jo24_banner
jo24_banner

اللجوء لوسطاء من خارج السلطة يكشف عجز الرسميين وفشلهم في ادارة شؤون الدولة

اللجوء لوسطاء من خارج السلطة  يكشف عجز الرسميين وفشلهم في ادارة شؤون الدولة
جو 24 :
كتب احمد الحراسيس - أثارت قضية الجندي معارك أبو تايه والاحتجاجات التي تلتها تساؤلات لدى العديد من أبناء قبيلة الحويطات، والمراقبين بشكل عام حول نهج الحكومة في التعامل مع تلك الاحتجاجات والتبعات، خاصة بعد تكليف الحكومة لوزير الداخلية السابق، سلامة حماد، لقيادة المفاوضات مع ابناء قبيلة الحويطات ،والتوسط لحل الاشكال ،وهنا وبغض النظر عن صوابية الاختيار من عدمها ، لماذا تكلف الحكومة شخصيات من خارج السلطة لنقل موقفها للناس؟

لم نسق هذه المقدمة لنتحدث عن سلامة حماد الذي خرج من حكومة الدكتور هاني الملقي بصفته أحد عناصر التأزيم، بالاضافة إلى فشله الذريع خلال أحداث الكرك، ولا نريد ان نتحدث عن عبدالرؤوف الروابدة الذي نجح متأخرا في توقيع الصلح بين عشيرتي الشياب والعثامنة في الصريح ، ولكنّنا نريد ان نناقش مبدأ استعانة الدولة بـ "وسطاء بينها وبين أبنائها من أصحاب المظلمات"..

المسألة الرئيسة الأولى في هذه القضية تتعلق بمدى حاجة الحكومة إلى وسيط بينها وبين الاردنيين ، وهل من الطبيعي أن تستعين بـ "وسيط" لتستمع إلى أصحاب المظلمات ؟هل من المنطقي ان تفوض الحكومة شخصية لا صفة رسمية لها للتفاوض بالنيابة عنها مع ابناء العشائر ،وذلك على قاعدة انه ينتمي لاحد العشائر المعتبرة في الاردن ! وهنا نسأل :ايهما اقوى الدولة ام العشيرة؟

في الحقيقة، إن الاستعانة بـ "وسيط" تكشف ضعفا رسميا او للدقة ضعفا من الرسميين في التواصل مع الناس، وهذه اشكالية كبيرة لا يفترض أن تكون موجودة، ولا بدّ من علاجها بشكل عاجل، فالأردن تميّز تاريخيا بعلاقة متينة تربط الشعب بالسلطة. كما أنها تعيد اسئلة "الدولة أم العشيرة" إلى الواجهة من جديد.. فالوسيط الذي لا يحمل صفة رسمية يعزز أيضا فكرة لدى الناس بأن الحكومة أو الدولة تقف في الصفّ المناوئ لأصحاب المظلمات، ولا تحمي العشيرة المتظلمة، وهذا أمر في غاية الخطورة.

وأما المسألة الأخرى، فهي المتعلقة بالوسيط نفسه، فهو على الأغلب سيفكّر في أمرين لا ثالث لهما؛ إما في بذل الجهد لتعزيز مكانته لدى دوائر صنع القرار أو العمل على "افشال الحكومة".

الوسيط حتما لديه مطامع بالعودة إلى الواجهة،وقد يذهب في تفكيره لإفشال المهمة حتى يُقال في النهاية "إن هذه الحكومة فشلت في مهمتها"، أو ربما يبذل فعلا جهودا جبارة لتصريف الاشكال لايصال رسالة مفادها بانه المخلص الاعظم ، وانه تمكن من التعامل مع المشكلة في الوقت الذي عجزت عن حلها الحكومة وادواتها واجهزتها!

في الواقع لقد أضاعت الحكومة فرصة اخرى لتعزيز فكرة أننا نعيش في دولة مؤسسات وقانون،دولة يتمكن بها اصحاب القرار بانفسهم من التصدي لاي عقبة او اشكالية تواجههم ، رجال دولة من العيار الثقيل القادر على التعاطي مع المظلمات والاحتجاجات ،رجال لا يختبئون خلف جدران مؤسساتهم ووزاراتهم وخلف مكاتبهم الفارهة "المكندشه”،رجال لا يخشون مواجهة الناس والخروج عليهم بالمنطق والحجة والبرهان . رجال بحجم وصفي وهزاع وحابس ،ايه، سقا الله على تلك الايام ..

اما اكثر المظاهر ازعاجا في ايامنا هذه ، فهي ظهور مسؤولين سابقين سواء ممن خدموا في الأجهزة الأمنية أو غيرها اولئك الذين باتوا مؤخرا "يمتهنون” توجيه الانتقادات والهجوم على مؤسسات الدولة ، ولسان حالهم يقول بأن الأجهزة الأمنية وغيرها من مؤسسات الدولة باتت عقيمة لا تلد امثالهم و عاجزة عن الفعل والانجاز بعد احالتهم على التقاعد! وهذا وهمٌ كبير لا بدّ أن يفيق منه أصحابنا.. فهذه المؤسسات والأجهزة كانت ولا زالت وستبقى ولّادة للقيادات والكوادر المخلصة والكفؤة التي نحترمها أثناء الخدمة وبعدها.. طبعا اذا ما التزموا وحافظوا على حقوق الناس وقدموا مصلحة الوطن على اي اعتبارات اخرى ..

لهؤلاء المتسلقين على اوجاعنا ،الطامحين بالعودة للسلطة بغير وجه حق او رصيد من الانجازات ، نقول: حلوا عنا لقد سأمنا منكم ،اخرجوا منها بلا عودة …
تابعو الأردن 24 على google news