2024-05-15 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

قضيّة القدس.. تجريد المملكة من مستقبلها

قضيّة القدس.. تجريد المملكة من مستقبلها
جو 24 :
تامر خرمه - حراك لافت يدور داخل أروقة الكونغريس الأميركي بهدف نقل سفارة واشنطن في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة إلى القدس. رون دي سانتيس، عضو الحزب الجمهوري الحاكم، دشّن هذه الحملة، التي تستهدف سيادة الأردن على الأراضي المقدّسة، ليتبعه عدد من أعضاء الكونغريس، إلى جانب السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتّحدة، جون بولتون، والذي قال إن نقل السفارة لن يستغرق 24 ساعة، معلناً بكلّ وقاحة أن الأردن لا يملك حقّ النقد!

الأردن، ومنذ تأسيس المملكة، كان الحليف الأكثر استراتيجيّة للولايات المتّحدة الأميركيّة. وطالما قدّم خدماته على المستوى الإقليمي، ابتداء من سنّ قانون محاربة الشيوعيّة، وليس انتهاء بالانضمام إلى مختلف التحالفات العسكريّة التي يفرضها "اليانكيز" على المنطقة، فهل يمكن القبول بأن تتمّ "مكافأته" على هذا النحو؟!

ماذا عن الوصاية الهاشميّة على الأراضي المقدّسة؟ المنح والمساعدات الهاشميّة انخفضت إلى مستويات تنذر بالخطر، رغم استمرار المملكة بتحمّل نتائج مغامرات الغرب الجامح في المنطقة. واليوم تريد واشنطن تجريد الأردن من أهمّ مكوّنات سيادته وعوامل تأثيره. ترى كيف سيكون ردّ وزارة الخارجيّة، التي لم تعلّق حتّى الآن على هذه المناورة الخبيثة؟!

تجريد الأردن من وصايته على الأماكن المقدّسة، والاستهتار بدوره بهذا الشكل عبر تصريحات مستفزّة تنكر عليه حقّ النقد، يستوجب إعادة النظر في التحالفات التي يصرّ صناع القرار على الانخراط بها على المستوى الدولي. بعد كلّ ما قدّمه الأردن لحلفائه، من العار تجاهل مصالحه وإنكار حقوقه بهذه الطريقة الفاضحة.

بالأمس القريب قتل مواطنين على أرضهم في سفارة الاحتلال. وفي القدس تستمرّ الانتهاكات الصهيونيّة العنصريّة، دون أخذ سيادة البلاد بعين الاعتبار، واليوم تنطلق الحملة من الولايات المتّحدة لتنكر على المملكقة حتّى حقّ النقد. ومع هذا، يصرّ المطبخ السياسي على تقديم حتّى ورقة التوت، إرضاء لـ "الحلفاء"!

خسارة القدس لا تعني إلاّ إقصاء الأردن تماماً عن أيّ دور إقليميّ أو تأثير قد تكون له نتائج تصبّ في مصلحة الدولة. وفي حال استمرار هذه الحملة، ونقل سفارة "اليانكيز" إلى المدينة المقدّسة، فإن هذا لن يكون مجرّد اغتيال لمستقبل الأردن السياسي فحسب، بل أيضاً تمهيداً لتصفية القضيّة الفلسطينيّة على حسابه.

المرحلة في غاية الخطورة. القضيّة لا تقتصر فقط على التهديد بمصادرة خبز الناس، بل تتجاوزها إلى مصادرة كرامتهم ومستقبلهم. فهل يدرك المركز الأمنيّ السياسي مغبّة الاستمرار باعتبار واشنطن عاصمة "الأصدقاء".

في القمّة الأميركيّة- العربيّة- الإسلاميّة التي عقدت في الرياض، ركّز الملك عبدالله الثاني في كلمته على مسألة القدس، بعد أن نوّه بدور الهاشميّين. ونظراً لكون تلك القمّة كانت مقدّمة للانعطافة السياسيّة التي تشهدها المنطقة، فمن غير المقبول على الإطلاق، أن يكون هذا هو ردّ "الحلفاء" على استجابة المملكة لكلّ "طلبات" الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.

في حال كانت وزارة الخارجيّة عاجزة عن ممارسة دورها بما يلبّي طموح الأردنيّين ويليق بالمصلحة الوطنيّة العليا، فأقلّ ما ينبغي على جلاوزتها فعله هو الرحيل، وفسح المجال أمام قادة حقيقيّين، يمكنهم مواجهة هذه المرحلة. القضيّة لا ينبغي أن تكون مسألة مناصب وتنفيعات، بل هي مصلحة دولة، لا تحتمل التأجيل.
 
تابعو الأردن 24 على google news