قراءة في قائمة التصويت على عضوية فلسطين
ردت الولايات المتحدة وإسرائيل على القرار الأممي بقبول فلسطين دولة عضو مراقب في الامم المتحدة بالقول بان « هذه الخطوة تعرقل عملية السلام « ويمكن اعتبار هذا الكلام اشهر ما قيل في الكذب والدجل السياسي وتزوير الحقائق في عام ٢٠١٢ . ليس غريبا على الكيان الصهيوني مثل هذا الكلام فهو من الأساس قائم على تزويرالتاريخ وقلب الحقائق ، ما هو مؤسف ان تستمر اعظم دولة في العالم بتبني المنطق القائل بانه يجب عدم إغضاب اسرائيل لان ذلك عرقلة للسلام فيما الوقائع تدل على ان قادة تل أبيب دفنوا هذا السلام منذ وقت طويل وغسلوا ايديهم فوق قبره .
الواقع ان هذا المنطق الامريكي هو الذي عرقل عملية السلام في الشرق الاوسط منذ اتفاق كامب ديفد قبل ٣٣ عاما مع مصر وحتى اليوم ، فالولايات المتحدة فتحت على اسرائيل خزائن سليمان من المال والسلاح والتكنولوجيا والاختراعات العلمية بالاضافة الى الدعم السياسي اللامحدود تحت مزاعم تشجيعها على المضي في خطوات السلام الشامل والنتيجة انها تملكت القوة الهائلة ، العسكرية والاقتصادية لكي تقاوم الضغوط الدولية ، بما في ذلك ضغوط بعض الرؤساء الأمريكيين ، الذين حاولوا اجبار اسرائيل على الدخول في عملية سلام جدية تنهي الصراع في الشرق الاوسط .
تفتح عضوية فلسطين الجديدة أبوابا دولية اخرى للنضال ضد الاحتلال مثل اللجوء الى المحاكم الدولية ضد الجرائم والاستيطان وتهويد القدس والجدار العازل لكن هذه جميعا اضافة جديدة لمسار الشكاوي العربية على اسرائيل المستمرة منذ ٦٥ عاما والتي لم تزد حكامها الا عنادا وإصرارا على سياساتهم الإجرامية والعنصرية ، ومرة اخري لن يجد الفلسطينيون سلاحا غير تنمية قوتهم النضالية للوقوف ضد هذا الاحتلال الذي لا مثيل له في التاريخ كاحتلال عنصري يقوم على استلاب الارض والهوية والوجود وكل ما يتعلق بممتلكات الفلسطينيين في وطنهم .
المطلوب من قيادات رام الله وغزة ان يعودوا بأسرع وقت الى توحيد الضفة والقطاع وإلا ما معنى ان تكون فلسطين دولة ان كان اهلها يقتسمون الارض والسيادة وهي لا تزال تحت الاحتلال ! نأمل ان تتحقق الوعود بإعادة الوحدة ، ولا اقول المصالحة ، لان القيادات متصالحة لكنها مختلفة على الكرسي وهوية الحكم . واذا ما اعتقدوا ان قرار الجمعية العامة وحده يصنع دولة فتلك مصيبة ، الذي يصنعها هو النضال الفلسطيني وأول الخطوات ان يتوحدوا .
والمطلوب من الدول العربية ان تقرأ جيدا قائمة الذين صوتوا ضد فلسطين والذين امتنعوا ، لان هذه الدول التي قبلت ان تتخلى عن العدالة والأخلاق إكراما لمصالحها مع امريكا وإسرائيل تعطي الذريعة لكل الدول العربية لكي تعاملها بالمثل فيما يتعلق بمصالحها مع العرب . ومن المعيب ان تمتنع دولة البوسنة والهرسك عن التصويت بينما يمتلك شعبها تاريخا ناصعا في مساندة الفلسطينيين . اما كندا التي يستبيح الموساد الاسرائيلي جوازاتها في عملياته واغتيالاته فقد اصبحت بالفعل في الصف المعادي لفلسطين والعرب .
بقيت تلك القائمة الطويلة من دول اوروبا الشرقية التي انقلبت من أحضان الشيوعية الى الارتماء في أحضان اسرائيل بحثا عن رضا اللوبي الصهيوني في الكونغرس . وكانت اخبار الاسبوع الماضي قد نقلت عن نائب في مجلس النواب الهنغاري بان عدد النواب الذي يحملون الجنسية الاسرائيلية في بلاده اكثر من عدد اعضاء الكنيست الاسرائيلي !.
(الراي)