jo24_banner
jo24_banner

خطيئة كبرى

محمد أبو رمان
جو 24 : الأخبار التي ترد من أروقة مجلس النواب تثير القلق لدينا؛ إذ عاد بعض أعضائه إلى طرح صيغة قديمة لقانون الانتخاب، تستعيد المزاوجة بين مبدأ الصوت الواحد وتوسيع القائمة النسبية المغلقة. وهي صيغة سبق أن طرحت في لجنة الحوار الوطني، ولم تلق قبولاً لدى الأعضاء، بالرغم من تمريرها غير المفهوم ضمن الوثائق النهائية للجنة، بما يعزز القناعة أنّها الصيغة التي تتبنّاها دوائر قرار في الدولة. وقد أشرنا حينها إلى هذه الملاحظة.
أحسب أنّ هنالك قضايا توافقية محسومة بين النخب والقوى السياسية بشأن مبادئ قانون الانتخاب، تم تقريرها في مخرجات لجنة الحوار الوطني، وفي أغلب الملتقيات السياسية التي جرت خلال الفترة الماضية. في مقدمة هذه القضايا إلغاء الصوت الواحد تماماً من قاموس الحياة السياسية الأردنية، لما نتج عنه من كوارث على الحياة السياسية والوطنية، وكان أحد الأسباب الرئيسة في تصعيد الهويات الفرعية وتفتيت الهوية الوطنية وتمزيق الولاءات السياسية وردّها إلى العصور الوسطى.
الصوت الواحد يستدعي منطقياً تفتيت الدوائر، وهو إعدام لأهم منجزات التوافقات الوطنية، في لجنة الحوار وخارجها، باعتماد المحافظة كدائرة انتخابية (باستثناء المحافظات الكبرى)، كحد أدنى. أما العودة إلى الدوائر الجغرافية الصغيرة، فهي جريمة حقيقية بحق المجتمع والدولة معاً، ومن يفعل ذلك لا يريد خيراً بالبلاد، إذ يختزل الوطن في صراع مع الإخوان المسلمين، بدون أن ينتبه إلى ما جرّه هذا المنطق من كوارث في الحياة الوطنية والمجتمع والجامعات، وعلى علاقة الدولة بالمواطنين؛ ويكفي فخراً لقانون الصوت الواحد والدوائر الصغرى مجلس النواب الحالي، وما يسببه من صداع للدولة قبل المعارضة!
ما يقلق أكثر هو ما نقرؤه من تصريحات لرئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب من إعادة فتح الحوار بصورة موسّعة حول مشروع قانون الانتخاب، وفي هذا إلغاء ضمني لكل ما تم إنجازه سابقاً من تقنين وتأطير لسيناريوهات القانون، ورمي لحوارات لما يزيد على عام كامل في سلة القمامة، وكأنّ الناس كانت تمزح أو تتسلّى في ظل حالة العطالة السياسية. وهذا يعني – فعلاً- أنّنا في هذا البلد كمن يريد أن يحرث البحر بدلاً من إنجاز قانون انتخاب توافقي ومحدد.
للأسف، المؤشرات والإشارات التي نلتقطها اليوم تشير إلى حالة من "الاسترخاء الرسمي" في مشروع الإصلاح السياسي، والاستسلام لرهانات تقلل من أهمية الإصلاح وضرورته الوطنية، وكأنه مرتبط بسياق دولي أو إقليمي أو حجم الحراك الداخلي. ومن الواضح أنّ لدينا اتجاهات في المعادلة السياسية تحاول إعادة ربط المسوغات والذرائع ضمن الرؤية التقليدية، لتفريغ الإصلاح من أيّ معنى حقيقي موازٍ لما يحدث من تطورات بنيوية في الربيع العربي، أي أنّنا عدنا إلى حسابات المرحلة السابقة بالكلية!
ذلك يؤكد أننا لا نتعلم الدرس، ولو كنا كذلك فإنّ أي نظرة دقيقة موضوعية ستؤكّد أنّ الإصلاح السياسي هو حبل الإنقاذ للبلاد حتى من الأزمة الاقتصادية الحالية، إذ لا تجرؤ الحكومات على اتخاذ أي قرار اقتصادي ملحّ، خوفاً من الشارع، في ظل أزمة الثقة الحالية التي يعزّزها وجود برلمان هش مثل مجلس النواب الحالي، ولا يردمها!
سامح الله رئيس الوزراء! كنا في غنى كامل عن الدخول في هذه المتاهات غير المبررة؛ فالمشروع الذي قدمه جرّنا إلى طريق مأزومة.
الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير