jo24_banner
jo24_banner

خذلان بلا حدود

ماهر أبو طير
جو 24 :

مرت ذكرى سقوط القدس، البارحة، مرورا سريعا، في الذاكرة العربية والإسلامية، والقدس التي سقطت على مرحلتين، عام 1948 وعام 1067، تغيرت كثيرا، عن تلك القدس التي تعرفونها، وكانت بين يدي العرب والمسلمين.

قيل قديما ان من يحكم القدس يحكم العالم، وهذا صحيح، اذ بعد ان دخلها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، امتد المسلمون وحكموا اغلب العالم، والامر ذاته انطبق على الغرب الذي احتلها بجيوشه، ابان حملاته الشهيرة، وكان الغرب وقتها في عز قوته، ومانراه اليوم، من سيطرة اليهود عليها، يؤشر أيضا، على نفوذهم في كل العالم.

تاريخيا تعرضت القدس الى ويلات كبيرة، من تحويل الأقصى الى اسطبل للخيل، مرورا بمنع الصلاة فيه تسعين عاما، ومانراه هذه الأيام، من محاولات لتهويد كل المدينة المحتلة، توطئة لاسقاط ذات الأقصى.

لاجديد حين نعيد التذكير بسرقة أراضي القدس، وبناء المستوطنات، وإقامة الكنس، ومحو الذاكرة العربية والإسلامية، وتصنيع اثار يهودية، عنوة، وصولا الى انهاك سكانها اقتصاديا، واغراقهم في الغرامات والديون والملاحقات الأمنية والمخدرات وغير ذلك.

لكن برغم هذه الحرب، تبقى المدينة بروحها الصلبة ثابتة، فـأكثر من ربع مليون فلسطيني يذهبون للصلاة في الأقصى في الجمعة الأولى، والرسالة تقول لإسرائيل ولغيرها، ان من الاستحالة شطب هذا الوجود، ولربما اكبر مقتل لإسرائيل، هو بقاء ملايين الفلسطييينين في فلسطين، وهو الخطأ الكارثي للمشروع الصهيوني، الذي يندم عليه، أي بقاء هؤلاء.

هذه هي مشكلتهم الكبرى، أي عدم تنقية فلسطين، من أي وجود غير يهودي، وبحيث يستحيل على إسرائيل تجاوز هذا الوجود الفلسطيني العربي، مسلمين ومسيحيين، سواء كانوا يحملون جوازات إسرائيلية، او فلسطينية، او اردنية، فالخلاصة انهم باقون فوق ارضهم، ويمنعون ان يكتمل مشروع الاحتلال، كما يراد له ان يكون.

لكن السؤال الأهم، ايهما اهم في القدس، المقدسات ام البشر، فالمقدسات بدون البشر، تتحول الى مواقع تاريخية اثرية، ولاحياة لها، الا بمن يسكن القدس، وهذا يعني ان السوار الاجتماعي في المدينة المحتلة، مهم جدا، وهو للأسف مخذول من كل الجهات، وليس ادل على ذلك، حاجة اهل القدس للعمل في مستوطنات إسرائيل حتى يعيشوا؟.

بعضهم يتم هدم بيته فوق رأسه، لان لامال لديه لدفع غرامة البناء، وفريق يتم مصادرة محله التجاري جراء الضرائب، وبينهم أيضا من هو سجين، او ملاحق امنيا، او متورط في قضايا كثيرة، من بينها الإدمان على المخدرات، في سياق حرب إسرائيل على هوية المدينة.

إسرائيل التي احتلت المدينة، تفعل كل شيء، لتهويد هويتها، وانهاء سوارها الاجتماعي، لكننا نسأل بألم عن كل المال الفلسطيني والعربي والإسلامي، الذي يتفرج على اهل المدينة الذين يحمونها فعليا، لمجرد الوجود والانجاب والصلاة، والوقوف شوكة في وجه الاحتلال، نسأل عن هذا المال، ولماذا يخذل اهل القدس، ويتركهم في اضعف احوالهم، ويتذرع باستحالة مساعدتهم جراء منع إسرائيل، والرقابة وغير ذلك، وكاننا امام اسهام غير مباشر من الجميع، بتهويد المدينة، وتركها لمصيرها؟!.

للناس افعالهم، ولرب العالمين، ارداته، ويوما ما، ستعود القدس عربية، فيما الخذلان يبقى علامة في وجه التاريخ، وفي سجلات هؤلاء امام رب العالمين.الدستور

 
تابعو الأردن 24 على google news