النظام السوري ومعارضته يغيبان عن الأردن
مثلما اعلن الأردن، مرارا، على لسان مسؤولين، فإن النظام السوري، لن يحضر القمة العربية في الأردن، والسبب في ذلك بسيط، فأغلب الدول العربية تقف ضد دعوة النظام السوري، كما ان قرار حضور ممثل عن النظام السوري يعود الى العرب، وليس الى الأردن حصرا.
في قمة الأردن، لن تحضر أيضا المعارضة السورية، ولا بأي صيغة، وقد شهدنا في قمم سابقة، حضور ممثلين عن المعارضة السورية، خلال محاولات تعميد المعارضة السورية، بديلا عن النظام، غير ان المعارضة غابت لاحقا، وتغيب اليوم، فهي أيضا معارضة ضعيفة، منقسمة، متعددة الولاءات، ومتناقضة المشارب والمشاريع، وباتت خارج لعبة التعميد.
لكن هل سنشهد خلال قمة الأردن، طرحاً ولو في الجلسات المغلقة، يتعلق بضرورة عودة مقعد سوريا في جامعة الدول العربية، الى النظام السوري. الأرجح ان هذا الملف سيتم طرحه من جانب بعض الدول العربية، ولاعتبارات مختلفة؟.
هذا السؤال مهم، والمعلومات تؤشر على وجود خمس دول عربية مهمة، تريد ان تطرح مبادرة في هذا الصدد، سواء بشكل علني، او توطئة عبر الجلسات المغلقة، والأردن باعتباره يرأس القمة، لن يتدخل ولن يحاول منع هكذا مبادرات، بل سيكتفي بترك الامر للعرب، وهو يدرك مسبقا، ولو من باب المعلومات او التحليل ان هذا الامر لن ينجح.
يشار هنا، الى ان الملف السوري، يشكل عقدة بين بعض الدول العربية المهمة، التي تنزع لتسوية الأجواء، وتصفية الحسابات العالقة بينها، على خلفية قضايا مختلفة تخصها، ومن بينها الملف السوري.
محاولة طرح عودة مقعد سوريا الى النظام السوري، قد تتراجع امام حسابات بعض الدول، التي لا تريد نسف محاولات تحسين العلاقات مع دول عربية ثانية، تعادي النظام السوري بقوة، وتأخذ مآخذ كثيرة على كل من يحاول ان يقترب من المحور السوري الإيراني، بأي شكل من الاشكال، وهكذا فإن العقدة السورية، لن يتم الوقوف عندها كثيرا.
تراجع العرب، أيضا، عن دعوة المعارضة السورية، تراجع فيه إقرار، انها غير صالحة سياسيا، لان تكون بديلا عن النظام، برغم افتتاح سفارات وممثليات لها في بعض الدول، ولربما العدمية السياسية، نراها تتلخص بعدم قدرة المعارضة السورية، على إحلال نفسها، مكان النظام فعليا، لا في جامعة الدول العربية، ولا في مفاوضات الحل السياسي للازمة السورية.
المعارضة هنا، خرجت من اللعبة تماما، وتركت الامر للنظام، وللمعارضة الميدانية العسكرية فقط، بشتى انتماءاتها، هذا فوق تعدد اجنحتها وصراعات التمثيل والمكاسب.
الأردن، من زاوية رئاسته للقمة، لا يريد لاي ملفات جدلية ان تهدد القمة، ولا ان تعصف أي أزمات خلافية بأجواء القمة، ربما يساعده في ذلك، ان النظام والمعارضة يغيبان معا، هذا في الوقت الذي يراعي فيه الأردن حسابات دول عربية كبرى تصطف ضد النظام السوري وايران.
من زاوية حسابات الاردن الميدانية والمستقبلية، فإن عمان ترسل إشارة مهمة الى الروس، بدعوتهم الى القمة، في سياقات العلاقات الثنائية، من جهة، وضمانات الروس للاردن، بمنع أي اخطار إيرانية- سورية بالتدفق الى الأردن، وهي الزاوية الوظيفية المهمة للوجود الروسي، والتي لا تعني بأي حال من الأحوال الاقتراب من ذات المحور السوري- الإيراني، والأرجح ان العرب المعارضين لعودة مقعد سوريا الى النظام السوري، لن يفهموا وجود الروس من باب الغزل الأردني السوري المبطن عبر وسيط روسي، بقدر قراءتهم للامر من زاوية حسابات الأردن الاكتوارية بخصوص المستقبل، وما يمكن ان يقدمه الروس للاردن من ضمانات.
قمة الأردن، بلا نظام وبلا معارضة، والازمة السورية، لن تغيب كليا، لكن الأرجح ان الأردن لن يقبل ان تكون ملفا موترا لاجواء القمة.