2024-11-27 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الأزهر والاصطفاف السُني الشيعي

لميس أندوني
جو 24 : نحترم مكانة الجامع الأزهر التاريخية، ودوره مؤخراً في محاولة تغليب الحوار وتحريم العنف في الأزمة المصرية، لكن أن يدخل صرح عريق في سياسة المحاور الإقليمية، الطائفية المظهر، السياسية في حقيقتها، فخطير في تداعياته المحتملة، المنظورة والبعيدة المدى.
النظام الإيراني، أيضاً يتحمل جزءا من المسؤولية، خاصة في دعمه للأحزاب الطائفية في العراق، التي يقابلها، دعم من بعض الدول الخليجية لحركات طائفية متطرفة، مما جعل الصراع السياسي بلاد الرافدين يأخذ منحى صراعاً شيعياً سنياً، يهدد بتقسيم العراق رسمياً وفعلياً.
الأزهر، في تصريحات شيخه ومستشاره، لم يشر إلى العراق حتى، وركّز على البحرين، وعلى دول الخليج، أي أخذ موقفاً سياسياً، كنا نتمنى لو لم ينجرّ إليه، فلسنا ندري ما هو الموقف المبدئي الذي حاول الدفاع عنه و رفع رايته؟
فإذا كان القصد الدفاع عن السنة، فما الذي يعنيه ذلك؟ ألا تظلم الأنظمة "السنية" شعوبها السُنة؟ بمعنى أن الاستبداد ليس له هوية طائفية أو دينية، وإن كانت الأنظمة الطائفية بغض النظر عن ديانتها ومذهبها، لا تستطيع الحكم دون شكل من أشكال الاستبداد.
نخشى أن تُرسخ تصريحات الأزهر، العنوان الطائفي للصراعات السياسية على النفوذ في منطقتنا، خاصة مع تزايد التعبيرات الطائفية، كلامياً وعملياً، حدةً، إلى درجة الاصطفاف الطائفي الأعمى، وتبرير القتل على الهوية.
نفهم إلى درجة ما انتقاد الأزهر لمعاملة السنة في إيران، لكن لماذا الصمت على الأنظمة والحركات التي تمارس الطائفية لفرض رأيها وقوتها على شعوبها؟ مسألة البحرين أعقد من مجرد نفوذ أو تدخل إيراني، وإن كنا نرفضه، لكن هذا التفسير الضيق، يغضُّ النظر عن واقع الحياة السياسية هناك، ويخدم، عملياً أجندات دول خليجية محددة.
نتوقع من الأزهر، أن يبقى فوق سياسة المحاور الأمريكية في المنطقة، وأن يكون أكثر حكمة بمسافات ضوئية من كل الأنظمة، خاصة وأن الهدف الاستراتيجي لكل من أمريكا وإسرائيل هو تثبيت وتسعير الصراع السني الشيعي، لتحويل الأنظار عن سياستها الاستعمارية والتوسع الاستيطاني الصهيوني.
حتى في الموقف من سورية، فخوف الأزهر على الشعب السوري، يجب أن لا يقتصر على رفضها قمع النظام بل إلى التدخل الخليجي ودعمه لجماعات طائفية متطرفة، تحاول مصادرة إرادة الشعب السوري، وإلا يصبح الحديث طائفياً، وانحيازا سياسيا إلى الأنظمة الغنية.
عدا أن الموقف من جرائم أنظمة لا يمكن أن يستثني نظاما على آخر على أساس انتمائه الطائفي، ولأسباب سياسية محضة ليس لها علاقة بالدفاع عن حريات الشعوب وأمنها.
السياسات الإيرانية، يجب أن تخضع للتحليل النقدي والمساءلة، ولا يحق لنا أن نتعامى عن أخطائها وخطاياها الداخلية والخارجية، لكن ليس انطلاقاً من تعصب طائفي، أو خدمة الأجندة الأمريكية أو أنظمة ليس لها علاقة بحقوق الإنسان أو الحريات في شيء.
صحيح أن القوة الإيرانية ضرورية كقوة مقابلة لردع إسرائيل، لكن لإيران أيضاً أجندتها التي لا تتوافق في كثير من الأحيان مع شعاراتها المناهضة للاستعمار، كما شهدنا في تواطئها مع الغزو الأمريكي في العراق، وتشجيع السياسات بل الممارسات الطائفية بالأخص في العشر سنوات الماضية.
لكن أعود وأسأل عن مَن يدافع الأزهر بالضبط؟ واعتماداً على أي معايير؟ فإذا كان المعيار نبذ الظلم، فالمسألة لا تحتمل المحاباة السياسية أو الطائفية.
المنطقة تمر في مرحلة تأجيج الصراعات الإثنية والطائفية والنوازع الشوفينية، التي لن تؤدي إلى التناحر والتفتيت، لذا فإن أية كلمة تصدر من الأزهر، الذي خرجت من صفوفه الكثير من العقول الرائدة والنيرة، محسوبة عليه بمعناها وأثرها، فالأزهر لا يخص مصر وحدها أو السنة وحدهم، بل يخصنا جميعا بما في ذلك الشيعة و المسيحية، لأنها مؤسسة أكبر في عراقتها و مرجعيتها الفكرية والروحية والتاريخية، من أي نظام أو أية طائفة .العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير