2024-05-20 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

من أين يأتي الخطر ؟

محمد أبو رمان
جو 24 : بالإفراج عن أغلب معتقلي الدوار الرابع والطفيلة (بانتظار البقية)، وضع الملك حدّاً لأزمة متدحرجة، وتداعيات أكبر للاعتقالات التي تمّت ولانتهاكات حقوق الإنسان التي رافقتها.
تجاوز لقاء الملك مع وجهاء الطفيلة مسألة الإفراج إلى حديثه مباشرةً عن تأييده للحراك، ودعوته الجميع إلى الحوار، وتأكيده على الإصلاح وعلى محاربة الفساد. إلاّ أنّ أهم ما أشار إليه الملك –في ظني-الإقرار بوجود أزمة ثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة. وهو ما نتمنى أن يدركه المسؤولون، للعمل على معالجته، بدلاً من تجذير الفجوة وتعزيزها، كما يحدث حالياً!
الفجوة تتجاوز أزمة الثقة إلى مشكلة الفهم والإدراك؛ إذ ما يزال هنالك من يعزل الحراك عن شروطه الموضوعية وسياقه الاجتماعي والسياسي، وما تزال لدى مؤسسات الدولة فرضيات خاطئة ومغلوطة عن الحراك أدت إلى خلل كبير في مواجهته، وعززت الشكوك في نوايا الدولة، وفي المحصلة كان ذلك سبباً في رفع سقوف الحراك وهتافاته.
ما يحتاجه المسؤولون حقّاً هو أن يتخلوا عن الأفكار المعلبة المسبقة التي تغلف الحراك بفرضيات خاطئة، وأن يقتنعوا بضرورة التطوير البنيوي والجوهري لأسس علاقة الدولة بالمواطنين والقوى السياسية، لترسيم معادلة جديدة مختلفة تماماً.
عند ذلك فقط سيدرك المسؤولون بأنّ الخطر ليس من هؤلاء الشباب، حتى لو ارتفع سقف خطابهم وشعاراتهم، فهم شركاء الدولة الحقيقيون في مسار الإصلاح؛ إنّما الخطر وكل الخطر هو ممن يدعون الولاء للدولة ويقودون البلطجة والاعتداء على الناس، ويعززون شرخ الثقة، ويكسرون مبدأ سيادة القانون ويسيئون لصورة الدولة وسمعتها ليس في الخارج، بل في الداخل في عيون أبنائها، وهذا هو الأخطر!
الخطر المحيط بنا يكمن في انهيار قيم الدولة والمواطنة والإصلاح، وارتفاع منسوب العنف الاجتماعي والجامعي، وصعود الهويات الفرعية القاتلة، التي تدفع بالمجتمع إلى مرحلة بدائية، بدلا من أن نتقدم بخطوات ثابتة إلى الأمام نحو دولة ديمقراطية تحترم المواطنين، والكل فيها يعرف ما هي حقوقه وواجباته، ونكرس وقتنا واهتماماتنا بعد ذلك للخروج من الأزمة الاقتصادية والهموم التنموية وتطوير قدراتنا التنافسية من خلال التعليم والتأهيل وإعادة هيكلة سوق العمل، وتكريس جزء أكبر من اهتماماتنا ووقتنا للتحديات الوجودية الحقيقية، مثل؛ الماء والطاقة والمشروع الصهيوني.
الخطر الحقيقي هو طبقة المسؤولين الذين يورطون الدولة في خيارات ورسائل وأدوات تهدم الثقة بينها وبين الشارع؛ أو طبقة المسؤولين الضعفاء الذين لا يستطيعون مواجهة الأخطاء في التعامل مع الأزمات، ويتركون الباب للمزاودات داخل الدولة؛ أو طبقة من السياسيين المنافقين المتضررين من الإصلاح الحقيقي، ومعهم تجار السياسة الذين يبتزون الدولة، فيقودون البلطجة والولاءات الكاذبة ويطلبون في اليوم التالي الثمن!
الخطأ البنيوي القاتل الذي وقعت فيه الدولة أنّها تعاملت مع دعاة الإصلاح والتغيير، وتحديداً جيل الشباب الجديد في المحافظات من أبناء الحراك، وكأنهم تحدٍّ أو خصم وليس بوصفهم شريكاً استراتيجياً لدفع عجلة الإصلاح ومواجهة التيار الذي يريد عرقلة تطوير الدولة وقدراتها وعلاقتها بالمواطنين لتأخذ مساراً صحياً طبيعياً.
حديث الملك مع وجهاء الطفيلة حمل رسائل مباشرة وواضحة، نأمل أن يلتقطها المسؤولون في الدولة قبل غيرهم، وأن نرى انعكاساً لذلك في تعامل الدولة مع ملف الإصلاح وقانون الانتخاب والحريات العامة وحقوق الإنسان، وفي النظر إلى الحراك وتحديد من هم الشركاء الحقيقيون ومن هم الخصوم الفعليون، ومن أين يأتي الخطر!
الغد
تابعو الأردن 24 على google news