محطات في مسيرة حكومة الملقي
فريق ركن متقاعد موسى العدوان
جو 24 :
عندما أطلت علينا حكومة الدكتور هاني الملقي قبل ما يزيد على أربعة اشهر، راودنا شيء من التفاؤل، باعتبار أن رئيسها أحد رجال التكنوقراط، الذين سينقلون الوضع الاقتصادي في البلاد – ولو كبداية - من حالة التردي الاقتصادي، التي أوصلتنا إليها حكومة الدكتور عبد الله النسور إلى وضع أفضل. فأبحرت سفينتها عبر محطات عديدة شهدت بعض الخلل وهي :
• المحطة الأولى، كانت برفع رسوم نقل ملكية السيارات، الأمر الذي أدى إلى زيادة العبء المالي على المواطنين، وتسبب بركود تجارة السيارات وتعثر عمل أصحابها عن العمل، دون أن تأبه الحكومة بشكواهم، مصرّة على متابعة أسلوب الجباية الذي أوغلت باتباعه الحكومة السابقة.
• المحطة الثانية، هي بإجراء الانتخابات النيابية من خلال ما سمي ب " الهيئة المستقلة للانتخابات ". وقد تابعنا تلك العملية التي جرت بطريقة عجيبة وبقانون يشبه الأحجية، عصيا على الفهم من قبل الناخب والمرشح، مع ما رافقه من إدعاءات بالتلاعب في تطبيقه.
أما عملية الفرز التي استمرت لأكثر من 48 ساعة فلم تكن مقنعة للكثيرين، وأوحت لهم بتدخلات خارجية أضرت باستقلاليتها. وإلاّ كيف تفسر الحكومة سرقة 11 صندوقا من صناديق الاقتراع، في دائرة بدو الوسط في وضح النهار ؟ ويجري ذلك رغم وجود الحراسات الأمنية والمراقبين والكمرات، وكل الاستعدادات التي صدعت الحكومة رؤوسنا بها قبل وخلال الانتخابات ؟
• المحطة الثالثة، في انتخاب أعضاء مجلس الأعيان. لقد نصت المادة 64 من الدستور على الشروط التي يجب توفرها في عضو مجلس الأعيان. ولكن المشرّع كان قد ختمها بعبارة تنسف كل ما قبلها، وتعطي حرية التصرف لصانع القرار في اختيار من يريد كعضو في المجلس، ألا وهي العبارة التالية : " . . . ومن ماثلَ هؤلاء من الشخصيات الحائزين على ثقة الشعب واعتماده بأعمالهم وخدماتهم للأمة والوطن ".
لا أدري كيف عَرِفتْ الحكومة أن بعض أولئك الذوات الذين جرى تعيينهم، حائزون على ثقة الشعب ؟ هل أجرت الحكومة استفتاء للشعب، أم (ضربت الودع) كما هي عادتها، لكي تصل إلى هذه النتيجة غير المقنعة؟ نحن في هذا البلد مكشوفين ونعرف بعضنا بعضا، وذاكرتنا ما زالت نشطة تختزن الأحداث الماضية. ونعرف بأن بعضا من الذوات المعينين قد صدرت بحقهم أحكام قضائية، نتيجة لتورطهم بقضايا فساد مشهودة، ولكن اليد الحانية أحاطتهم بالرعاية وتغاضت عن أفعالهم المشينة. فأين ثقة الشعب التي جرى اعتمادها تطبيقا لنص الدستور؟
وهنا أود أن أقدم اقتراحا بسيطا لمن يهمه الأمر، يتضمن تعديلا بسيطا في نص الفقرة 64 من الدستور، لكي تسهّل على صناع القرار تحقيق رغباتهم في التصرف كما يرغبون تحت مظلة قانونية، ألا وهي : استبدال عبارة " الحائزين على ثقة الشعب " الواردة في المادة أعلاه لتصبح "الحائزين على رضا بطانة الملك".
• المحطة الرابعة، في تعيين الوزراء. ففي التشكيل الحكومي الجديد لم يستشر رئيس الوزراء مجلس النواب في أسماء الوزراء المعينين ولو من باب المجاملة، طالما أن التصريحات الرسمية تؤكد على تشكيل الحكومات البرلمانية. ومن ناحية أخرى، فإذا ما أخذنا بالاعتبار عدد سكان الأردن المحدود إضافة لوضعه الاقتصادي الصعب، فإننا نتساءل: هل يستدعي ذلك تشكيل حكومة بثلاثين وزيرا، أم يستدعي تشكيل حكومة رشيقة لا تتجاوز نصف هذا العدد ؟
من المعروف أن أية وظيفة من مستوى عامل وطن وحتى أعلى الوظائف لها مواصفات معينة، ماعدا الوزير فلا مواصفات له في الدستور الأردني. والحجة في ذلك لدى بعض أصحاب الفتاوى بأن منصب الوزير ( سياسي ). وكأن المنصب السياسي ليس عملا وظيفيا مهمته خدمة الشعب ومنزّها عن الوصف كبقية وظائف الدولة.
والسؤال هنا: لماذا لا تُحدّد مواصفات الوزير في الدستور كبقية الوظائف العامة، وتُدرس سيرته الذاتية وسجله الأمني، قبل أن يجري توظيفه اعتمادا على المعرفة والعلاقات الشخصية، ووقوع صاحب القرار بمطبات لا لزوم لها ؟ هل يعقل أن رجلا ارتكب جرما وحُكم عليه بالسجن 5 سنوات، لا يعرف عنه ذلك ويعين وزيرا في الحكومة ليوم واحد، ليتمتع بلقب الوزير ويتقاضى راتبا تقاعديا أبديا، يعادل أضعاف الراتب التقاعدي لضابط برتبة فريق أمضى أربعة عقود في الخدمة العسكرية، واجه خلالها ظروفا قتالية، وتحمّل العناء والمخاطرة بحياته، وساهم في الحفاظ على استقرار الوطن؟ أين العدالة التي هي أساس الحكم، والتي تدّعي حكوماتنا المتعاقبة بالحرص عليها في مختلف مناحي الحياة ؟
نشرت وسائل الإعلام المحلية خلال اليومين الماضيين، المؤهلات العلمية والوظائف التي تقلدها من احتلوا المناصب الحكومية الجديدة. وهذا ليس هو بيت القصيد الذي يرغب المواطنون معرفته، بل المطلوب هو معرفة ما هي الإنجازات العملية، للذين يقفزون من صهوة وظيفة إلى أخرى داخل البلاد وخارجها بفعل العلاقات الشخصية، لكي تشكل قناعة لدى المواطنين بأدائهم وما حققوه من أجل الأردن.
وفي خطوة جريئة في تشكيل الحكومة، أصرّ بها دولته على إعادة توزير وزير التربية والتعليم السابق، رغم إشكالية تعديل المناهج التي قابلها الناس باستهجان كبير. وكذلك توزير وزير الداخلية الذي وجهت إليه اتهامات شعبية بالتدخل في العملية الانتخابية. رافضا دولته كل الأصوات الشعبية التي كانت تطالب بإقالتهما، لاعتقاده بأنه في هذا الإجراء يحافظ على هيبة الدولة ..!
ختاما أقول: أنه رغم كل الوعود المعلنة من قبل الحكومات المتعاقبة، بحسن اختيار من يقودون سفينة الدولة، إلاّ أن ما يطبق أمام عيوننا هو تكرار لتلك الوجوه التي استُهلكت مخزوناتها الفكرية، وما زالت تتنقل من كرسي إلى آخر بنفس الأسلوب العقيم، المشبع بسوء الاختيار والتوظيف والمؤدي لتوهان سفينة الوطن. وبناء عليه فإنني لا أرى أملا بالإصلاح الموعود الذي ينادي به المسئولون في الدولة..!
• المحطة الأولى، كانت برفع رسوم نقل ملكية السيارات، الأمر الذي أدى إلى زيادة العبء المالي على المواطنين، وتسبب بركود تجارة السيارات وتعثر عمل أصحابها عن العمل، دون أن تأبه الحكومة بشكواهم، مصرّة على متابعة أسلوب الجباية الذي أوغلت باتباعه الحكومة السابقة.
• المحطة الثانية، هي بإجراء الانتخابات النيابية من خلال ما سمي ب " الهيئة المستقلة للانتخابات ". وقد تابعنا تلك العملية التي جرت بطريقة عجيبة وبقانون يشبه الأحجية، عصيا على الفهم من قبل الناخب والمرشح، مع ما رافقه من إدعاءات بالتلاعب في تطبيقه.
أما عملية الفرز التي استمرت لأكثر من 48 ساعة فلم تكن مقنعة للكثيرين، وأوحت لهم بتدخلات خارجية أضرت باستقلاليتها. وإلاّ كيف تفسر الحكومة سرقة 11 صندوقا من صناديق الاقتراع، في دائرة بدو الوسط في وضح النهار ؟ ويجري ذلك رغم وجود الحراسات الأمنية والمراقبين والكمرات، وكل الاستعدادات التي صدعت الحكومة رؤوسنا بها قبل وخلال الانتخابات ؟
• المحطة الثالثة، في انتخاب أعضاء مجلس الأعيان. لقد نصت المادة 64 من الدستور على الشروط التي يجب توفرها في عضو مجلس الأعيان. ولكن المشرّع كان قد ختمها بعبارة تنسف كل ما قبلها، وتعطي حرية التصرف لصانع القرار في اختيار من يريد كعضو في المجلس، ألا وهي العبارة التالية : " . . . ومن ماثلَ هؤلاء من الشخصيات الحائزين على ثقة الشعب واعتماده بأعمالهم وخدماتهم للأمة والوطن ".
لا أدري كيف عَرِفتْ الحكومة أن بعض أولئك الذوات الذين جرى تعيينهم، حائزون على ثقة الشعب ؟ هل أجرت الحكومة استفتاء للشعب، أم (ضربت الودع) كما هي عادتها، لكي تصل إلى هذه النتيجة غير المقنعة؟ نحن في هذا البلد مكشوفين ونعرف بعضنا بعضا، وذاكرتنا ما زالت نشطة تختزن الأحداث الماضية. ونعرف بأن بعضا من الذوات المعينين قد صدرت بحقهم أحكام قضائية، نتيجة لتورطهم بقضايا فساد مشهودة، ولكن اليد الحانية أحاطتهم بالرعاية وتغاضت عن أفعالهم المشينة. فأين ثقة الشعب التي جرى اعتمادها تطبيقا لنص الدستور؟
وهنا أود أن أقدم اقتراحا بسيطا لمن يهمه الأمر، يتضمن تعديلا بسيطا في نص الفقرة 64 من الدستور، لكي تسهّل على صناع القرار تحقيق رغباتهم في التصرف كما يرغبون تحت مظلة قانونية، ألا وهي : استبدال عبارة " الحائزين على ثقة الشعب " الواردة في المادة أعلاه لتصبح "الحائزين على رضا بطانة الملك".
• المحطة الرابعة، في تعيين الوزراء. ففي التشكيل الحكومي الجديد لم يستشر رئيس الوزراء مجلس النواب في أسماء الوزراء المعينين ولو من باب المجاملة، طالما أن التصريحات الرسمية تؤكد على تشكيل الحكومات البرلمانية. ومن ناحية أخرى، فإذا ما أخذنا بالاعتبار عدد سكان الأردن المحدود إضافة لوضعه الاقتصادي الصعب، فإننا نتساءل: هل يستدعي ذلك تشكيل حكومة بثلاثين وزيرا، أم يستدعي تشكيل حكومة رشيقة لا تتجاوز نصف هذا العدد ؟
من المعروف أن أية وظيفة من مستوى عامل وطن وحتى أعلى الوظائف لها مواصفات معينة، ماعدا الوزير فلا مواصفات له في الدستور الأردني. والحجة في ذلك لدى بعض أصحاب الفتاوى بأن منصب الوزير ( سياسي ). وكأن المنصب السياسي ليس عملا وظيفيا مهمته خدمة الشعب ومنزّها عن الوصف كبقية وظائف الدولة.
والسؤال هنا: لماذا لا تُحدّد مواصفات الوزير في الدستور كبقية الوظائف العامة، وتُدرس سيرته الذاتية وسجله الأمني، قبل أن يجري توظيفه اعتمادا على المعرفة والعلاقات الشخصية، ووقوع صاحب القرار بمطبات لا لزوم لها ؟ هل يعقل أن رجلا ارتكب جرما وحُكم عليه بالسجن 5 سنوات، لا يعرف عنه ذلك ويعين وزيرا في الحكومة ليوم واحد، ليتمتع بلقب الوزير ويتقاضى راتبا تقاعديا أبديا، يعادل أضعاف الراتب التقاعدي لضابط برتبة فريق أمضى أربعة عقود في الخدمة العسكرية، واجه خلالها ظروفا قتالية، وتحمّل العناء والمخاطرة بحياته، وساهم في الحفاظ على استقرار الوطن؟ أين العدالة التي هي أساس الحكم، والتي تدّعي حكوماتنا المتعاقبة بالحرص عليها في مختلف مناحي الحياة ؟
نشرت وسائل الإعلام المحلية خلال اليومين الماضيين، المؤهلات العلمية والوظائف التي تقلدها من احتلوا المناصب الحكومية الجديدة. وهذا ليس هو بيت القصيد الذي يرغب المواطنون معرفته، بل المطلوب هو معرفة ما هي الإنجازات العملية، للذين يقفزون من صهوة وظيفة إلى أخرى داخل البلاد وخارجها بفعل العلاقات الشخصية، لكي تشكل قناعة لدى المواطنين بأدائهم وما حققوه من أجل الأردن.
وفي خطوة جريئة في تشكيل الحكومة، أصرّ بها دولته على إعادة توزير وزير التربية والتعليم السابق، رغم إشكالية تعديل المناهج التي قابلها الناس باستهجان كبير. وكذلك توزير وزير الداخلية الذي وجهت إليه اتهامات شعبية بالتدخل في العملية الانتخابية. رافضا دولته كل الأصوات الشعبية التي كانت تطالب بإقالتهما، لاعتقاده بأنه في هذا الإجراء يحافظ على هيبة الدولة ..!
ختاما أقول: أنه رغم كل الوعود المعلنة من قبل الحكومات المتعاقبة، بحسن اختيار من يقودون سفينة الدولة، إلاّ أن ما يطبق أمام عيوننا هو تكرار لتلك الوجوه التي استُهلكت مخزوناتها الفكرية، وما زالت تتنقل من كرسي إلى آخر بنفس الأسلوب العقيم، المشبع بسوء الاختيار والتوظيف والمؤدي لتوهان سفينة الوطن. وبناء عليه فإنني لا أرى أملا بالإصلاح الموعود الذي ينادي به المسئولون في الدولة..!