jo24_banner
jo24_banner

الغيبيات تدير حروبنا

ماهر أبو طير
جو 24 :

عند السنة والشيعة، مئات الاحاديث والروايات المتعلقة بالفتن والملاحم، وكل طرف يعتمد روايات واحاديث تخصه، كلها تتحدث عن الملاحم والفتن، وعلامات ظهور المهدي وحروب نهاية الزمان، ومعارك الشام، وظهور الاعور الدجال، وغير ذلك من قضايا.
اللافت للانتباه ان كل طرف يعتبر المعارك الدموية التي يموت فيها الملايين، جزء من هذه الاشارات حول اقتراب علامات ماقبل القيامة، فالشيعة لديهم علامات تخص ظهور المهدي، وهم يعتبرون كل مايجري في اليمن والعراق وسورية وغير ذلك، تمهيد لظهور المهدي، وبعض تيارات الشيعة، تريد تسريع ظهوره، عبر تطبيق بعض هذه الروايات والعلامات، بأعتبارها توطئة لما هو مقبل وآت، فالتسريع مطلوب ارضاء لله.
الامر ذاته ينطبق على السنة، فالكل يعتبر مايجري جزء من الفتن والملاحم، ويربطها ايضا بظهور المهدي والسيد المسيح، وغير ذلك من علامات، بما في ذلك داعش الذي يعتبر مرج دابق في سورية، احد العلامات، ويعتبر ايضا، ان هناك احاديث تدل على ظهور التنظيم، وهم ايضا، يتورطون بتطبيق علامات، قد لايكون هذا موعدها، بل اكثر من ذلك، يعتبرون كل هذا السفك لدماء الناس، جزء من استعجال الاخرة، ويوم القيامة، وظهور اشارات وبشارات على مستويات مختلفة، .
في كل الاديان هناك اشارات مستقبلية، وهناك نبوءات يتتبعها رجال الدين، والذي يقرأ الابحاث حول ماعند المسيحيين واليهود، يكتشف الامر ذاته، فهناك اشارات مختلفة يتم تفسيرها بشكل او آخر من جانب خبراء او رجال دين.
مايراد قوله هنا، امر واحد فقط، ان تاريخنا كمسلمين، شهد مثل هذه المرحلة مرارا، وفي كل مرحلة كان البعض يأتي ليفك الغيبيات واحاديث الفتن والملاحم، على تلك المرحلة، بأعتبار انها توطئة لحالة محددة، مثل ظهور المهدي، وفي كل مرة كان يثبت العكس، فتتسبب الفتن، بسفك دماء الناس، دون ان يخفف من اثار هذه الدموية، منحها قداسة بأعتبارها مجرد ملحمة او مذبحة تم الابلاغ عنها مسبقا، ولااحد يعود للتاريخ، ليحاكمه، بأعتبار ان كثرة في تلك الازمان ضللت الناس، واقنعتهم ان الدموية في تلك الفترات، تبين متأخرا ان لاعلاقة لها بكل هذه الغيبيات.
برغم هذا التكرار الا ان الذي يقرأ ادبيات السنة والشيعة، يجد ان الطرفين يكرران ذات الطريقة، فالشيعة، لديهم 250 علامة تسبق ظهور المهدي- كان تعيين احمدي نجاد رئيسا لايران احداها- والسنة لديهم عشرات العلامات، حول المستقبل ايضا، وماسوف يجري مع «الروم» وفي سهل دابق، وروايات الابقع وغيرها من روايات.
لكن المحصلة التي لايتوقف عندها احد، تقول ان اهل المنطقة يذبحون بعضهم البعض، ويفرحون بهذا الذبح، بأعتباره مجرد ذبح مقدس، تم الابلاغ عنه مسبقا، وان ماسيأتي خلفه، فرج وانتصار وسعادة، وهكذا تتحول الغيبيات الى حالة ذهنية تدير المنطقة، وشعوبها، برغم ان علماء كثرة، شككوا في روايات كثيرة، في المذهبين، او ضعفوها، لكن لااحد يسمع.
الذي يقرأ التاريخ، يعرف ان كل فترة من فترات محن المسلمين، كانت تثور فيها ذات الغيبيات، والكلام عن علامات الفتن والملاحم، ولعلها مفارقة، ان يبقى المسلمون بأنتظار هذه العلامات، ويمنحون موتهم، هالة مقدسة، باعتبارها مجرد سيناريو لابد ان يتم، وهكذا كل مرحلة، يتكرر ذات الذبح، بأعتباره قد ينجح هذه المرة، في التطابق مع العلامات المنتظرة، والتي نقرأها في كتب السنة والشيعة.
لااناقش اليوم، صحة الغيبيات، من عدمها، لكنني اتوقف مطولا، عند امة تنتحر بكل مكوناتها ومقدراتها، وترى في هذا الانتحار، بشارة، وتطبيق لعلامات الفتن والملاحم، ولم يثر السؤال حتى، حول ملايين المسلمين الذين دفعوا ذات الثمن على مدى 1400 سنة، في فتن شبيهة، تم الباسها ثوبا مقدسا، بأعتبارها مطلوبة ولابد منها، ومجرد قضاء وقدر، يسبق ظهور المهدي وانتصار المسلمين، ونزول عيسى عليه السلام.
يؤمن سياسيون كبار في العالم العربي والاسلامي، بهذه الغيبيات، ومعهم رجال دين، من المذهبين يبسطون سيطرتهم على السياسيين والاغنياء، وتكتشف ان هناك تلوينا مقدسا لكل هذا الموت في المنطقة، اتكاء على بشارات مابعد الموت في هذه المنطقة، ولااحد يحدثك عن الفروقات التي تأسست بيننا وبين بقية الامم، واين صاروا، واين صرنا في هذا العالم، الذي يفيض بالتطور، فيما نفيض نحن بالقتل، ضد بعضنا البعض.


 
تابعو الأردن 24 على google news