2024-11-27 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

عزل غزة عن الضفة؟

لميس أندوني
جو 24 : لا يمكن فصل سياق العدوان الإسرائيلي، عن طموحات قديمة جديدة، مثل اكتمال الفصل السياسي بعد الجغرافي لقطاع غزة، عن الضفة الغربية، وتحييد "المقاومة في غزة " في حال إقرار ضربة عسكرية ضد إيران، وتصعيد الضغط الأمريكي على النظام في مصر ليلعب دورا وظيفياً، متكاملا في خدمة الأهداف الإسرائيلية.
فصل غزة عن الضفة، بما يعنيه من "رمي القطاع في أحضان مصر" وبالتالي رمي " الضفة ( محتلة ومجزأة كما هي) في حضن الأردن" ليس هدفاً آنيا، بل يدخل في صلب الإستراتيجية الإسرائيلية الرامية إلى تفتيت وحدة الشعب الفلسطيني وتمثيله، تمهيداً لتصفية حقوقه الوطنية الجمعية والفردية.
إسرائيل تعتبر الحرب الحالية على غزة جزءا من حرب متواصلة، أهم حلقاتها الحصار المستمر على غزة وحرب 2008-2009، وتحسبها بالخطوات الصغيرة، أي مثلاً بمحاولة عقد صفقات مع حركة حماس، ترسخ تجزئة التمثيل السياسي الفلسطيني، مستفيدة من استمرار الانقسام، ومن دور الجدار العازل في تقليص من قدرة الشعب الفلسطيني في الضفة، بما في ذلك القدس، من المواجهة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
التعبئة الجماهيرية، في الضفة الغربية والقدس، وفي بقية أرض فلسطين التاريخية – أراضي 1948- والشتات ضرورية بل وشرط من إفشال المخطط الإسرائيلي، وعليه فإن أية محاولة من السلطة الفلسطينية لمنع التظاهرات، وأشكال المقاومة، التي تأخذ طابعاً سلمياً أصلا مرفوضة، فشمولية المواجهة الشعبية، بكل منطقة وفقاً للوسائل المتاحة هي خط المواجهة وتدعيم للمقاومة على الأرض.
لكن خطر المسألة هي في الأجواء العربية والإقليمية، لأن أية محاولة عربية وبالذات الخليجية، لأن تكون الأولية لتثبيت حكم حماس لغزة، بمعنى انفصالي، تقوية لدور هذه الدول، أو تنظيم الإخوان المسلمين، تدخل في دائرة، تسهيل الأهداف الإسرائيلية.
لا أتحدث هنا عن الخيار بين حركتي فتح وحماس، أو بين سلطتي رام الله وغزة، بل كتحذير من أن إسرائيل تعي أن بإمكانها استخدام التنافس بين الطرفين، لتعميق الفصل السياسي، والدخول إلى مرحلة متقدمة من لعبة صراع على سلطات منقوصة السيادة، باسم تمثيل الشعب الفلسطيني وحقوقه، لكنه صراع على القبول الأمريكي بأحد الطرفين كلاعب أساسي في مفاوضات فاشلة ومدمرة.
فأمريكا لن تتراجع عن موقفها من طلب منظمة التحرير الفلسطينية، الاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة كدولة غير كاملة العضوية، ولن تضغط على إسرائيل لرفع الحصار عن غزة والتخلي عن شروطها لتدمير القدرة العسكرية واللوجستية للمقاومة، فوزيرة الخارجية الأمريكية، تصل المنطقة لدعم إسرائيل وليس حقناً للدماء الفلسطينية.
وهنا يأتي دور مصر،لأن العملية العسكرية هي رسالة إلى الرئيس المصري، بأن الالتزام بمعاهدة كامب ديفيد غير كاف، فدوائر صنع القرار الأمريكية، تعتبر حماس " الشريك الأصغر" لحركة الإخوان المسلمين في مصر، وعليه هناك شروط جديدة، تنتظر من القاهرة تطويعا ليس فقط حركة حماس بالكامل، بل تطويع كل تنظيمات المقاومة في غزة - فبالنسبة لواشنطن فإن الرئيس محمد مرسي يملك ورقة تأثير على حماس، لم يكن حسني مبارك يحلم بها في رأيهم.
لذا نرى مطالبات متجددة بالتهديد بوقف المساعدات الأمريكية لمصر في حال رفض مرسي قيامه بدوره المطلوب من دون نقصان، خاصة إذا أرادت حركة الإخوان المسلمين إثبات حسن سلوكها مقابل قبول الدعم الأمريكي لوصول الإخوان المسلمين إلى الحكم سواء في دول ما بعد الثورات أو قبلها، وبالأخص في سورية.
فأحد الشروط الإسرائيلية للموافقة على الهدنة، وفقاً لمسؤول فلسطيني، هو تسليم حماس، جميع الأسلحة وبالأخص التي تملكها هي وحركة الجهاد الإسلامي إلى مصر، للقضاء على المقاومة وتسليم إدارة غزة إلى مصر!
أي إنهاء قوة الجهاد الإسلامي، لتوجيه ضربة قوية إلى طهران، وإفهامها أنه من غير المسموح استعمال المقاومة في غزة في الصراع الدائر بينهما، وبما يعني من تأجيج صراع بين حماس والجهاد الإسلامي، وتعميق صراع أوسع سنياً – شيعيا بين دول الخليج وإيران.
لا شك لدينا بشجاعة المقاومة، ولكن الخوف، الناتج عن اختلال موازين القوى والتواطؤ العربي، يعني أنه بإمكان المقاومة قض مضاجع إسرائيل، وتكبيدها خسائر معنوية، لكن النتائج السياسية لن تحسمها المقاومة وحدها، خاصة أن جوهر الذي يجري هو في التخلي عنها، بل والتآمر عليها.


(العرب اليوم)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير