الخطاب الديني ولعبة التنصل من المسؤولية
الجامعة العربية شددت على ضرورة تصحيح الخطاب الديني لمواجهة التطرف. جاء ذلك في كلمة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، خلال الجلسة الافتتاحية للملتقى العربي للإعلام والذي عقد بالخرطوم اليوم الخميس، تحت عنوان "دور الإعلام العربي في التصدي لظاهرة الإرهاب"، والتي ألقاها نيابة عنه السفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام.
كثيرة هي الدعواتالرسمية، وتلك التي تصدر عن منظمات المجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية، والتي تركز على الدوام على مسألة الخطاب الديني، وضرورة إصلاحه. ولكن هل تكمن المشكلة هنا؟ وهل ما يدفع الشباب الى التشدّد أو اعتناق الأفكار المتطرّفة، ناتج عن تحريض خطيب هنا أو هناك؟!
العالم العربي، الذي ترفض معظم حكوماته اتّخاذ أي خطوة حقيقية نحو الإصلاح الاقتصادي وتحسين ظروف الناس المعيشية، والذي ينخر فيه الفساد ويجثم الاستبداد فوق صدره، والذي تغيب عنه أدنى أسس الديمقراطية ودولة المواطنة، من الصعب الجزم بأن مشكلته تتعلق بالخطاب.
في العام 2011 خرج الناس في تونس ومصر وسورية وغيرها بمسيرات سلميّة، تتلخص مطالبها بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية، فماذا كانت النتيجة، ردّت الحكومات بالرصاص، قتلت من قتلتوعذّبت من عذّبت، وأغرقت كثيرا من الدول في أتون حروب أهلية طاحنة.
لم يكن هنالك مخاطر تتعلّق بالإرهاب آنذاك، كل ما أراده الناس هو شهيق حرية، لا أكثر ولا أقل، فما الذي حدث؟ ومن استدعى غول الدمار إلى المنطقة؟!
هل أي نوع من الخطابات هو المسؤول عن ذلك؟ المطالب آنذاك كانت واضحة وعادلة، ولا علاقة لها بخطاب ديني من أي نوع، ولكن ما جنته الحكومات على شعوبها، هو ما خلق هذا الفرانكشتاين، الذي يدّعون محاربته في ذات الوقت الذي يكرّسون له في فرص البقاء.