إلزامية رياض الاطفال تعزيزاً للمساواة في التعليم وعدالته
منال أحمد كشت
جو 24 :
اكتسب الحق في المساواة في التعليم مكانة خاصة ضمن المواثيق والمعاهدات الدولية، حيث تم تضمينه في الهدف الثالث من الأهداف التنموية للألفية الثالثة تحت بند "تحقيق المساواة في مراحل التعليم الابتدائي والثانوي بحلول عام ٢٠٠٥ وعلى كل مستويات التعليم بحلول ٢٠١5”.
وفي الوقت الذي صادقت فيه الحكومة على هذه الاتفاقيات، وأطلقت استراتيجية تنمية الطفولة المبكرة في الاردن بالشراكة ما بين المجلس الوطني لشؤون الاسرة واليونسيف وطالبت مؤسسات المجتمع المدني بحق الجميع في الحصول على تعليم متكافئ بهدف تعزيز وتعميق مفهوم المساواة والعدالة الاجتماعية، يخالف الواقع المجتمعي تماماً كل ما سبق ذكره من النصوص النظرية.
ان وجود مستويات عميقة التباين في جودة التعليم يؤدي الى عدم تكافؤ الفرص والتفاوت في اكتساب المهارات المجتمعية والعملية وتقليل فرص الحصول على فرص عمل لائقة بمداخيل مناسبة، مما يكرس المزيد من الفقر المتوارث ويرسخ اللامساواة والتمييز المجتمعي ضمن حلقة مفرغة.
إن هذه التباينات تتأسس بدايةً من كون مرحلة التعليم المبكر (ما قبل مرحلة الابتدائي) هي مرحلة غير إلزامية للفئات العمرية ٤-٦ سنوات بموجب قانون التربية والتعليم المعمول به. كون الفوارق المعرفية والتحصيلية بين الملتحقين بهذه المرحلة عن سواهم تفرز اختلالا في التعاطي مع التطور المعرفي بين تلاميذ الصف الاول.
إن الدراسات تؤكد على أهمية الاستثمار في التعليم المبكر للأطفال لتأثيره في تنمية شخصية الطفل وتطوير قدراته العقلية والبدنية الى أقصى الإمكانيات وغرس الفضائل الاخلاقية والمجتمعية، ويشير الواقع الى تدني معدلات الالتحاق في صفوف التمهيدي والبستان هي ٦٠٪ و ٢٨٪ على التوالي، ويقرع جرس الانذار حقيقة ان نسبة الاطفال تحت الست سنوات تبلغ ٦٣٪ من اجمالي عدد الطلبة في جميع مراحل التعليم. في الوقت الذي كان من المفترض ان تصل فيه نسبة الاطفال الملتحقين برياض الاطفال الى اعلى من ذلك بكثير بحلول عام ٢٠1٥.
لذا لا بد من تقديم طروحات من شأنها المساهمة في رفع نسبة الملتحقين من الطلبة في مرحلة رياض الاطفال من خلال إلزامية المرحلة بموجب القانون على ان تكون مجانية بدعم من القطاع الخاص اللاربحي وان تشمل ذوي الاحتياجات وصعوبات التعلم. مع ضرورة اعتماد وزارة التربية والتعليم معايير ملائمة لمهنة مربيات رياض الاطفال وضمان استمرارية تأهيلهم للتعامل مع الاطفال. والعمل على مراعاة التكامل بين مرحلة رياض الاطفال ومرحلة التعليم الأساسي الدنيا من خلال تطوير المناهج والبرامج الخاضعة للاشراف من الدولة. ولا ننسى أهمية تطوير السلامة العامة والمعايير الصحية والالتزام بالمتطلبات الصحية التي من شانها ضمان سلامتهم الجسدية والنفسية.
ان تحقيق العدالة الاجتماعية في مجال التعليم ما زال واهناً، ويستوجب تهيئة البيئة المناسبة وتوفير نوعية التعليم الملائم وتأهيل المعلمين مما يساهم في تأسيس هؤلاء الطلبة في مرحلة رياض الاطفال بما يضمن استمرار نجاحهم في مراحل لاحقة فالتعليم سلاح دو حدين فهو الأزمة التي تودي الى اللامساواة وهو الحل الذي يؤسس للعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.