هل سيدعو الأردن دمشق إلى القمة العربية؟!
مع أن هناك عدة شهور تفصلنا عن القمة العربية التي سوف تعقد في الأردن، إلا أنها سوف تأتي في ظل ظرف مختلف على ما يبدو على صعيد الملف السوري؛ ما يفتح الباب للتساؤلات عن «ما إذا كانت دمشق الرسمية سوف تستعيد مقعدها في القمة أو أنه سيبقى شاغرا حتى إشعار آخر».
قرار إخراج سورية، من القمة العربية، لم يكن قرارا اردنيا، بل كان قرارا لجامعة الدول العربية، في ظل توافقات معينة، بين دول كبيرة وبقية العالم العربي، وهذا يعني من حيث المبدأ أنه من دون هذا التوافق السياسي، فإن الاردن في كل الأحوال لن يوجّه دعوة لدمشق الرسمية، ما لم يكن هناك تجاه مسبق في هذا الصدد.
سبب الكلام عن دعوة دمشق أو عدم دعوتها، يعود إلى ما يجري سياسيا وميدانيا في الملف السوري، إذ إن حلب التي تحترق تعد أهم وأكبر وأخطر معاقل الجماعات التي تحارب النظام، والواضح، أن النظام يستعيد حلب تدريجيا، والمدينة ذاتها، تعد فصلا حاسما في كل الصراع السوري، واستعادتها من جانب النظام، تعني تحولا جذريا في كل الازمة السورية، لصالح انهائها، إذ إن حلب لن تعود ورقة قابلة للتفاوض بين النظام والمعارضة، وسوف تخرج من كل الحسابات، إذا نجح النظام والروس والإيرانيون، في حسم المعركة كليا.
حسم ملف حلب، ينهي حتى التسوية السياسية بين النظام والمعارضة، فعلى ماذا سوف تتفاوض المعارضة!!، اذا كانت في عز تمددها في كل سورية، لم تنجح في قطف ثمار الواقع الميداني لصالح تسوية سياسية، تصب باتجاه خروج الأسد، والوصول الى صفقة معينة، فما بالنا اليوم، والمعارضة على وشك ان تفقد اهم اوراقها، ولم تعد ورقة جنوب سورية، مهمة بقدر حلب، وتسويتها تصبح وشيكة في سياقات المقارنة مع ملف حلب.
هذا يعني ان كل الازمة السورية، تعيد التموضع، إذ إن العوامل الدولية، المتعلقة بدور الروس، وسكوت الغرب عن ما يجري، وتغير الادارة الاميركية، اضافة الى الواقع الميداني في سورية، تعيد انتاج الازمة، ومن هنا حتى موعد القمة العربية في شهر آذار، نكون نحن امام واقع جديد كليا في سورية، لن يؤخره الا حدوث مفاجآت، مثل اغتيال الاسد، او اي سيناريو آخر، وبغير ذلك، يكون العرب امام هذا الواقع الجديد، الذي لا يمكن تجنبه كثيرا، ولا مواصلة الاستمرار بذات السياسة، التي تتجنب الاسد، ونظامه، على صعيد العمل العربي المشترك وغير ذلك.
من الواضح هنا، ان هناك عدة اطراف عربية تتفلت من هذه التحولات، وترغب بإدامة الأزمة السورية، عبر دعم التنظيمات بالمال والسلاح، ولكن التداخل بين داعش وبقية التنظيمات غير المتشددة، جعل الاولوية لمحاربة داعش، لا دعم بقية التنظيمات، اضافة الى ان الطوق المحيط بسورية، وتحديدا الأتراك، وفي ظل انفتاحهم على الروس، ومعادلات اخرى تتعلق بالاكراد والدواعش، قد لا يكونون في وارد مواصلة دعم المعارضة السورية، والامر ذاته سينطبق على الاردن المجاورة لجنوب سورية، اذ قد يصير الدعم في لحظة ما، مجرد استثمار في السراب.
نحن اذاً امام تحولات كبيرة، قد تؤدي نهاية المطاف الى انتهاء الفوضى السورية، وانتهاء التسوية السياسية، ايضا، بعد تغير كل عوامل قوتها، وابرزها الواقع الميداني، وهذا يطرح السؤال عن ما سيفعله العرب في قمتهم المقبلة، وهل سيواصلون اقصاء دمشق الرسمية عن مقعدها، أو سيتجرّعون السم ويعلنون الهزيمة، ويقبلون بإعادة مقعد سورية الى نظام بشار الأسد.