صور الأغنياء وهم يقومون بعمل الفقراء، ويرتدون ثيابهم، بات "موضة" قديمة. هنالك الكثير من الوسائل المبتكرة للدعاية وتسويق الذات، وليس على من يرتدي الثياب ناصعة البياض استبدالها بزيّ العمّال في حضرة كاميرات الإعلام، لا يوجد من هو مرغم على ذلك.
الوسيلة المثلى لترويج الذات هي العمل الجدّي والدؤوب، فعندما تكون عمان كاملة النظافة، وخدمات أمانة العاصمة ميسّرة، وحسنة الجودة، وقتها، وقتها فقط، يمكن لأيّ أمين لعمان أن يكون "علم في رأسه نار".