jo24_banner
jo24_banner

التطرف والإرهاب وما بينهما

فريق ركن متقاعد موسى العدوان
جو 24 :
يتردد في وسائل الإعلام وفي أحاديث العامة هذه الأيام، مصطلحان لهما علاقة بالقضايا الأمنية الجارية، على مختلف الساحات المحلية والعالمية وهما : التطرف، والإرهاب. وقد اختلطت المفاهيم بينهما بحيث أصبح الاعتقاد السائد أنهما وجهان لعملة واحدة.
والحقيقة أن هنالك فَرْق ٌبين مغزى ودلالات كل منهما، رغم أنهما قد يتلازمان في بعض الأحيان. فكلمة التطرف تعني لغويا الوقوف في الطرف البعيد عن الوسط. وفي العلاقات الإنسانية تعني الجنوح إلى التشدد والتعصب بعيدا عن الوسطية. وللأسف فقد ألصق هذا المصطلح مؤخرا بالدين الإسلامي، رغم أنه ظاهرة غزت مختلف الأديان منذ أقدم العصور، وأصبح لكل دين خوارجه.

يحدث التطرف عندما يؤمن الشخص برأي أو فكرة أو عقيدة معينة، ويستميت في الدفاع عنها دون قبول الرأي الآخر، ويستهين بالأعراف والقيم الاجتماعية السائدة. والتطرف لا يشكل في الغالب إرهابا وخروجا على السلوك الاجتماعي المعروف، أو انتهاكا لسلامة الآخرين. ولكنه قد يتحول إلى إرهاب في مرحلة لاحقة.

أما الإرهاب والذي يعني الخوف، فهو أحد مخرجات التطرف ويأخذ شكل العنف المادي، لفرض فكر أو سلوك معين على الآخرين. ولابد من الإشارة هنا بأن ليس كل متطرف إرهابي بالضرورة، ولكن كل إرهابي هو متطرف باليقين، نظرا لما يمارسه من عمل إجرامي، يقدم عليه عن سابق إصرار وتعمد. والفارق الرئيسي بين الاثنين أن التطرف كفعل منفصل، يتعلق بالغايات والأهداف، بينما الإرهاب يتعلق بالوسائل والأساليب.

وبين مصطلحي التطرف والإرهاب يبرز مصطلح ثالث وهو " السلفية " والذي يجري إلصاقه زورا بسابقيه. والحقيقة أن السلفية النقية هي منهج إسلامي سلمي يدعو لإتباع الكتاب والسنة، ويهدف إلى إصلاح الحكم والمجتمع، والسير على طريق السلف الصالح من صحابة رسول الله ( صلعم )، ولا يشكل انتهاكا لسلامة الآخرين. ليس صحيحا ما يصنفه البعض بأن هناك سلفية جهادية، وسلفية علمية، وسلفية سياسية. فالسلفية واحدة ومن شذ عنها يعتبر من الخوارج على أصول الدين الحنيف ويسيء له.

فالدين الإسلامي في جوهره هو دين الرحمة والوسطية، وهو دين العقل وحرية الرأي والاعتقاد، يحارب الإرهاب ويحرّم قتل النفس البريئة، مصداقا لقوله تعالى في محكم كتابه : " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلك وصاكم به لعلكم تعقلون ". وكذلك فإن الدين المسيحي يحارب الإرهاب واللجوء إلى القتل، إذ قال عيسى عليه السلام معنفا القديس بطرس : " ردّ سيفك إلى مكانه لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون ".

إن محاربة الفكر المتطرف والنزوع إلى العمل الإرهابي، لا يعالج بالقوة وبالوسائل الأمنية، فهذا علاج مسكن يؤجل الإرهاب لفترة محدودة ولا يستأصله من جذوره. ولكن محاربة الفكر وتقويمه لا تتم إلا بالفكر، وبإرساء قواعد الديمقراطية والحرية، من خلال مقاربات ثقافية وإصلاحية، تجري ممارستها وعلى نطاق واسع، لكي تحصّن الشعب، وتجعله عصيا على الاختراق، من قبل الفكر المتطرف وتبني الإرهاب الذي يزعزع الأمن والاستقرار ويعطل تقدم المجتمع.

التاريخ : 8 / 10 / 2016
 
تابعو الأردن 24 على google news