الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين يغازل ذاته في أغرب استطلاع
تامر خرمه- في دراسة غريبة أعدّها "المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين" -عن نفسه- تبيّن أن نسبة "رضاه" عن أدائه بلغت 80%.
هذه الدراسة ضربت عرض الحائط بجوهر البحث العلمي من خلال قيام ذات الجهة بتقييم أدائها، للخروج بنتائج بلغت من الإيجابيّة ما عجزت أجمل الأمنيات عن إدراكه !!
وكان حسين ابو فراش، مدير الدراسات والتخطيط المؤسسي في المجلس، قد صرّح بأن نسبة الرضا عن أداء المجلس بلغت 80 بالمئة، وفقا لدراسة ذاتيّة حول "مدى الرضا عن الخدمات المقدمة من برامج التأهيل المجتمعي في عدة مناطق في المملكة"، معتبرا أن نسبة "الرضا" بلغت في الضليل 97,58%، فيما بلغت في شرق عمان 91,53%، وفي الاغوار 88,37%، و76% في الكرك.
أرقام تحاول إخفاء الحقيقة التي كشفها تقرير الزميلة حنان الخندقجي حول بشاعة ما يتمّ اقترافه من انتهاكات في مراكز الرعاية، التي أهمل المجلس واجبه الرقابي تجاهها، وتخلّى عن دوره في حماية ذوي الاحتياجات الخاصة من سوء المعاملة، لينشغل بعد ذلك بمغازلة الذات عبر استطلاعات وهميّة.
وحول الأرقام الفلكية التي خلص إليها استطلاع الذات للذات، يقول الزميل راكان السعايدة: "إن هذه النتائج مشكوك بصحتها ومطعون بمصداقيّتها، فتقييم الرضا عن أداء أية مؤسّسة يجب ان يتمّ من خلال جهة محايدة تجري الاستطلاع وتعطينا النتائج".
وكانت لجنة التحقيق، التي تشكلت قبل نحو 6 أشهر لتقييم واقع دور الرعاية الاجتماعية جرّاء فضيحة الانتهاكات التي تقترف بحق ذوي الاحتياجات الخاصّة، قد حمّلت المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، ووزارة التنمية الاجتماعيّة، المسؤوليّة الأدبية والقانونيّة حيال تلك الانتهاكات.
وينوه السعايدة، الذي كان عضواً في لجنة التحقيق، إلى أن أداء المجلس لم يشهد، منذ انتهاء عمل اللجنة، ذلك التطوّر الكبير الذي من شأنه أن يقود إلى كل هذا "الرضا" خلال عدّة أشهر.
ويضيف: "إن هذه النتائج تعيد إلى الأذهان نتائج استطلاعات الرئاسة في الدول المجاورة قبل بدء الربيع العربي"، متسائلا عن الأطراف التي تمّ استطلاع رأيها والصيغة التي جرى وفقها هذا الاستطلاع.
ومن جانبها تتساءل المحامية إيفا أبو حلاوة، مديرة مركز مجموعة القانون من أجل حقوق الإنسان (ميزان)، عن المعايير التي استند إليها المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين لإجراء هذا الاستطلاع، وعمّا إذا كانت هذه المعايير موجودة بالأساس.
وتشير أبو حلاوة إلى أن الزيارات التي قام بها "ميزان" على مدار أسبوعين -بعد تشكيل لجنة التحقيق بالانتهاكات التي تقترف بحق ذوي الاحتياجات الخاصّة- شملت كافة مراكز المعاقين، حيث تمّ رصد هذه الانتهاكات واكتشاف مواطن الخلل.
وتضيف: "إذا كان المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين يقوم بزيارات تفتيشيّة على هذه المراكز، فكيف لم يكتشف الخلل.. ومن هنا حمّلت نتيجة التحقيق المجلس ووزارة التنمية الاجتماعيّة مسؤوليّة الانتهاكات التي يتمّ اقترافها بحق ذوي الاحتياجات الخاصّة"، مشيرة في ذات السياق إلى تقرير البي بي سي الذي سلّط الضوء على هذا الخلل.
وتتابع: "لقد قمنا بزيارة كافة مراكز الإعاقة العقلية ورصدنا الانتهاكات التي يتم ارتكابها في هذه المراكز، ولا يمكن بطبيعة الحال أن يكون المستطلع آرائهم في تلك الدراسة هم من ذوي الإعاقات، وفي حال كان المستطلعون هم الأهالي، فتجدر الإشارة إلى أنّهم يتحمّلون أيضاً مسؤوليّة كبيرة فيما يتعلّق بهذه الانتهاكات".