النائب الذي يريده الاردن
نعيش هذه الايام بازارا وطنيا يقدم فيه الناخبون مطالب بالجملة الى المرشحين بلا تردد و اختصار ، وتعطى فيه الوعود من المرشحين الى الناخبين بكرم وسخاء .
في الحالتين نحن امام مواسم بيع الهواء وقبض الماء حيث تتسع فجوة عدم التصديق لتسمح بان تنمو ظاهرة بيع وشراء الأصوات التي ينحدر اليها مرشحون وناخبون ، وهو ما اصطلح على تسميته بالمال السياسي فيما هو أسوأ انواع الرشوة وأشدها إيذاء للشعب والنظام بالمفهوم الجمعي للمصالح الوطنية .
ينهال الناخبون على المرشحين للدوائر الفردية بمطالب يعرفون ان فرص تحقيقها ضئيلة ان لم تكن مستحيلة ، مثل طلبات التوظيف في قطاع عام لم يعد فيه مكان لوظائف جديدة غير تلك التي تفرضها حاجة وزارتي التربية والصحة بسبب الازمة المالية التي تمر بها البلاد .
وتمتد هذه المطالب المستحيلة الى المقاعد الجامعية والأقساط وصولا الى مشاكل الرواتب التقاعدية وقضية المساواة بين المتقاعدين .
ومن جهتهم لا يبخل المرشحون في ازجاء الوعود وإطلاق العهود وهم يعلمون بان التنفيذ صعب وبان ضالة المرشح هي (انتخبوني والباقي علي ) .
ومن الغريب ان تسمع وتقرأ في وسائل الاعلام من الشعارات ذات الطابع الوردي التي تصلح في الخيال الشعري وليس لعالم السياسة ، مثل ان يعد احد المرشحين جميع الاردنيين بانه ذاهب الى البرلمان لتحقيق العدالة في المجتمع وإعادة ( الحقوق لأصحابها ) بدون ان يفيد عن الفئة التي اليها يتوجه !! .
لا بد من ان تنتهي هذه الصورة الانتخابية خاصة وان الظروف تفرض ذلك في ظل دعوات الشفافية ومصارحة الكل للكل .
فالبلد بحاجة الى رجال ونساء في المجلس النيابي المقبل يعرفون بان العبء الوطني الملقى على عاتقهم كبير جداً هو ما يفرض عليهم مصارحة الناس بالحقائق ،التي هي اكبر واهم من ان يقضي النائب مدته وهو يتنقل من وزارة الى اخرى يستجدي وظائف لا شواغر لها ، والنتيجة ان تكسر الحكومة عيون النواب .
حل مشكلة البطالة مسألة وطنية تبدأ بالتنمية وتوفير الاموال للاستثمار، والنائب الذي يريده الاردن في السنوات الاربع المقبلة هوالذي يقدم العهود بانه سيمارس مهمة الرقابة على الإنفاق الحكومي بكل أمانة ووفاء للقسم الذي يؤديه .
الاردن يريد النائب الذي لا يصوت على اي قانون بالموافقة الا اذا أشبعه دراسة واستشارة واستماع لمن يمسهم القانون من الناس ثم يحكم ضميره الوطني عند التصويت .
بهذا المعني يلتف جميع الأردنيين ومنذ سنوات خلف مطالب قد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة ، اولها وجود مجلس نيابي قوي ، وهذا لن يتحقق بالوعود الخيالية وبيع وشراء الاصوات انما بالتقاء جميع المرشحين علي (المطالب الجمعية لكل الاردنيين ) بدون زيادة أونقصان ، وتبقى مسألة التفاضل بين مرشح وآخر متروكة لقناعة الناخب بكفاءة ووطنية ونزاهة من يريد اختيارهما وبهذا المعنى أيضاً لا قيمة لكل هذا الفائض من شعارات المرشحين .
الاردن يريد نوابا تحمر عيونهم بوجه الفساد والمفسدين ويتصدون لحكومات ما ان تأتي حتى تبدأ بتفعيل الواسطة لتنفيع الاقارب والأنسباء اوعلى أسس جهوية .
مثل هذه المواقف وغيرها من نواب صادقين يشعرون بالانتماء للوطن كله وللشعب بكل فئاته ، هم القادرون على التأسيس لقوانين العدالة الاجتماعية والتصدي للفساد وهدر النفقات و المساهمة بتوفير المال وخلق فرص العمل .
والى الناخبين ... لا تصدقوا من يوزع الوعود وهو يعرف وانتم تعرفون انه غير قادر على تحقيقها .
صدقوا من يعد بانه سيكون مسؤولا امام الله وأمام الناس بانه سيقوم بكافة واجباته في المراقبة والمساءلة والمحاسبة بدون الخضوع لأي إغراء مادي او منافع اخرى ولا الاستجابة لضغوط اي جهة صاحبة مصلحة في تمرير ما يضر بالناس والوطن .
(الراي )