عذابات السوريين بين المعارضة والنظام
الرئيس السوري يقدح المعارضة السورية، ويصفها بكلام لاذع، بأنهم مجرد شخصيات وهمية، واشباح، ومجرد أدوات، يتم استعمالها مرة واحدة، ورميها في سلة المهملات، مشيرا الى انهم مجرد عبيد لاسيادهم.
كلام الأسد، يأتي تأكيدا لموقف دمشق الرسمية، خلال السنوات السبع الماضية، إزاء المعارضة السياسية، وحتى تلك العسكرية التي تتم محاربتها، خصوصا، بسبب صلتها بالتطرف، لكن هذه التصريحات، تقدم ماهو اهم، أي ان هذا هو الموقف الرسمي السوري، من المعارضة، التي تتم محاورتها ومفاوضتها، في جنيف والاستانا.
هذا في الوقت الذي يخرج فيه علينا وزير الخارجية الخارجية الكازاخستاني كيرات عبد الرحمنوف قائلا أن الدول الضامنة لنظام وقف إطلاق النار في سوريا وهي روسيا وإيران وتركيا، تعتزم عقد اجتماع فني جديد على مستوى الخبراء، حيث سيتم تحديد جدول الأعمال ومواعيد انعقاد الاجتماع القادم في إطار عملية أستانا لتسوية الوضع في سوريا، وان الاجتماع الفني لن يعقد في أستانا وإنما في مكان تحدده الدول الضامنة.
الواضح تماما، ان نظام الأسد، لن يمنح أي شرعية للمعارضة السورية، ولن يسمح لها بتقاسم السلطة في سوريا، ولا منحها أي مساحة شراكة، كما ان الوصول الى أي تسوية سياسية، بين النظام، والمعارضة، سيكون في حقيقته تعبيرا عن تسوية عربية وإقليمية ودولية، إزاء الازمة السورية، وليس عن إرادة المعارضة، ومشروعها، وهذا يمتد الى المرحلة الانتقالية، وماستؤدي اليه، من خروج الأسد، او ترشحه مجددا، وعودته الى ذات موقعه.
مايراد قوله هنا، ان المعارضة السورية، هشة جدا، ونحن هنا، لانتطابق مع مايريده الأسد، من تشويه لسمعة المعارضة، لكن الذي جرى ان المعارضة السياسية ضعيفة، ومنقسمة، ومتعددة المرجعيات، ولاتأثير لها قويا في الميدان، وهذا الميدان بات اليوم مختلفا، اذ ان الحرب على داعش وبقية الجماعات، بات هو الأولوية، وهذا ملف منفصل عن المعارضة السياسية، التي لم تعد مؤثرة ميدانيا، حتى على الاتجاهات التي كانت توصف بالمعتدلة، وهنا اقصد بعض أنواع الفصائل العسكرية.
لكن السؤال الأخطر: الى متى ستقبل المعارضة السورية، بعد كل هذه المعادلات ان تواصل دورها الشكلي، التمثيلي، والتكميلي، بعد ان أصبحت مجرد وسيلة للتسلية السياسية من جانب كل الأطراف، وبعد ان بات الباب الأكثر جدوى، عنوانه الوصول الى تسوية إقليمية دولية، توافق عليها المعارضة نهاية المطاف، بأعتبار ان الامر مجرد نتيجة لامفر من قبولها؟
هذا هو السؤال، دون ان ننكر هنا، ان الأسد في تصريحاته، يؤكد المؤكد، فلا يمكن لدمشق الرسمية، ان تقبل بكل هؤلاء، لا اليوم ولاغدا، وبهذا تكون مؤتمرات جنيف واستانا، مجرد ملهاة سياسية، تزيد عذابات السوريين.
ثم مالذي استفاده السوريون بعد كل هذه السنين، من النظام والمعارضة، ومن الثورة التي انقلبت الى فوضى، غير خسارتهم لبلادهم وحياتهم ومنجزهم وامنهم واستقرارهم؟.