الرئيس الملقي وطرفة الإنجازات
تامر خرمه - د. هاني الملقي، رئيس الوزراء، قال إن "الحكومة لا تستطيع وحدها تحقيق الانجازات وتعظيمها دون عون ومساندة المواطنين". وذلك في لقاء جمعه بأهالي لواء الرمثا، في منزل النائب فوّاز الزعبي.
أوّلا، لا يدري أحد ما هي هذه "الإنجازات" التي يتحدّث عنها جهبذ الدوّار الرابع، أهي تهديد الناس في خبزهم، أم مصادرة آخر ما تبقّى لهم من سراب الأمل؟! الرجل يصرّ على المضيّ بذات السياسات غير الشعبيّة، ويطالب المواطن -رغم هذا- بالدعم والمساندة!!
منطق غريب يحاول رئيس الوزراء فرضه على الرأي العام. المعادلة يمكن اختصارها على النحو التالي: الحكومة تريد الاستمرار بسياسات الإفقار والتهميش والانحياز لمصالح نخبة طفيليّة، وعلى المواطن المغلوب على أمره مساعدتها على تحقيق أهدافها!
هل فعلاً تظنّ السلطة التنفيذيّة أن الناس مسلوبو الإرادة، ومستسلمون إلى مازوشيّتهم لتلك الدرجة؟! لماذا يعتقد صاحبنا أن المواطن سيكون سعيداً بدعم ومساندة الحكومة في استمرارها بذات السياسات التي أذاقته العلقم؟!
ليس هذا مجرّد استخفاف بالناس، بل وصل الأمر إلى ما يمكن وصفه بالساديّة الرسميّة، التي لا تعترف بكينونة المواطن. فهو "منجم الذهب" كما قيل ذات يوم، وعليه أن يكرّس حياته فداء لمصالح من احتكر السلطة والثروة.
هل هنالك فاشيّة أكثر من هذا؟! يا رجل ارحم دبلوماسيّتك قليلاً، وتحدّث مع الناس بلغة تليق بهم. هذا الاستخفاف لن يقودك أإلى أيّ مكان، بل ستكون له نتائج وخيمة يدفع ثمنها ذات الطبقة التي تدافع عن مصالحها قبل أيّ أحد آخر.
ما هي تلك "الإنجازات" التي تتحدّث عنها؟ رفع الدعم عن الخبز، أم صبّ الزيت على نار الشارع المحتقن؟! مازالت الوصفات الاقتصاديّة المستوردة هي ذاتها منذ عدّة عقود عجاف، فما الذي تحقّق حتّى الآن؟ مراكمة للأزمات ومضاعفة لكميّة الضنك التي تعيشها المواطن، فهل دولة الرئيس يمتلك حقّاً أن يكون فخوراً بذلك؟!
أمّا المشروعات التي تهمّ المواطن، والتي نوّه إليها الملقي في ذلك اللقاء، كمشروع مركز العلاج بالأشعّة مثلاً، فهو لا يعبّر سوى عن الحدّ الأدنى، لما ينبغي على الحكومة تقديمه للمواطنين، لقاء ما تجنيه من ضرائب غير عادلة، ناهيك بأن هذا المشروع مموّل بمنحة خارجيّة.
وبالحديث عن المنح والمساعدات الخارجيّة، فيجدر التنويه أن حكومة الملقي تحديداً لا تمتلك على الإطلاق ما يمكن أن تتفاخر بهذا الصدد. الفريق الوزاري الذي يقوده الرجل أسهم في انخفاض هذه المساعدات إلى مستويات خطيرة، والمؤشّرات لا تبشّر بأيّ خير قد نشهده في قادمات الأيّام.
لا يمكن لك أن تطالب المواطن بالعون والمساندة من أجل الاستمرار بذات السياسة المنحازة ضدّ مصالحه. الأصل أن تحمّل النخبة الثريّة مسؤوليّاتها، وتتوقّف عن الرهان على "صبر أيّوب" الذي لا يمتلكه الناس بالمناسبة. الطريق الذي تمضي فيه حكومة الملقي لن يقود إلاً إلى التهلكة. فهل من صوت عاقل يوقف هذه المغامرة وهذا الإصرار على خوض رهان خاسر، عبر اختبار صبر الناس؟!