jo24_banner
jo24_banner

في ذكرى استشهاد أسطورة الفداء وقائد حامية حيفا

عدي محمد الحنيطي
جو 24 :
يصادف اليوم الذكرى التاسعة والستون لاستشهاد قائد حيفا في الجيش العربي الشهيد محمد حمد الحنيطي ، و الذي قدم صورة مماثلة من صور البطولة والفداء عندما ضحى بروحه وحياته رخيصة فداء للوطن ودفاعاً عن ثرى فلسطين مجسداً بذلك نموذجاً من التضحية والشجاعة والتلاحم بين الشعبين الأردني والفلسطيني.

 
ولد أسطورة الفداء الباقية الشهيد محمد حمد الحنيطي عام 1913م في بلدة ( أبوعلندا ) شرق العاصمة عمان ، في مضارب الحنيطيين ، و ترعرع بين أهله قي بلدته ٬ حيث انضم لصفوف الجيش العربي٬ لعدة أعوام برتبة ضابط ميدان ، و تشكلت لديه خبرة عسكريه قويه في قيادة المعارك . عاصر المناضل محمد الحنيطي حرب عام 1948م وكانت سريته في منطقة «فاينري» في حيفا، فاستقال من الجيش، والتحق بقوات المناضلين في حيفا ، عندما وصلت معلومات إلى كلوب باشا قائد الجيش بأن الشهيد محمد الحنيطي يزود قوات المناضلين في حيفا بسلاح ويدربهم ايضاً تحدث كلوب باشا للشهيد قائلاً محمد بيك أنت أردني ما لك و للفلسطينيين ؟ فقال الشهيد يا باشا أنتم من رسمتم حدود هذه البلاد، قبلكم ما كانت فلسطين ولا الأردن ولا لبنان ولا سوريا. قبلكم كنا نشتري من أسواق دمشق ونشتي على ساحل المتوسط. يا باشا دفاعي عن حيفا هو دفاعي عن قريتي أبوعلندا. خذ رتبك، فرتب الثوار أعلى بكثير.

بعد ذلك تولى الشهيد الحنيطي قائدا لحامية حيفا كانت حامية حيفا تعاني نقصاً حاداً من الأسلحة والذخائر والأفراد ، لكن القائد الجديد عقد اجتماع سري مع رجال بوليس عرب وأفراد من قوة حدود شرق الأردن وخاطبهم قائلاً: «يا إخوان... اليوم يومكم، دافعوا عن بلدكم، ووطنكم، أنتم المدربون، والواحد منكم يساوي عشرين من الآخرين». بعد تلك الكلمات النابعة من قلب عربي مناضل لبى الآخرون النداء، ووضعوا أنفسهم تحت قيادته . و قام القائد الحنيطي بتنظيم القوات وتوزيعها على النقاط الحساسة، وإعلان النفير العام، وطلب من السكان التزود بالمؤن والماء والوقود استعداداً للمعركة، كما اتخذ القائد الحنيطي في مدينة حيفا مكانا يدعى «حمام الباشا» على مقربة من مشفى الأمين ويشرف على منطقة البرج . و قاد الحنيطي هجمات متتالية على أوكار الهاغانا في حيفا، فقد استولى على كميات كبيرة من أيادي الصهاينة وشراء كميات من مخازن جنود الإنجليز الذين باعوا أسلحتهم قبل نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين في 15 أيار 1948 ، و بعد ذلك قامت معركة بقيادة محمد الحنيطي ورجاله الأبطال استمرت لمدة 18 ساعة، حيث تقدمت مجموعة من عصابات الهاغانا إلى معاقل المناضلين الكائنة في وادي الصليب، والكولونية، والقشلة، وساحة الخمرة، والمركز التجاري حيث تمكنوا من دحر الهاغانا ، وتكبيدهم خسائر عديدة. و قامت معارك كثير تتكلل بالانتصارات فالقائد الحنيطي كان مميزناً لكن للاسف لم تستمر فكان هناك ضربة قاصمة روى تلك الضربه رشيد الحاج إبراهيم في مذكراته قائلاً في يوم 11/ 3/ 1948م وبناء على مخابرات سابقة، وتعيين موعد لقاء مع اللجنة العسكرية أرسلتُ الى دمشق قائد حاميتنا العسكرية محمد الحنيطي، وكان يرافقه أربعة من الحرس في سيارة خاصة. كان سفرهم عن طريق الباقورة – بيروت. ولدى وصوله وإطلاع المسؤولين في اللجنة على حقيقة الوضع وما تحتاجه الحامية من أنواع الأسلحة لدرء الأخطار تم شحنها في سيارتي كميون، وكانت تحتوي على السلاح والذخائر والألغام وكميات من مدافع وقنابل الهاون والهوشكس.

وفي صباح يوم 17/ 4/ 1948م واصلت هذه القافلة مسيرها من بيروت الى حيفا مارة بمدينة صيدا، وكانت مكونة من سيارتي كميون وسيارة خاصة تقل القائد ورفاقه الأربعة، وفي صيدا انضم إليهم أربعة من العرب كان منهم الشاب الوطني المجاهد أحمد محمود عمورة وثلاثة آخرون ومعهم خمس سيارات وخمسة سائقين. قطعت القافلة الحدود اللبنانية، وكان انضم لها اثنا عشر مقاتلاً من حامية حيفا، بحيث أصبح عدد جميع أفرادها 24 شخصاً. في صباح اليوم ذاته مرت من عكا ولم تتوقف هناك، رغم نصائح البعض للقائد الحنيطي بالتوقف في عكا طلباً للراحة، وبغرض فحص الطريق الى حيفا بشكل يسهل وصولها بأمان. لم يسمع الحنيطي لنصائح مساعده سرور برهم ولإلحاح القادة العسكريين ومطالبتهم إياه بالمبيت في عكا. بعد مرور القافلة من عكا انضم إليها سبعة حراس جدد كانوا بُعثوا من قبل اللجنة القومية في حيفا ليصبح عدد المسافرين 31 شخصاً. عند مرور القافلة في مفرق قريات موتسكن اعترضتها سيارات يهودية أدت الى توقفها ووقوعها هدفاً لكمين محكم التدبير أمطر القافلة بالرصاص وأدى الى استشهاد خمسة عشر من مرافقيها، بمن فيهم القائد محمد الحنيطي وسرور برهم وفخري البرد وإصابة الشيخ نمر الخطيب بجراح بالغة نقل على أثرها لدمشق للعلاج ولم يعد من يومها الى حيفا.

انفجرت إحدى الشاحنتين الكبيرتين بما فيها من ذخيرة وأحدث انفجارها دوياً هائلاً في حين أفلتت الثانية وسيارة خصوصية أخرى وعادتا الى عكا. وتفيد أغلب الروايات أن الذي قام بتفجير الشاحنة كان الشهيد محمد حمد الحنيطي الذي كان قد رأى استشهاد صحبه ففضل أن يفجر نفسه والشاحنة كي لا تقع غنيمة بيد القوات الصهيونية يعد استشهاد المناضل الأردني محمد حمد الحنيطي وسقوط قافلة الذخيرة والعتاد التي قادها الشهيد الأردني، الضربة القاصمة التي أنهت آمال الحيفاويين باسترجاع مدينتهم من الصهاينة، حيث قضى قائد حامية حيفا في كمين أعدته القوات اليهودية بالقرب من مستوطنة «قريات موتسكن» الواقعة على مشارف حيفا وأدى الى استشهاد المجاهد الحنيطي والمجاهد سرور انطلق موكب الشهداء من مشفى الأمين في حيفا ماراً بالبوابة الشرقية وسوق الشوام الى الجامع الكبير في الجرينة (جامع الاستقلال)، وقد جللت النعوش بالأعلام العربية تعلوها أكاليل الزهور والرياحين ويتقدمها نعش الفقيد الكبير محمد حمد الحنيطي، وأحاط بالموكب عدد كبير من المجاهدين بأسلحتهم، وتمت الصلاة على أرواح الشهداء في الجامع، وبعد الصلاة عادت المواكب بين التكبير والتهليل، وتتبعها زغاريد النساء، وقبل وصول الشهداء إلى مقبرة الروضة ألقى فضيلة الشيخ عبد الرحمن مراد كلمة تأبين في رثاء الذين قضوا في سبيل الله والوطن، وتابع الموكب مسيرته إلى المقبرة حيث ووريت جثامين ستة من الشهداء، وأما جثمان الشهيد الحنيطي فأعيد إلى مستشفى الأمين، وكانت الترتيبات اتخذت منذ الصباح لنقله إلى عمان بالطائرة، ولكن إشارة تليفونية وردت من عبد القادر الجندي طلب فيها نقل الجثمان إلى مدينة جنين حيث حضر عدد من أهله وذويه لتسلمه ونقله إلى موطنه الأردن.

وما أن ووري جثمان الشهيد حتى أطلقت ثلة من الجنود نيران بنادقهم في الهواء وداعاً للشهيد المناضل الذي انضم الى قوافل الشهداء هنيئاً لك ابا حمد نم قرير العين مرتاحاً يا شهيد ، اليوم نستذكر استشهادك البطولي دفعاً عن قضيتنا الرئيسية ، فلا تقلق أن النصر قريب و بوعد ربك مؤمنين فلا بد أن يأتي ذلك اليوم و أن نحتفل ونرفع صورتك عالياً عالياً ابا حمد كما اجتهد واستشهدت دفاعاً عن الكرامة العربية، نستذكرك اليوم يا شهيد العرب.


o-alhuniti@hotmail.com
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير