هذه «الشيطنة» للمعارضة !
لميس أندوني
جو 24 :
في غمار النقاش الدائر حول الانتخابات النيابية، بدأت تبرز حالة استقطاب، مضرة برأيي، بين ما يوصف من مع أو من ضد الإخوان المسلمين، وفقاً لقرار المشاركة أو المقاطعة، وأن يصور اليسار، من قبل الجهات الرسمية أو من بعض الكتّاب أنه "الحليف الجديد" للنظام ضد الإخوان، على نسق التفاهم الرسمي- الإخواني، الذي ساد في السنوات التي تلت انهيار الحياة البرلمانية في أواخر الخمسينيات.
الإيحاءات والاتهامات بأن أي حزب أو جهة تقاطع الانتخابات تصب في مصلحة " المخطط الإخواني في المنطقة"، وبالخصوص، الهجوم، ولا أقول النقد فقط، الذي يتعرض له الحزب الشيوعي الأردني، بسبب قراره مقاطعة الترشيح والاقتراع، تلغي مساحة الحوار حول الأزمة السياسية الاقتصادية، التي لن تختفي حتى لو نجحت الانتخابات بنسبة 99.9% وليس بنسبة 70%، من حيث المشاركة الشعبية، كما يروج له بعضهم.
أؤجل مناقشة الموقف من الإخوان المسلمين في المنطقة إلى مقال آخر، لكن حتى لو فرضنا أن جميع المخاوف من الإخوان صحيحة، فلن يحلها خلق حالة استقطاب مصطنعة تهدف إلى عزل وحتى شيطنة المقاطعين، وهو حق للمواطنين والأحزاب معاً، وكأن الانتخابات ستؤدي إلى وضع أسس مجتمع التعددية والعدالة الاجتماعية، وكله بناء على قانون انتخاب إقصائي وفي ظل الغلاء المتعاظم نتيجة لمسلسل رفع الأسعار غير المنتهي.
أحترم قرار المشاركة، وإن كنت نفسي مقاطعة، لكن لا أتفق أبداً مع تصوير الانتخابات بأنها معركة ضد أجندة الإخوان المسلمين، لأنه صراع الأجندات، فكرياً وسياسياً، وبالسبل الديمقراطية، يجب وجود أجندة للقوى البديلة تتضمن رؤية إستراتيجية للمجتمع الذي تريد تأسيسه.
فأين البرنامج الوطني للتغيير، الذي يواجه قوى الظلم والاستبداد والظلم، سواء كانت دينية أو علمانية؟
إن الذهاب في اتجاه وضع الانتخابات، وفقاً للقانون الحالي والإجراءات الاقتصادية، على أساس معركة القوى المدنية ضد تيار الإسلام السياسي، لن يشق المجتمع عمودياً فحسب، بل يدخلنا في خداع قصير النظر للنفس، سواء كنا في صفوف المعارضة أو الموالاة، ومهما تباينت توجهاتنا الأيديولوجية أو السياسية.
يعني نُفَصِل قانونا انتخابيا، لتقليص تمثيل الإخوان، ثم نعيش وهماً وكأن قاعدتهم الشعبية اختفت، ونتجاهل أن الأزمة الاقتصادية الاجتماعية، وإن كانت هناك عوامل أخرى، لن تزيد التنظيم إلا شعبية وتأييداً، خاصة أننا مقبلون على موجة غلاء بدأت الفئات الشعبية، وحتى الطبقة الوسطى، تحس بزحف قرصاتها المؤلمة.
أفهم إلى حد ما مخاوف القوى العلمانية وغيرها من تداعيات الوضع في مصر، وأنا أقف من حيث المبدأ، في صف معارضة مسودة الدستور المصري، لشموله مواد قد تؤسس للاستئثار بالسلطات، من قبل الإخوان، ولقوانين تحمل نكهة مظاهر وممارسات الدولة الدينية.
لكن هل يعني هذا أن نغض النظر عن السياسات التي أدت إلى انطلاق الحراك الشعبي؟ وهل نغض النظر عن أن السياسات نفسها لم تستمر فحسب، بل ترافقها إجراءات تفاقم من المعاناة الإنسانية ونتناسى كل ذلك باسم المعركة ضد تيار الإسلام السياسي؟
أنا متأكدة أن هناك قوى وشخصيات، تؤمن أن المشاركة في الانتخابات توفر فرصة مهمة، للبدء في التغيير، أنا لست مقتنعة لكن ذلك لا يهم، فلا بد من احترام المواقف، خاصة إذا كانت صادقة، والابتعاد عن المزاودة الرخيصة باسم حب الوطن.
في الوقت نفسه لماذا لا يتم احترام قرار الحزب الشيوعي في المقاطعة؟ خاصة أن القرار يمثل في جزئية مهمة منه، رأي شباب الحزب المشارك في الحراك، الذي لم يترك الشارع والالتصاق بهموم الناس، ألا يحق لحزب يساري عريق أن يحاول ويجتهد على الأقل في دوره بحماية مصالح الطبقات الكادحة، فهذا على الأقل أحد أهم أهداف حزب يرفع راية الشيوعية؟
أما الهجوم وشيطنة المقاطعة، ولا أقول النقد والنقاش الهادئ، لن يخدم إلا اصطفافات تشتيتية تزيد الأزمة تعقيداً والمجتمع تمزيقاً.
(العرب اليوم)
في غمار النقاش الدائر حول الانتخابات النيابية، بدأت تبرز حالة استقطاب، مضرة برأيي، بين ما يوصف من مع أو من ضد الإخوان المسلمين، وفقاً لقرار المشاركة أو المقاطعة، وأن يصور اليسار، من قبل الجهات الرسمية أو من بعض الكتّاب أنه "الحليف الجديد" للنظام ضد الإخوان، على نسق التفاهم الرسمي- الإخواني، الذي ساد في السنوات التي تلت انهيار الحياة البرلمانية في أواخر الخمسينيات.
الإيحاءات والاتهامات بأن أي حزب أو جهة تقاطع الانتخابات تصب في مصلحة " المخطط الإخواني في المنطقة"، وبالخصوص، الهجوم، ولا أقول النقد فقط، الذي يتعرض له الحزب الشيوعي الأردني، بسبب قراره مقاطعة الترشيح والاقتراع، تلغي مساحة الحوار حول الأزمة السياسية الاقتصادية، التي لن تختفي حتى لو نجحت الانتخابات بنسبة 99.9% وليس بنسبة 70%، من حيث المشاركة الشعبية، كما يروج له بعضهم.
أؤجل مناقشة الموقف من الإخوان المسلمين في المنطقة إلى مقال آخر، لكن حتى لو فرضنا أن جميع المخاوف من الإخوان صحيحة، فلن يحلها خلق حالة استقطاب مصطنعة تهدف إلى عزل وحتى شيطنة المقاطعين، وهو حق للمواطنين والأحزاب معاً، وكأن الانتخابات ستؤدي إلى وضع أسس مجتمع التعددية والعدالة الاجتماعية، وكله بناء على قانون انتخاب إقصائي وفي ظل الغلاء المتعاظم نتيجة لمسلسل رفع الأسعار غير المنتهي.
أحترم قرار المشاركة، وإن كنت نفسي مقاطعة، لكن لا أتفق أبداً مع تصوير الانتخابات بأنها معركة ضد أجندة الإخوان المسلمين، لأنه صراع الأجندات، فكرياً وسياسياً، وبالسبل الديمقراطية، يجب وجود أجندة للقوى البديلة تتضمن رؤية إستراتيجية للمجتمع الذي تريد تأسيسه.
فأين البرنامج الوطني للتغيير، الذي يواجه قوى الظلم والاستبداد والظلم، سواء كانت دينية أو علمانية؟
إن الذهاب في اتجاه وضع الانتخابات، وفقاً للقانون الحالي والإجراءات الاقتصادية، على أساس معركة القوى المدنية ضد تيار الإسلام السياسي، لن يشق المجتمع عمودياً فحسب، بل يدخلنا في خداع قصير النظر للنفس، سواء كنا في صفوف المعارضة أو الموالاة، ومهما تباينت توجهاتنا الأيديولوجية أو السياسية.
يعني نُفَصِل قانونا انتخابيا، لتقليص تمثيل الإخوان، ثم نعيش وهماً وكأن قاعدتهم الشعبية اختفت، ونتجاهل أن الأزمة الاقتصادية الاجتماعية، وإن كانت هناك عوامل أخرى، لن تزيد التنظيم إلا شعبية وتأييداً، خاصة أننا مقبلون على موجة غلاء بدأت الفئات الشعبية، وحتى الطبقة الوسطى، تحس بزحف قرصاتها المؤلمة.
أفهم إلى حد ما مخاوف القوى العلمانية وغيرها من تداعيات الوضع في مصر، وأنا أقف من حيث المبدأ، في صف معارضة مسودة الدستور المصري، لشموله مواد قد تؤسس للاستئثار بالسلطات، من قبل الإخوان، ولقوانين تحمل نكهة مظاهر وممارسات الدولة الدينية.
لكن هل يعني هذا أن نغض النظر عن السياسات التي أدت إلى انطلاق الحراك الشعبي؟ وهل نغض النظر عن أن السياسات نفسها لم تستمر فحسب، بل ترافقها إجراءات تفاقم من المعاناة الإنسانية ونتناسى كل ذلك باسم المعركة ضد تيار الإسلام السياسي؟
أنا متأكدة أن هناك قوى وشخصيات، تؤمن أن المشاركة في الانتخابات توفر فرصة مهمة، للبدء في التغيير، أنا لست مقتنعة لكن ذلك لا يهم، فلا بد من احترام المواقف، خاصة إذا كانت صادقة، والابتعاد عن المزاودة الرخيصة باسم حب الوطن.
في الوقت نفسه لماذا لا يتم احترام قرار الحزب الشيوعي في المقاطعة؟ خاصة أن القرار يمثل في جزئية مهمة منه، رأي شباب الحزب المشارك في الحراك، الذي لم يترك الشارع والالتصاق بهموم الناس، ألا يحق لحزب يساري عريق أن يحاول ويجتهد على الأقل في دوره بحماية مصالح الطبقات الكادحة، فهذا على الأقل أحد أهم أهداف حزب يرفع راية الشيوعية؟
أما الهجوم وشيطنة المقاطعة، ولا أقول النقد والنقاش الهادئ، لن يخدم إلا اصطفافات تشتيتية تزيد الأزمة تعقيداً والمجتمع تمزيقاً.
(العرب اليوم)