العرب امام رئيس إيراني جديد
تقف ايران امام انتخابات رئاسية جديدة، وايا كان الرئيس المقبل لإيران، فان هويته السياسية، لا تلعب الا دورا جزئيا، في تحديد خط ايران السياسي خلال السنين المقبلة.
مؤسسات متعددة تلعب دورا في تحديد السياسات الإيرانية، مؤسسات دينية وعسكرية وامنية، بالإضافة الى ما تمثله القوى التقليدية على المستوى الشعبي والديني والاقتصادي.
العرب مثلهم مثل بقية قوى العالم، يريدون قراءة السياسة الإيرانية، واي تغيرات قد تستجد عليها، والمؤكد هنا، ان هناك عدة محاور، تتسبب بالتباسات في العلاقة الإيرانية العربية، وهي التباسات، لم تسع ايران الى ازالتها، ولا حتى تفسيرها.
ابرز هذه الالتباسات يتعلق بالدور السياسي والعسكري في العراق وسوريا واليمن، وهذه الأدلة المؤكدة على رغبة ايران بالتمدد في المنطقة، وهي رغبة تتسبب بكلف مرعبة على صعيد حياة الإيرانيين، امنيا واقتصاديا واجتماعيا، مثلما تتسبب بانهاكات للدول العربية التي تتدخل فيها ايران، وللدول العربية التي تواجه ايران بشكل مباشر او غير مباشر، في تلك الساحات، فايران هنا، تخوض حربا، تدفع كل المنطقة ثمنها.
الالتباس الثاني يتعلق بالجانب المذهبي، وعلى الرغم من ان المنطقة العربية تعيش طوال عمرها، دون تمييز مذهبي، الا ان علينا ان نعترف اليوم، ان المنطقة انقسمت مذهبيا، واذا كانت ايران، لا تقر بمسؤوليتها عن اذكاء حرب مذهبية، الا ان الواقع يؤشر على تحسس كبير جداً، بين أبناء المنطقة العربية، وهذا تحسس مؤيد بالشعارات والأدلة، ولا تسعى ايران هنا، لتقديم أي دليل على ان حروبها ليست مذهبية، بل على العكس تؤكد مذهبيتها، والمريع حقا، ان ايران تعتقد ان بامكانها ان تتوسع او تتمدد او تصير مقبولة، وسط بنية اجتماعية كبيرة جدا، مذهبها مختلف، وتشعر أيضا ان مذهبها مستهدف.
اذا تأملنا الالتباس الثالث، فهو يتعلق بالدور الوظيفي للسياسة الإيرانية، ومما يؤسف له، ان تدفع ايران المنطقة دفعا، باتجاه تحالفات كانت مستحيلة او محرمة، وهذا يفسر الكلام عن تحالفات عربية إسرائيلية، لمواجهة ايران، او تحالفات عربية تركية للوقوف في وجه طهران، باعتبار ان الاتراك، بديل إقليمي سني، له جذوره في المنطقة، مقارنة بنموذج ايران الإقليمي الشيعي، الذي يسعى لتوظيف تشابهات مذهبية في العراق وسوريا ولبنان، وذات طهران تدفع، أيضا، باتجاه انهيار اقتصادي في المنطقة العربية، حين تضطر الدول العربية الى تعظيم ترسانتها العسكرية، وتجديد التحالفات مع دول مثل الولايات المتحدة، ودفع كلف مالية مذهلة لحماية ذاتها امام المشروع الإيراني.
هنا نسأل عن هذا المشروع، ومن يخدم فعليا، ما دامت النتائج تصب لصالح الإسرائيليين، والأتراك، وصناديق الاميركان الفارغة ماليا؟!.
هذه ثلاثة التباسات، تحليلها العميق، يأخذنا الى نتائج مؤلمة جدا، لان ايران وعلى ماهو واضح، مصرة على ان لا تتصالح مع العالم العربي، على مستوى الأنظمة، ولا على مستوى الشعوب، والاغلب ان الرئاسة الجديدة في ايران، ستدور في ذات الفلك، أي استدراج المنطقة لمواجهة مفتوحة ومكلفة.
ما ينتظره العرب من ايران، مؤشرات على مصالحة العالم العربي، بحيث يسلم العرب والايرانيون معا، لكن هذه المؤشرات لا نراها، ولا يتوقع ان نراها خلال الرئاسة الجديدة، لسببين، أولهما ان الرئيس الإيراني لا يحكم فعليا، الا عبر قوى تديره، ولان التوقيت العالمي ينذر بمواجهة في غاية السوء، والأرجح ان أي تحول إيراني إيجابي، على مستوى سياساتها، سيجنب المنطقة كلها، الحافة، وما وراء الحافة.