الأردن والمعارضة السورية
إذا صحت المعلومات، التي تتحدث عن طلب الأردن، من الجيش السوري الحر، جنوب سوريا، تغيير دوره، والتحول الى شرطة مجتمعية وقوة تنفيذية ودفاع مدني، او لم تصح، فان المؤكد، ان دور المعارضة السورية، اختلف كليا، وهو ما تقاومه هذه المعارضة، باعتباره اقرارا بالهزيمة، بعد هذه السنوات.
لا يمكن للجيش السوري الحر، ان يواصل ذات الدور، دون تغطية إقليمية ودولية، ومعنى الكلام، ان عواصم الإقليم والعالم، إذا غيرت موقفها، مما يجري في سوريا، فلا يمكن للجيش السوري الحر، الذي يعتاش على الدعم المالي والعسكري، من هذه الدول، ان يواصل دوره، منفردا، حتى لو ادعى قدرته على ذلك.
هناك تغيرات كبيرة جدا، سواء على المستوى السياسي، او الميداني، وسابقا اثارت تصريحات المبعوث الاممي للملف السوري، حول المعارضة السورية، ضجة كبيرة، خصوصا، ان المعارضة السياسية، فهمت هذه التصريحات، باعتبارها تعلن نهاية دور المعارضة، لصالح النظام، الذي يواصل حسمه للواقع ميدانيا.
المؤكد من جهة أخرى، ان أولويات الأردن، اختلفت كليا، وتغيرت، اما لحسابات اردنية محلية، او لحسابات إقليمية ودولية، فيما حسابات الأردن الحالية، تخضع لعنصرين.
أولهما، ضرورة انهاء الصراع في سوريا، سياسيا، أيا كان الرابح او الخاسر، من اجل اغلاق باب التهديدات المجاورة للاردن، ويفضل الأردن، هنا، ان يكون انهاء الصراع، في سياق تفاهمات إقليمية ودولية.
ثانيهما، ضرورة وضع خطة لعودة السوريين في الأردن، الى سوريا، وقد ينتظر الأردن، تطورات محددة، للإعلان عن وضع سقف زمني لعودة السوريين الى سوريا، في سياق السعي لتخفيف تداعيات ازمة اللجوء على الأردن، ولا يقصد الأردن، هنا، مس السوريين، بقدر رغبته بحل المشكلة جذريا.
المعلومات التي تتسرب، حول طلب الأردن، من الجيش السوري الحر، إعادة تعريف دوره، يمثل أيضا، موقفا إقليميا وعالميا، وسواء قبلت المعارضة، او لم تقبل، فإن الجيش السوري الحر، الذي بات ضعيفا جدا، سوف يتفكك تلقائيا، وبشكل تدريجي، خصوصا، مع توقف أي مخصصات مالية يتم دفعها للمعارضة، من جهات مختلفة، ومع توقف الامداد بالسلاح والذخيرة، وحسم الجيش السوري، للواقع ميدانيا.
من جهة أخرى، لابد من الإشارة الى هناك جهات محددة، دون ان تتم تسميتها، تتلاعب ببعض قيادات الجيش السوري الحر، وتحضها على الاستمرار، في محاربة النظام السوري، في سياقات معينة، يراد منها، إعادة خلط الأوراق في المنطقة، ومن الطبيعي هنا، ان يترك هذا الامر، دورا على تجاوب الجيشالسوري الحر، مع الطلب الأردني، الذي يمثل أيضا، توجها إقليميا ودوليا، في سياقات غير معلنة، لترتيب مناطق جنوب سوريا، بشكل جديد، بما يرتد إيجابا على الأردن، من جهة، وبما يستفيد منه النظام فعليا.
في كل الحالات، تبدو الاستنتاجات واضحة، ان الأردن وسوريا، على المستوى الرسمي يلتقيان اليوم، عند بوابة تحسين العلاقات مجددا، وهو امر لا يمكن ان يتم، الا إذا استخدم الأردن، نفوذه، لتهدئة جبهة جنوب سوريا، لاعتبارات قد تبدو سورية، لكنها في حقيقتها، تلبي تطلعات اردنية، من جهة، وتتطابق مع توجهات مستجدة على الصعيد الإقليمي والدولي.
علاقة الأردن بالمعارضة السورية، تخضع لتغيرات عميقة، وقد نعيش يوما، ونرى انتهاء هذه العلاقة كليا، على مستويات مختلفة، بعد ان تعبر المنطقة، مرحلة جديدة، لكنها علاقة ستبقى قائمة حاليا، لاعتبارات وظيفية مؤقتة.