ممنوع من الوقوف.. ممنوع من البقاء
جو 24 :
ما هي المخالفة؟
شعبيا: هي ذلك المبلغ المالي الذي يدفعه المواطن لرقيب السير.
رسميّاً: هي ارتكاب فعل مخالف للقوانين المتعلقة بالمرور.
واقعيا: هي جباية بحتة.. لا يعلم إلا الله والراسخون في أسرار الأدراج مصيرها.
قد يستحيل عليك عزيزي المواطن عبور أيّ شارع دون ارتكاب "مخالفة" سير، فهذا جزء من دين الدولة الذي ينبغي عليك سداده، حتّى وإن لم تقترض أي جزء منه.. المهمّ أنّ تدفع، فأنت أهمّ موارد الاقتصاد الأردنيّ!!
ومن أهمّ وأطرف المخالفات، مخالفة "ممنوع الوقوف أو التوقّف"، رغم غياب مواقف السيّارات عن أماكن التسوّق، أو غيرها من مناطق يفترض أن يؤمّها المواطن باستمرار، إلاّ أنك مرغم على المضيّ في سيرك.. "تقدّموا تقدّموا.. فكلّ موقف "جنبكم جهنّم". وإذا أردت العصيان عبر التوقّف لشراء حاجيّاتك، فادفع باللتي هي أحسن، "فالمول ليس أحسن من الدولة"!!
مقاربة عجيبة يعجز أدهى الناس عن فكّ طلاسمها. إذا كنت تريد ضمان سير الحركة المرورية، وعبّرت عن تلك الرغبة بملئ الشوارع بشواخص الممنوعات، فكيف غاب عن ذهنك بناء مواقف للمركبات؟! أم تراك تعشق ترنيمة الشيخ إمام: "وفي كل يوم بحبّك تزيد الممنواعت"!
هنا نصل إلى تعريف آخر لمفردة المخالفة: "رغيف لا تقسم.. ومقسوم لا تأكل"!!
الطريقة الجبائية التي يتمّ عبرها حصد المخالفات المروريّة، تقلب قوانين السير رأسا على عقب، الأصل أن يكون الهدف منع ارتكاب المخالفة، وليس ترصّدها وفرض كافّة شروط ارتكابها بهدف جمع الأموال.. هذا من جانب.
ومن جانب آخر.. من حقّ أيّ مواطن أن يتساءل، أين تصبّ هذه الأموال التي يجنيها رقباء السير في جباية "المخالفات"؟ هلّ يتمّ استخدامها لتقويض ظروف ارتكاب المخالفة، كإقامة مواقف للمركبات حتى لا يضطر السائق إلى التوقّف على ناصية الشارع؟! بالطبع لا. فالهدف هو دفعك لارتكاب المخالفة، ومن ثمّ إرغامك على الدفع.. هكذا تسير الامور.
ترى، أوليس من حقّ المواطن أن يعلم أيّ شيء يتّصل بأوجه إنفاق ما تحصّله الدولة لقاء مخالفات السير؟! هذا سؤال نطرحه على طاولة وزير الداخلية، الذي يبدو أنه احترف حصد أموال "المخالفات" التي لا يعلم إلا هو –ربّما- مصيرها.
وربّما يكون قدر مصير "غنائم السير" يصبّ في جنة مصالح جهات معينة، كجامعة العلوم التطبيقية، أو بعض النوادي الرياضية، التي أنفقت عليها أمانة عمان بسخاء، لبناء ملاعب خاصّة، من جيوب الغلابى.
وفي نهاية الأمر.. ثمة تساؤلين يفرضان نفسيهما على المشهد.. ما دامت أمانة العاصمة لا تترك مركبة "بحالها" إلاّ وحصدت ما تيسّر من أموال سائقها، فلم كلّ هذه الشكوى من العجز المالي؟!
أمّا التساؤل الثاني: لماذا لم تفض هذه "المخالفات= الجباية" إلى إخراج ما اتّفق على تسميته بـ "الباص السريع"، مثلا؟! أو غير ذلك من مشاريع مازالت تمضي على خطوات السلحفاة، من دائرة الوهم، رغم الأموال الطائلة التي يحصدها القائمون على أمر الفقراء، بحجّة قيادة المركبات.