عهد التميمي.. حكاية ثورة لا تنتهي
جو 24 :
كتب تامر خرمه - عهد التميمي.. تلك الطفلة التي كدّست خبرة عشرة سنوات من النضال، رغم عدم تجاوزها السابعة عشر من عمرها، أرّقت الاحتلال، وأرغمت دولته المزعومة على معاملتها كندّ لوجوده المسخ على أرض مهد الديانات والثقافات والحضارات.
إحدى ناشطات اليسار الفلسطيني التقت عهد ووالدتها في بيروت، تأملتها بشغف، تلك الطفلة التي تقاوم أعتى جنود الأرض، كانت أجمل ما يمكن أن تتصيده العين في ظل قبح هذا العالم.. قالت لها بحب أمومي: أنت بطلة يا عهد..
لكنّ الطفلة التي كانت منشغلة بهاتفها الجوّال ردت على المناضلة بنظرة استغراب.. وأجابتها معترضة: "أنا لست بطلة.. كل ما في الأمر أن كاميرات الاعلام تصيدتني.. أنا جزء من شعب حتّم عليه الدفاع يوميا عن حقه بالحياة.. هذا هو الأمر بكل بساطة.
برزت عهد على مواقع التواصل الاجتماعي.. بوصفها رمزا للنضال من أجل تحرير كامل التراب الفلسطيني، في ذات الوقت الذي تحاول فيه الامبريالية الأميركية جعل القدس عاصمة رسمية للاحتلال.. لكن القضية ليست قضية عهد، ففي ذات الوقت الذي اعتقلت فيه هذه الطفلة تم اعتقال الطفلين ايهاب السكافي (١٤ عاما) وصلاح أبو غضب (١٣ عاما) من حي الثوري في بلدة سلوان المقدسية..
القضية قضية كل أطفال فلسطين، المدافعين عن شرف الأمة وكرامتها، تحت وطاة عزلة لا يمكن احتمال روحها بأي منطق انساني ينبغي على الأطفال الدفاع عن أمة بأكملها؟! ومواجهة الرأسمالية الصهيونية المتوحشة، لانقاذ هذا الكوكب من بطشها، في الوقت الذي يتداعى فيه أصحاب الكروش المترهلة إلى قصعة المصالح الذاتية الضيقة؟!
المؤسف في الحكاية أن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، والتي كان لها الفضل في خلق اسطورة الفدائي، تخلت وكفرت تماما بكل مسؤولياتها، منذ بدء مسيرة أوسلو المشؤومة..
كان الفدائيون يصولون ويجولون في الشتات.. حتى فرضت ذريعة " السلام" نفسها، والمتمثلة بضرورة نقل الصراع الى الداخل.. فكيف يتحمل الأطفال اليوم مسؤولية التحرير، في الوقت الذي تنشغل فيه سلطة رام الله بالتنسيق الامني مع الاحتلال؟!
استبدال حلم التحرير بالدولة لا يعني إلا تصفية القضية وخيانة دماء الشهداء..
وعودة الى حكاية الطفلة عهد.. اليوم هي البطلة وفق مانشيتات الاعلام.. ولكن دعنا نتذكر انها مجرد طفلة في سجون أقبح وأشرس الأنظمة.. فهل يمكنك تخيل فظاعة كسر روحها في غياهب الزنازين؟!
نحن نعشق الأنبياء.. ونمجد الأبطال، بحكم واقعنا المهزوم.. لكننا نتناسى البعد الانساني.. عهد ضحية قبل ان تكون بطلة.. حريّ بنا ألّا ننسى هذا..