الأزمة والسفير
السفير البحريني في عمان ناصر بن راشد الكعبي صرّح للإعلام الرسمي بأن أمن واستقرار دول الخليج العربي هو من أمن واستقرار الاردن. وقال إن المشكلة الأساسية في الاردن ليست مشكلة سياسية بل هي مشكلة اقتصادية، منوها إلى أهميّة الدعم الخليجي للحفاظ على أمن واستقرار الأردن.
الفصل الميكانيكي بين القضايا السياسيّة والاقتصاديّة في تصريحات السفير التي حاول من خلالها تصوير منظومة النفط على أنّها صاحبة العصا السحريّة لحلّ الأزمة في الأردن بحفنة من الدولارات، كشفت حقيقة النظرة التي تستند إليها هذه الدول في تعاملها مع الأردن على أنه مجرّد سلطة وظيفيّة يقتصر دورها على حماية مصالحها وتنفيذ برامجها وسياساتها !
هذه النظرة هي ذاتها ما دفع دول الخليج للطلب من قوّات الدرك الأردنية المشاركة في قمع المظاهرات التي شهدتها بعض هذه الدول، مقابل مساعدات ماليّة لا يعلم أحد مصيرها، ضاربة عرض الحائط بإرادة وكرامة الشعب الأردني.
كما شكلت هذه النظرة المبرّر الكافي -بالنسبة للبترودولار- للضغط على الأردن ومحاولة زجه في الشأن السوري، رغم أن المصلحة الوطنيّة الأردنيّة تتناقض تماما مع مثل هذا التوجه.
مشكلة الأردن يا سعادة السفير لا يمكن تلخيصها بالعجز المالي، حيث أن غياب الإرادة الوطنيّة المستقلة وتفشي الفساد في معظم مؤسسات الدولة شكلا أهم محاور الأزمة المركبة التي يعاني منها الأردن.
كما أن التدخلات الخارجية في صناعة القرار الأردني من جهة، وتفشي الفساد السياسي والإداري الذي بسببه قرّرت دول الخليج فرض شروط وآليّات تقديم المساعدات من جهة أخرى، لا يمكن حلّهما عبر المزيد من المساعدات والهبات.. بل إن تحقيق المطالب الشعبيّة التي تعدّ وقود الحراك الأردني هو وحده ما يمكن ان يحافظ على أمن واستقرار الأردن، الذي يستحيل دونه الحفاظ على أمن واستقرار أي من دول الجوار.
وكان من الأولى أن يحاول السفير تشخيص الأزمة التي يشهدها بلده عوضا عن محاولة تحليل الواقع الأردني.. فهل الأزمة التي تشهدها البحرين هي أيضا أزمة مديونية وعجز مالي ؟!