2024-04-24 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

سالكة بصعوبة شديدة

ماهر أبو طير
جو 24 :

تقرأ التقارير الرسمية حول حالة الطرق، فلا تمتلك الا ان تحتار في هذه التقارير، فهي تعدد الطرق المغلقة في البلاد، وتلك السالكة بصعوبة شديدة، فتكتشف بكل بساطة ان كل طرق البلد مغلقة، او سالكة بصعوبة شديدة، اي مغلقة فعليا، فلماذا يتم اصدار تقارير وحشوها بهذه التفاصيل التي لا تعني شيئا؟!.

التقارير تورد اسماء مئات الشوارع المعروفة قائلا انها سالكة بصعوبة شديدة، وان كل الطرق الفرعية مغلقة، وكان الاولى ان لا يتم تعداد مئات الطرق في هذه الحالة وتكتفي التقارير بسطرين، الاول يقول ان كل الطرق مغلقة، باستثناء الرئيسية فهي بحاجة الى حذر شديد، وبمعنى ادق.. خطيرة جدا.

هي ذهنية ادارة الازمات بطريقة بائسة للغاية، وتذكرنا بالحوادث والزلازل والحروب حين تقع في دول العالم، ودائما ما كان الرسميون يخرجون بسرعة البرق بتصريحات بعد اي فاجعة للقول ان الاردنيين في تلك البلد المنكوبة بخير، ولا تعرف كيف استطاع الرسميون عندنا ان يعرفوا منذ الساعات الاولى ان الاردنيين بخير، فيما تلك الدول لا تعرف احوال مواطنيها بعد، لكنها ذات مشكلة الصياغات التقليدية في المعنى والمضمون؟!.

المنخفض الثلجي الاخير كشف عورة المؤسسات المختصة، والغريب ان التبريرات كلها تتحدث عن الثلج المتراكم، ويتناسى هؤلاء ان هذا البلد ثلجي وهكذا كان طوال عمره، فلماذا لم يتم الاستعداد جيدا، وبشكل مسبق، خصوصا، ان الثلج لم يأت بغتة، وهو ايضا ليس زائرا غير متوقع؟!.

تقرأ في الاخبار عن اغلاقات الطرق، واختفاء الكاز، وانقطاع الكهرباء، والهجوم المرعب على المخابز، واغلاق الصيدليات، وتعطيل كل البلد لاربعة ايام مع اليوم الجمعة وغدا السبت، فتسأل نفسك:اذا كان البلد لم يحتمل ثلجا ليومين، فهل كان يحتمل جر نسخ الربيع العربي الدموية الى هنا على ذات الطريقة التي رأينها في دول عربية؟!.

الذين هللوا لربيع عربي في الاردن، هل كان يحسبون ان بلدا بلا موارد وامكانياته ضعيفة، وخبز اهله ومستلزمات بيوتهم بالكاد يتم تأمينها يوما بيوم، في ظل شح المياه والزراعة، وتدفق الادوية والنفط والغاز يوما بيوم، سيحتمل ربيعا عربيا دمويا ليوم واحد فقط؟!.

ثلج ليومين اغرق البلد. ادخل الجوع الى البيوت المحاصرة والبرد الى البيوت التي بلا وقود، ونقص الادوية للمرضى المحاصرين، فكيف بفوضى عامة تهدم كل شيء؟!.

المنخفض الجوي نعمة من الله بلا شك. لكنه يعيد قراءة كل شيء، دون ان ننتقص هنا من الجهود المبذولة لفتح الطرقات او انقاذ الناس، لكنها جهود تتسم بالنقص، لان الامكانات قليلة، والكوادر اقل، وهذا يفرض على الجهات المختصة ان تعيد التفكير في مبدأ ادارة الازمات والطوارئ، وهذا نموذج مصغر لما يمكن ان نواجهه في حالات اخرى مثل الحروب والزلازل وغير ذلك.

البلد لم يكن سالكا بصعوبة شديدة فقط خلال منخفضات الثلج، اذا انه تاريخيا يواجه الازمات والمحن، واتسم تاريخيا بكونه سالكا بصعوبة شديدة اقتصاديا وسياسيا وجغرافيا، فيما قدره دوما النجاة.

هذا يأخذنا الى الاستخلاص الاهم: بلد سالك بصعوبة شديدة صيفا وشتاء، هل يحتمل من كثرة منا، ملاعبته في استقراره وحياة اهله، تحت عناوين براقة وجاذبة ستجعله بلدا مغلقا الى اشعار اخر، لا سمح الله؟!.

والسؤال مبسوط للاجابة؟!.

(الدستور )
تابعو الأردن 24 على google news