الوزير الطويسي ينجز المهمة الأصعب.. وليتوقف العابثون بقطاع التعليم العالي..
جو 24 :
أحمد الحراسيس - أخيرا، وبعد أن انبرت الألسن المطالبة باجراء مراجعات أساسية في ملفّ الجامعات الرسمية نتيجة وصول بعضها إلى حالة غير مسبوقة من التداعي، نجح وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عادل الطويسي بانجاز المهمة الأصعب في سبيل انقاذ كبريات الجامعات الرسمية من الكارثة التي وصلت إليها نتيجة الادارة غير الحصيفة لملفّ التعليم العالي في عهد رئيس الوزراء السابق الدكتور عبدالله النسور، وذلك عبر اجراءات "جراحية" تمثّلت بإعفاء ثلاثة رؤساء جامعات من مهامهم وتسجيل ملاحظات على خمسة اخرين طالبا منهم معالجة تلك الملاحظات بالسرعة القصوى.
وبالرغم من الدعم الذي يتلقاه الوزير من رئيس لجنة التربية النيابية الدكتور مصلح الطراونة، لكن المؤسف حقّا ما توارد إلينا من أنباء عن وساطات نيابية وضغوطات تستهدف افشال مساعي الطويسي الاصلاحية تلك، في وقت كنّا نأمل فيه أن يطالب النواب بايقاع عقوبات بحقّ من ثبت عليه فساد اداري أو مالي، وعدم الاكتفاء بإعفائه من منصبه، ولكن كما قال جلالة الملك للنواب: "البعض يدعو إلى الالتزام بالقانون وعندما يتعلق الأمر بالأقارب تتغير الأمور"..
المتتبع لاجراءات الطويسي يلحظ أن الرجل بدأ العمل استنادا إلى توصيات الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية والمتضمنة اجراء تقييم سنوي لرؤساء الجامعات؛ فقام بتشكيل "لجنة خبراء واحدة" برئاسة كفاءة مشهود لها هي الدكتور أمين محمود لتقييم أداء رؤساء الجامعات "كلّهم" وتحديد معايير موحّدة تُطبّق على "جميع" الرؤساء، ولم يقم بتفصيل لجنة لكلّ جامعة كما فعل وزير أسبق في عهد النسور..
ولم يكتفِ الطويسي بتقرير لجنة التقييم بالرغم من مهنيّته، بل قام بتشكيل لجنة أخرى من أعضاء مجلس التعليم العالي مهمّتها دراسة التقرير وتقديم توصياتها "بعد إرفاق أية وثائق ارتأت لجنة الخبراء عدم تضمينها في التقرير باعتبارها خارجة عن المهام التي كلفت بها من المجلس، ويشمل ذلك الكتب الصادرة من رئاسة الوزراء وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد والاجابات على أسئلة مجلس النواب"؛ أي أن التوصيات جاءت استنادا إلى وثائق من هيئة مكافحة الفساد والكتب الصادرة عن رئاسة الوزراء، ولهذا دلالة كبيرة على نزاهة تلك التوصيات "الموثّقة".
يمكننا القول إن الطويسي نجح بإعادة الحياة إلى نفوس كثير من الأكاديميين اليائسين، وذلك عبر قرارات استندت إلى تقارير وتوصيات محايدة وبعيدا عن الشخصنة التي يزعم البعض وجودها رغم كلّ تلك المعايير الواضحة واللجان المحايدة، وبقي عليه الآن أن يُحسن اختيار رؤساء جامعات قادرين على النهوض بمنارات العلم التي جرى العبث فيها ومتابعة تلك التي ورد بشأنها ملاحظات، إلى جانب استمرار العمل المميز بإنفاذ توصيات الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية.
الواقع أن ما يفعله الطويسي وما يبذله من جهود كبيرة في سبيل اصلاح قطاع التعليم العالي يُشكّل بارقة أمل بإمكانية إحداث اصلاح حقيقي في بلادنا وفق أسس واضحة وعادلة وشفافة وفي وقت سريع، وهو يُثبت أيضا أن الارادة الحقيقية متى ما توفّرت لدى الحكومة فإنها قادرة على مواجهة كلّ قوى الشدّ العكسي وأصحاب المصالح الضيقة..