تشرين بين الجزائر وفلسطين
د. فيصل الغويين
جو 24 : تشغل الجزائر موقعاً مميزاً بين دول الشمال الإفريقي بحسب المعايير التاريخية والجغرافية والسكانية. وقد توالت انتفاضات الشعب الجزائري ومقاومته للمستعمر الفرنسي منذ وطئت قدماه المدنستان أرضه الطاهرة في تموز من عام 1830، وما أن يقمع هذا العدو الأثيم انتفاضة حتى تندلع نيران أخرى إلى أن قامت ثورة 1 تشرين الثاني عام 1954 التي لم تهدأ إلا بعد انتصارها وانتزاعها استقلال الجزائر من براثن الاستعمار عام 1962.
في مثل هذا اليوم من شهر تشرين الثاني من كل عام يتذكر العرب واحدة من أعظم ثورات العصر التي انطلقت ذات صباح من الجزائر لتدق أحد آخر المسامير في نعش الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية، مكملّة على يد مفجريها الأوائل مصطفى بن بو بلعيد، وأحمد بن بله ورفاقه ما أنجزه ثوار الهند الصينية قبل أشهر من ذلك العام ( 1954) على يد قادة كبار كهوشي منه، والجنرال جياب، في معركة ديان بيان فو الشهيرة.
وتعد ثورة التحرير الجزائرية من أهم الثورات في القرن العشرين بل في شتى العصور قديماً وحديثاً، ولا تضاهيها إلا ثورة فيتنام، من حيث صلابة إرادة التحرير، ووحدة الشعب، وكثرة عدد الضحايا.
لم يكن لأكثر المتفائلين أن يتوقع استسلام فرنسا لارادة شعب يراهن على الحياة؛التجربة الدامية عام 1945 كانت ماثلة، ففي الحرب العالمية الثانية شارك الجزائريون في مقاومة الغزو النازي لباريس، ثم أنكرت فرنسا بطولاتهم، وتخلت عن وعدها بمنحهم الاستقلال، فانتفضوا في مظاهرات سلمية واجهها الجيش الاستعماري بمذابح راح ضحيتها 45 ألف شهيد. وحين كان لا بد من الثورة الشعبية فعلوها.
سيقول الجنرال شارل ديغول وهو يخطب في جيشه عام 1959 :" إننا نعيش تمرداً دام خمس سنوات، وخسارتنا للجزائر كارثة لنا وللدول الأوروبية"، في إنكار جهول لجغرافيا اسمها الجزائر، وشعب ينشد الحرية.
ثورة الجزائر، كغيرها من ثورات التحرر الوطني في أمتنا، وفي العالم، كانت رداً مدوياً على الاستعمار في بلادنا، مثلما كانت حرباً على كل الحروب والمشاريع الاستعمارية في المنطقة، كانت نموذجاً للثورات الحقيقية التي تقدم مليون شهيد ونيّف من أبنائها لتطرد الاستعمار من بلادها، أسس لها فكرياً علماء أجلاء أمثال عبد الحميد بن باديس والبشير الابراهيمي، وهو نموذج نقيض لما يسمى "بثورات" تدفع شباب الأمة إلى التهلكة من أجل استدعاء الأجنبي إلى بلادها.
وغداً تمر مئ مئوية وعد بلفور المشؤوم تطل علينا لتذكّرنا بالمشروع الاستعماري – الصهيوني القديم – الجديد الذي أسس لزرع كيان عنصري غاصب ليفصل بين مشرق الأمة ومغربها . وبات "وعد بلفور" وعوداً، ولم يعد بلفور سياسياً بريطانياً استعمارياً يوزع غنائم "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس" على الأتباع والمحاسيب، بل بات اليوم سياسياً متعدد الجنسيات يدير عملية تقاسم خيرات الأرض تحت عناوين مختلفة وشعارات براقة، بحيث يجد كثيرون أنفسهم في خدمة ذاك "السيد" البريطاني الذي طالما هاجموه ودعوا إلى شن الحروب عليه، خصوصاً إنّ كلّ الحروب على أمتنا والممتدة منذ أكثر من مئة عام هي وليدة تلك الحرب المسمومة التي أعلنها "وعد بلفور".
يكرر الاحتلال الصهيوني جريمة فرنسا الاستعمارية التي أنكرت صيرورة التاريخ، دون الوعي بأنّ كل استعمار إلى زوال. ربما يخسر الفلسطينيون جولة، ولكنهم سيربحون الحرب، ولهم في درس استقلال الجزائر عبرة، فالتاريخ مدرسة عظيمة إذا أحسنّا التعلم منها، وهو سجن كبير إذا أبقينا أنفسنا أسرى لمراراته.
في مثل هذا اليوم من شهر تشرين الثاني من كل عام يتذكر العرب واحدة من أعظم ثورات العصر التي انطلقت ذات صباح من الجزائر لتدق أحد آخر المسامير في نعش الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية، مكملّة على يد مفجريها الأوائل مصطفى بن بو بلعيد، وأحمد بن بله ورفاقه ما أنجزه ثوار الهند الصينية قبل أشهر من ذلك العام ( 1954) على يد قادة كبار كهوشي منه، والجنرال جياب، في معركة ديان بيان فو الشهيرة.
وتعد ثورة التحرير الجزائرية من أهم الثورات في القرن العشرين بل في شتى العصور قديماً وحديثاً، ولا تضاهيها إلا ثورة فيتنام، من حيث صلابة إرادة التحرير، ووحدة الشعب، وكثرة عدد الضحايا.
لم يكن لأكثر المتفائلين أن يتوقع استسلام فرنسا لارادة شعب يراهن على الحياة؛التجربة الدامية عام 1945 كانت ماثلة، ففي الحرب العالمية الثانية شارك الجزائريون في مقاومة الغزو النازي لباريس، ثم أنكرت فرنسا بطولاتهم، وتخلت عن وعدها بمنحهم الاستقلال، فانتفضوا في مظاهرات سلمية واجهها الجيش الاستعماري بمذابح راح ضحيتها 45 ألف شهيد. وحين كان لا بد من الثورة الشعبية فعلوها.
سيقول الجنرال شارل ديغول وهو يخطب في جيشه عام 1959 :" إننا نعيش تمرداً دام خمس سنوات، وخسارتنا للجزائر كارثة لنا وللدول الأوروبية"، في إنكار جهول لجغرافيا اسمها الجزائر، وشعب ينشد الحرية.
ثورة الجزائر، كغيرها من ثورات التحرر الوطني في أمتنا، وفي العالم، كانت رداً مدوياً على الاستعمار في بلادنا، مثلما كانت حرباً على كل الحروب والمشاريع الاستعمارية في المنطقة، كانت نموذجاً للثورات الحقيقية التي تقدم مليون شهيد ونيّف من أبنائها لتطرد الاستعمار من بلادها، أسس لها فكرياً علماء أجلاء أمثال عبد الحميد بن باديس والبشير الابراهيمي، وهو نموذج نقيض لما يسمى "بثورات" تدفع شباب الأمة إلى التهلكة من أجل استدعاء الأجنبي إلى بلادها.
وغداً تمر مئ مئوية وعد بلفور المشؤوم تطل علينا لتذكّرنا بالمشروع الاستعماري – الصهيوني القديم – الجديد الذي أسس لزرع كيان عنصري غاصب ليفصل بين مشرق الأمة ومغربها . وبات "وعد بلفور" وعوداً، ولم يعد بلفور سياسياً بريطانياً استعمارياً يوزع غنائم "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس" على الأتباع والمحاسيب، بل بات اليوم سياسياً متعدد الجنسيات يدير عملية تقاسم خيرات الأرض تحت عناوين مختلفة وشعارات براقة، بحيث يجد كثيرون أنفسهم في خدمة ذاك "السيد" البريطاني الذي طالما هاجموه ودعوا إلى شن الحروب عليه، خصوصاً إنّ كلّ الحروب على أمتنا والممتدة منذ أكثر من مئة عام هي وليدة تلك الحرب المسمومة التي أعلنها "وعد بلفور".
يكرر الاحتلال الصهيوني جريمة فرنسا الاستعمارية التي أنكرت صيرورة التاريخ، دون الوعي بأنّ كل استعمار إلى زوال. ربما يخسر الفلسطينيون جولة، ولكنهم سيربحون الحرب، ولهم في درس استقلال الجزائر عبرة، فالتاريخ مدرسة عظيمة إذا أحسنّا التعلم منها، وهو سجن كبير إذا أبقينا أنفسنا أسرى لمراراته.