رسائل مشعل إلى إسرائيل من غزة
طاهر العدوان
ظروف دخول مشعل الى غزة يختلف عن ظروف دخول الزعيم الفلسطيني الراحل اليها عام ١٩٩٤، ياسر عرفات دخلها بعد توقيع اتفاقية أوسلو الشهيرة والاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير وبين اسرائيل. زعيم حماس يدخلها في ظرف مختلف فلسطينيا ومصريا وعربيا، عرفات جاء اليها بعد توقيع اتفاق اوسلو اما مشعل ففي ظل هدنة مؤقتة وبالوساطة المصرية. واذا كان اتفاق السلام لم يجد مع اسرائيل نفعا وانتهت حياة عرفات بالسم الاسرائيلي، فإن تهديدات موفاز لمشعل بالقتل تقدم دليلا مهما في قضية قتل عرفات، فالجريمة في طبع قادة هذا الكيان الذين لا يعرفون غير ارتكاب الجرائم عندما يتعلق الامر بالفلسطينيين.
أحسن خالد مشعل عندما أحاط زيارته بسقف عال من المواقف والتصريحات، لقد احتفى مع سكان القطاع بنموذج لصاروخ أم ٧٥ الذي قصف مناطق على أطراف تل أبيب والقدس المحتلة خلال المواجهات الاخيرة، وفي ذلك رسالة الى اسرائيل بالتمسك بالمقاومة. وأحسن مشعل عندما اعلن بانه لا تنازل عن فلسطين « من بحرها الى نهرها ومن شمالها الى جنوبها فهي ارض الفلسطينيين ووطنهم لا تنازل عنها ولا تفريط «.
مثل هذه التصريحات لا مزايدة فيها كما سمعت بعض العرب يعلقون، ولا هي متطرفة كما علقت أوساط إسرائيلية وغربية. قادة اسرائيل بحاجة لأن يسمعوا مثل هذه المواقف من قائد مقاومة قصفت العمق الاسرائيلي بمئات الصواريخ مخترقة (القبة الحديدية). هم بحاجة الى ان يسمعوا ذلك ليخرجوا من مستنقع التطرف والعنصرية ومحاولة نفي وجود الشعب الفلسطيني وإنكار كل حق من حقوقه الوطنية والإنسانية تحت وطأة احتلال ارضه وقتل أبنائه وتشريدهم على مدى عقود طويلة.
لا يوجد تطرف في الدنيا اشد واقبح من التطرف الصهيوني لانه يترجم كل يوم واحيانا كل ساعة بعمليات قتل المدنيين الفلسطينيين بالجملة ومخططات تهويد تنفذ على مدار الساعة وعمليات اعتقال تطال الآلاف خلف أسوار معتقلات دائمة. شعار كل فلسطين للفلسطينيين الذي رفعه مشعل ليس تطرفا بمواجهة شعار (اسرائيل دولة يهودية) بما يحمل من مخطط إجرامي لتهجير مليون ونصف المليون فلسطيني من الجليل والناصرة، والتمسك بفلسطين من النهر الى البحر ليس تطرفا بمواجهة مخططات نتنياهو وعصابة اليمين التي تعمل ليلا نهارا بتهويد وضم الضفة والقدس.
بهذا المعنى وغيره زيارة مشعل الى غزة ضرورية وناجحة ومناسبة لقول ما قال من فوق ارض فلسطين ومن بين صفوف المقاومة لانه ثبت بعد ٣٣ عاما من ما يسمى مسيرة السلام، ثبت ان مواجهة الاحتلال تحتاج الى تغيير اللغة والأسلوب من اجل إزالته والا فان إرهاب اسرائيل وحروبها واستيطانها سيصبح خطرا يهدد حياة الامة كلها وليس فلسطين فقط.
(الراي )