عالم يدّعي التحضّر ويزايد على الأردن
جو 24 :
كثير من المنظّمات الإنسانيّة الدوليّة، كهيومن رايتس ووتوش وغيرها، انتقدت الأردن بسبب عدم فتح الحدود الشماليّة الشرقيّة على مصراعيها، لاستقبال أخوتنا اللاجئين السوريّين، العالقين في مخيّم الرقبان.
هذه المنظّمات تطرح جدليّة إنسانيّة بحتة، دون أخذ البعد الأمني بعين الاعتبار على الإطلاق، بل وتتجاهل تنكّر العالم بأسره لقضيّة اللاجئين السوريّين، وتحميل هذا العبء لدول شحيحة الموارد، كالأردن ولبنان.
كم من اللاجئين ماتوا على شواطئ أوروبا "المتحضّرة" وهم يحاولون العبور عبر قوارب الموت؟ أمام أعين خفر السواحل يمون آلاف اللاجئين دون أن يتحرّك العالم المتقدّم لإنقاذهم.
مؤخّراً أعلنت منظّمة أطبّاء بلا حدود رفضها لاستقبال أيّ تمويل من دول الاتّحاد الأوروبي بسبب موقف القارّة العجوز وسياساتها تجاه اللاجئين. هذا موقف شريف يشاد به ونأمل من المنظّمات المعنيّة بحقوق الإنسان الالتفات إليه.
تحميل الأردن وحده مسؤوليّة ما لا طاقة للدولة به لا يمكن وصفه إلاّ بالظلم، وإذا كانت هذه المنظّمات الحقوقيّة معنيّة حقّاً بالإنسان فعليها مراجعة أجنداتها وخطابها، والسير خلف خطوات "أطباء بلا حدود"، عوضا عن نشر خطاب رومانسي لا يتّصل بأرض الواقع بأي شكل من الأشكال.
كم هي نسبة اللاجئين الذين استقبلتهم دول أوروبا؟ رغم تدخلاتها السافرة في المنطقة، لم تستطع تلك القارّة المترهّلة استقبال أعداد منطقيّة من اللاجئين، وبعد كلّ هذا يحاول ساستها تحميل الأردن وزر خطاياهم!!
قضيّة اللاجئين مسألة إنسانيّة لا يجادل أحد بعدالتها، ولكن أن يمنّ العالم علينا بما يقدّمه من مساعدات شحيحة مقابل تحمّل نتائج تدخّلاته السافرة في سورية والعراق وغيرهما، ما عاد مقبولاً على الإطلاق. إن كان هنالك فعلا مساحة للإنسانيّة في ضمائركم الغائبة فعليكم استقبال اللاجئين، أو الكفّ عن المزايدة العمياء بشعارات تستند إلى معايير مزدوجة، تفوح منها نتانة القبح والرياء!!