الإرهاب على حدودنا.. ما الذي يتوجب علينا فعله؟
أخطر ما في الحرب الدائرة على عصابة داعش إعادة تموضع المسلحين في مناطق جديدة كلما اشتدت المعركة ضدهم.
وهذا تماما ينطبق على الوضع الراهن في جنوب سوريا وغرب العراق، حيث يقترب التنظيم الإرهابي اكثر من حدودنا، وهو ما يزيد العبء الأمني المفروض علينا للتعامل مع الإرهابيين باستراتيجية جديدة قائمة بالأساس على درء الخطر عن حدودنا.
في سوريا، ثمة تواجد قريب من حدودنا لجيش خالد وهو الموالي للتنظيمات الإرهابية، وهذا الجيش مسلح بعتاد وأسلحة ثقيلة، كما قال في السابق رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية.
الإرهابيون، لم يعدوا كما كانوا في السابق محصورين في منطقة واحدة بل آخذين بالتمدد والتموضع في مناطق جديدة بالجنوب السوري، ومثال ذلك ما حدث في سيطرتهم على مناطق جديدة كانت تحت سيطرة المعارضة السورية المسلحة في درعا وغيرها.
وهذا بالتأكيد يشكل تحديا جديدا من شأنه كما قلنا أن يزيد العبء الأمني على القوات المسلحة الأردنية التي ظلت تراقب خطر جيش خالد والعصابات الإرهابية الأخرى، في معاقلهم السابقة.
بَيد أن المراقبة اليوم ستزيد رقعتها وبالتالي سيزيد عبئها، وهو ما يتطلب أدوات جديدة للتعامل معها.
هذا من جانب الخطر القادم من الأراضي السورية، أما ما تعلق بذلك الجاثم على حدودنا مع العراق، فالاخبار الآتية من هناك تقول إن التنظيم الإرهابي يعيد ترتيب أوراقه في صحراء الأنبار وهي الصحراء المترامية الأطراف والحدودية مع ثلاث دول هي الأردن وسوريا والسعودية.
قبل أيام نفذ التنظيم الإرهابي عملية مسلحة ضد معبر طريبيل المنفذ الحدودي الأهم مع الأردن وقتل فيه 16 جنديا من حرس الحدود العراقية، ولم تستطع القوات العسكرية العراقية من صد الهجوم نظرا لقلة عددها بسبب انشغالها في عدة مناطق عراقية.
وهذه العملية جاءت في وقت تستعد فيه الحكومتان الأردنية والعراقية لإعادة فتح منفذ طريبيل، وهو ما يعني أن ثمة رسالة يريد التنظيم الإرهابي إرسالها مفادها أنه موجود ولن يتخلّ عن المنفذ والطرق الرئيسية المؤدية إليه نظرا لاهميته الاستراتيجية بالنسبة إليه، هذا من جانب؛ ومن آخر أنه يقتات على تلك الطرق عبر الأتاوات التي كان يفرضها على الشاحنات وغيرها.
في الحقيقة، مدن غرب العراق في غالبيتها غير آمنة وتقع تحت سيطرة أو مرمى نيران عناصر داعش.
أمام هذا الواقع على حدودنا الشرقية والشمالية، ثمة سؤال كبير عن الذي يتوجب علينا فعله للتصدي للخطر المحدق بنا.
في السابق اعتمدت القوات المسلحة الأردنية على استراتيجية الدفاع الثابت والاستخبارات الميدانية في عمق مناطق التهديد الإرهابي عبر مراقبة تحركات العناصر الإرهابية، غير أن هذا لا يكفي مع الواقع الجديد للإرهابيين على حدودنا الشمالية والشرقية، وبالتالي لا بد من تحديثات على تلك الاستراتيجية بحيث ننتقل فيها من الحالة السابقة إلى حالة جديدة.
في الواقع التحديثات على الاستراتيجية بدأت قبل أسابيع بالضربة الجوية التي نفذتها طائرات من دون طيار في ريف السويداء ضد معاقل لتنظيم داعش الإرهابي بيد أن ذلك يجب أن يترافق مع الآتي.
أولا: اتباع استراتيجية «الدفاع النشط» الذي يعتمد على مشاركة عدة أسلحة عسكرية في العملية ومن ضمنها القوات البرية لتنفيذ هجوم استباقي على معاقل الإرهابيين فارضة زمانا ومكانا تختارهما قواتنا المسلحة، لتكون العملية مثمرة وتحقق اهدافها بإيقاع الخسائر بعناصر التنظيم الإرهابي وتطهير المنطقة من المسلحين وابعاد الخطر عن الحدود.
ثانيا: إن «الدفاع النشط» لا يعني «الإمساك بالأرض»، أي أن على القوات المسلحة أن تعود إلى وظيفتها الدفاعية لتكون جاهزة لأي واجب يُسند إليها فور انتهاء العملية العسكرية وتحقيقها للهدف الذي وضعته منذ البدء.
إن تطوير استراتيجية الحرب ضد الإرهاب باتت ماسة اليوم، بل يجب أن لا يتم تأجيلها أكثر من ذلك والانتظار إلى ما سيتمخض عن الخطة التي طلبها الرئيس الامريكي دونالد ترامب من البنتاغون لمحاربة داعش.
اليوم يجب أن يكون هدفنا في تلك العمليات العسكرية هو ابعاد الخطر عن حدودنا، إلى حين نضوج قرار دولي بالحرب الشاملة على الإرهاب، فنحن أكثر المتضررين من اقتراب الإرهابيين منّا ومن تحركاتهم الجديدة على الحدود.
بالتالي، عندما ينضج القرار الدولي، سنكون بالتاكيد جزءا منه، حيث شارك الأردن وما زال بالتحالف الدولي ضد الإرهاب، لكن الواقع الجديد يحتم علينا أن يكون لجيشنا دور سريع في إبعاد مكامن الخطر والعودة بعد الاطمئنان على الوضع الامني في المناطق القريبة من حدودنا إلى مواقعه العسكرية.
لذلك، يجب أن نكون مستعدين للمرحلة الجديدة من المواجهة مع الإرهاب الذي يعتبر أبرز التحديات التي تهدد أمننا الوطني وسلامة مواطنينا.