jo24_banner
jo24_banner

"الحق المهدور" بين نصوص القانون والتراخي في التطبيق

الحق المهدور بين نصوص القانون والتراخي في التطبيق
جو 24 :

كتب وليد حسني

لم يحتج مشروع قانون ضمان حق الحصول على المعلومات الى أكثر من ساعة واحدة فقط لإقراره كما جاء من الحكومة اثناء مناقشته من لجنة مشتركة في مجلس النواب الرابع عشر ضمت اللجنتين القانونية والحريات العامة وحقوق المواطنين.

ولم تقم اللجنة النيابية المشتركة بالاستماع الى اراء المؤسسات المهتمة بالحريات الصحفية مثل المجلس الأعلى للاعلام قبل حله، أو مركز حماية وحرية الصحفيين للحوار حول القانون، بل قام رئيس اللجنة القانونية رئيس اللجنة المشتركة عبد الكريم الدغمي بالابقاء على غالبية مواد القانون كما وردت من الحكومة باستثناء التعديل الذي أدخلته اللجنة على تشكيلة مجلس المعلومات، والتي تمثلت بان يكون وزير الثقافة رئيسا لمجلس المعلومات الذي سيتشكل من مدير عام المكتبة الوطنية نائبا للرئيس وأمين عام وزارة العدل وأمين عام وزارة الداخلية وأمين عام المجلس الأعلى للاعلام ومدير التوجيه المعنوي ومدير عام دائرة الإحصاءات العامة أعضاء.

وصوت المجلس في دورته الاستثنائية الرابعة لمجلس النواب الرابع عشر سنة 2007وصدر في الجريدة الرسمية بتاريخ 17 حزيران 2007 دون إدخال اي من التعديلات عليه باستثناء التعديل الذي ادخلته اللجنة القانونية.

ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم بقي القانون يثير القلق ويثير الكثير من الأصوات المطالبة بتعديله، وعلى مدى خمس سنوات مرت على اقرار القانون فان حالات استخدامه وتطبيقه بقيت دون المستوى المأمول به، وقد سجلت ست حالات فقط في السنوات الخمس لتطبيق القانون كانت جميعها تستهدف فقط اختبار تطبيقات القانون في الإدارة العامة والمؤسسات الحكومية.

لقد بقي قانون "ضمان حق الحصول على المعلومات" في سيرته الذاتية حقا مهدورا تماما، لم يلتفت اليه احد، ولم يأخذ من اسمه اي نصيب، ولهذا كانت الصحف التي صدرت في اليوم التالي لإقرار القانون من مجلس النواب تحمل عناوين ناقده له على نحو"مجلس النواب يقر قانون"منع حق الحصول على المعلومات" وحتى نهاية شهر ايلول الماضي.

اولا : السيرة الدولية:

1 ــ قررت الهيئة العامة للأمم المتحدة في أول اجتماع عقدته بتاريخ 14 / 12 / 1946 ان"حرية المعلومات هي حق أساسي للإنسان، وحجر الزاوية لجميع الحريات التي تنادي بها الأمم المتحدة" .

2 ــ نقل هذا القرار في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتحديدا في المادة 19 التي نصت على ان "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية".

3 ــ أعيد التأكيد على حق تداول المعلومات والحصول عليها وإشاعتها ونشرها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتحديدا في الفقرة الثانية من المادة 19 من العهد الدولي التي نصت هي الأخرى على ان" لكل إنسان حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها".

ثانيا : السيرة المحلية :

1 ــ نص الميثاق الوطني الأردني الصادر سنة 1991 على ان"حرية تداول المعلومات والأخبار جزءا لا يتجزأ من حرية الصحافة والإعلام، وعلى الدولة أن تضمن حرية الوصول إلى المعلومات في الحدود التي لا تضر بأمن البلاد ومصالحها العليا".

2 ــ تضمنت وثيقة "الأردن أولا" الصادرة سنة 2002 على إلزام الحكومات بالعمل على "ضمان حرية انسياب المعلومات من الحكومة بوزاراتها ودوائرها إلى جهات الرقابة المختصة والى الصحافة ووسائل الاتصال. "

3 ــ بدات في عام 2005 سلسلة نشاطات محلية لإصدار قانون ضمان حق الحصول على المعلومات من خلال ورشات عمل متعددة اعتمادا على النموذج الذي وضعته منظمة الماده 19، ومن ابرز من قام بتلك النشاطات المجلس الاعلى للاعلام الذي وضع صيغة للقانون، بعد ان اجرى دراسة ذلك العام ظهر فيها أن أهم أكبر ثلاث مشكلات يواجهها الصحفيون الأردنيون هي حجب المعلومات، والرقابة الرسمية، وعدم تزويدهم بالمعلومات.

4 ــ اصدرت منظمة الماده 19 بيانا بتاريخ 3 /5/ 2007 عبرت فيه عن قلقها مما اسمته التعديلات السلبية على قانون ضمان حق الحصول على المعلومات.

5 ــ قبل أن تمضي سنة على نفاذ قانون ضمان حق الحصول على المعلومات اصدر رئيس الوزراء آنذاك نادر الذهبي تعميما حذر فيه موظفي الوزارات والدوائر الرسمية والمؤسسات العامة من مغبة تسريب أية وثائق أو معلومات أو بيانات أو تصريحات للصحافة وخاصة "الصحافة الأسبوعية" تحت طائلة المسؤولية القانونية، مما شكل في حينه مخالفة صريحة للقانون.

6 ــ اصدر مركز حماية وحرية الصحفيين عدة مطالعات ومراجعات للقانون وضع فيها انتقاداته على القانون ومدى مخالفته للشرعية الدولية ولحقوق الانسان بالحصول على المعلومات دون تعقيدات.

7 ــ نظمت سلسلة متواضعة من ورشات العمل التدريبية لموظفين حكوميين من قبل المجلس الأعلى للاعلام استهدفت بالدرجة الاولى الناطقين الاعلاميين في الوزارات لتعريفهم بالقانون.

8 ــ في سنة 2010 اعيد الاهتمام مجددا بالقانون وتم اختباره امام القضاء في حالة واحده فقط ، وحكمت محكمة العدل العليا برد الدعوى شكلا.

9 ــ في الا ول من شهر شباط 2011 يعلن رئيس الوزراء المكلف انذاك د. معروف البخيت امام كتل نيابية التقاها للتشاور في تشكيل حكومته تعهده بتعديل قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، وهي اول اشارة رسمية للقانون منذ اقراره سنة 2007 ، وفي 17 / 3/ 2011 يقوم مجلس المعلومات بتفويض وزارة الداخلية بوضع مسودة تعديلات على القانون.

10 ــ يصدر مركز حماية وحرية الصحفيين تقريره عن حالة الحريات العامة في الأردن لسنة 2010 في اليوم العالمي لحرية الصحافة في 2 / 5 / 2011 متضمنا اول دراسة من نوعها حول القانون وتطبيقاته في المملكة بعنوان "جدران الكتمان.. جدلية السرية والإفصاح في تطبيقات قانون ضمان حق الحصول على المعلومات" وضعها الزميل وليد حسني ، وتضمنت الدراسة استطلاع راي خاص بها نظمه مركز حماية وحرية الصحفيين وشمل ( 505 ) صحفي واعلامي ضمن عينة عشوائية، وأظهرت النتائج أن حوالي 71% من الإعلاميين مطلعين على قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، مقابل 29% منهم أفادوا بعدم اطلاعهم عليه.
وعن مدى دعم قانون ضمان حق الحصول على المعلومات لحرية الإعلام، أظهرت النتائج أن حوالي 59% من الإعلاميين يعتقدون أن ذلك القانون يدعم حرية الإعلام وبدرجات متفاوتة (كبيرة 26.3%، متوسطة 40.1%، قليلة 14.6%)، مقابل حوالي 18% منهم أفادوا بأن ذلك القانون لا يدعم حرية الإعلام على الإطلاق.

11 ــ في اليوم التالي لإعلان مركز حماية وحرية الصحفيين عن تقريره وعن الدراسة نظم مكتب "اليونسكو" في عمان ورشة عمل ليوم واحد حول قانون ضمان حق الحصول على المعلومات شارك فيها وزير الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة انذاك طاهر العدوان وصحفيون وباحثون مختصون.

12 ــ بتاريخ 27 / 9 / 2011 وقع 13 نائبا على مذكرة نيابية طالبوا فيها الحكومة بتعديل قانون ضمان حق الحصول على المعلومات مستندين الى العديد من الاسباب الموجبه، مشيرة الى ان " العديد من الوزارات والمؤسسات لا يتوفر لديها نموذج طلبات الحصول على المعلومات وهو أبسط شيء وبذات الوقت لا يوجد مفوض للمعلومات في كل وزارة حسب ما وردت من معلومات"
وجاء توقيع هذا المطلب اثناء مناقشة مجلس النواب للقانون المعدل لقانون هيئة مكافحة الفساد بعد ان كشف عن مدى الترابط بين حيوية تطبيق القانون وبين مكافحة الفساد ومحاربته، وتم التاكيد في اكثر من مناسبة على ان الدول التي تكفل انسيابا سلسا للمعلومات تنخفض فيها نسب الفساد بشكل كبير.

13 ــ حصل الاردن على مركز متاخر للغاية في تصنيف الدول على مستوى العالم بخصوص تطبيقات قانون ضمان حق الحصول على المعلومات وفقا لجدول المؤشرات التي وضعها الخبير الكندي توبي مندل، فقد حصل الاردن على المرتبة 86 من مجموع 89 دولة لديها مثل هذا القانون، بعد ان حصل الاردن على مجموع علامات 52 علامة من اصل مجموع 150 علامة.

14 ــ احتضنت عمان مساء 24 نيسان 2012 حوارا اقليميا عبر الفيديو حول تعزيز حق الوصول إلى المعلومة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشارك فيه ممثلون عن كل من لبنان وتونس والمغرب والأردن، ضمن مشروع للبنك الدولي والشبكة من أجل المساءلة الاجتماعية في العالم العربي (انسا) التي تتخذ من القاهرة مقرا لها.

15 ــ في شهر ايلول 2012 اقر مجلس الوزراء بعض التعديلات على قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، وبالرغم من انها لم ترقى تماما لسقف المطالبين بالتعديل ليكون قانونا منسجما تمام الانسجام مع المعايير الدولية ، إلا أنه تضمن تعديلات جديدة أظهرت القانون بشكل افضل مما كان عليه في نسخته الأولى المقرة سنة 2007 ومن المنتظر ان يعرض على مجلس النواب المقبل.

16 ــ كان الأردن اول دولة عربية تقر قانون ضمان حق الحصول على المعلومات تلتها تونس بعد الثورة إذ اقرت"قانون النفاذ للمعلومات" بتاريخ 26 / 5 / 2011، ثم تلتها اليمن الذي اقر البرلمان فيها "قانون حق الحصول على المعلومات" بتاريخ 24 / 4 / 2012 لتكون اخر الدول العربية اقرارا لمثل هذا القانون.

17 ــ هناك الان العديد من مشاريع القوانين المتعلقة بضمان حق الوصول للمعلومات في كل من مصر، والكويت، وفلسطين ، إلا أنه لا تزال تثير الكثير من الجدل والنقاش ولم يتم عرضها حتى الان على البرلمانات في تلك الدول.

18 ــ من المتوقع ان يشهد العام المقبل"2013 " المزيد من حالات اقرار مثل هذا القانون في العديد من الدول العربية.

تابعو الأردن 24 على google news