2024-11-27 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

هل أخطأنا؟!

محمد أبو رمان
جو 24 : في مقاله "هل قمنا بثورة فعلاً؟!"، ينتقد جمال سلطان (رئيس تحرير صحيفة المصريون اليومية) الموقف المتخاذل للإسلاميين عموماً، وكذلك مؤسسة الرئاسة، من ظاهرة سحل المواطن المصري، حمادة صابر، بل وتداول الإشاعات والإهانات بحق هذا الرجل، لتبرير الفعلة الشنيعة بحقه!
يرد سلطان على ذلك بالقول: "ولو أن هذا المواطن ليس من "أبناء مبارك" فقط، لو كان هو مبارك نفسه، لما استبحنا سحله بهذه الطريقة البشعة المخالفة للدين والأخلاق والقانون والآدمية. لقد قمنا بثورة يناير ليس من أجل أن نستبدل مرسي بمبارك، أو أي شخص آخر بمبارك، وإنما من أجل أن نؤسس دولة جديدة تترسخ فيها ثقافة حقوق الإنسان واحترام آدميته، ويشعر فيها المواطن المصري بأنه "إنسان"، ورأسه برأس أعلى رأس في البلد، ولو كان عاملا مهمشا باليومية ويسكن في عشش العشوائيات؛ قمنا بالثورة من أجل تطهير "الداخلية" وتحويلها إلى مؤسسة حضارية تنفض عن كيانها وساخات عهود سابقة كانت تتعامل مع المواطنين فيها بوصفهم حيوانات..".
ما يحدث في مصر -من استقطاب حاد أيديولوجي وطائفي، وتراشق التهم والشتائم، بل والضرب، حتى بين الشركاء في ميدان التحرير بالأمس- يؤكّد أنّنا أخطأنا في مكان ما من عمر هذه الثورة القصير، وأنّ شيئاً حدث قلَب الطموحات والأحلام والآمال إلى هواجس ومخاوف ووبال! فالمعركة ليست بين الثورة والفلول، إنمّا يتغذى هؤلاء عليها. فخالد يوسف، وعلاء الأسواني، ونخبة المثقفين والسياسيين الذين تصدّوا لحكم مبارك، هم اليوم في خندق والإخوان والإسلاميون في الخندق الآخر، وكلّ يخوّن الآخر!
صحيح أنّ "الإخوان" أخطأوا كثيراً ولم يدركوا طبيعة المرحلة الانتقالية وشروط عبورها، بالرغم من كل التحذيرات والنصائح الصادقة. لكن ما جنحت إليه أطياف المعارضة –في المقابل- من قبول بالعنف والبلطجة، والصمت على أعمال خارجة عن كل معاني الاحتجاج، والتبرير الواقعي لمحاولات إسقاط الرئيس محمد مرسي، هي أيضاً مواقف غير مبرّرة ولا مقبولة!
تونس، التي كادت تنجو من المشاحنات المصرية، تقع في كمائن شبيهة؛ باغتيال المعارض شكري بلعيد، وانفلات الخطابات المتطرفة من عقالها هناك. والحال أكثر سوءاً من فوضى وصراعات جغرافية وقبلية داخل ليبيا.
أمّا المأساة الحقيقية فهي في سورية. صحيح أنّ النزوع نحو التسليح لم يكن –عملياً- خياراً، بل كان اضطراراً في مواجهة نظام دموي لا يرحم طفلاً ولا امرأة ولا شيخاً؛ إلاّ أنّ ما نراه مؤخّراً من الثورة نفسها مرعب، وأشبه بمحاكاة أمراض النظام، من خطاب طائفي وصراع بين القوى المختلفة وتبادل للاتهامات. وأبشع ما يمكن مشاهدته هو فيديو لبعض أنصار "القاعدة" يذبحون رجلاً بسكين، في رسالة إعلامية لو خطّط النظام لها سنوات لما استطاع أن يقدّم أسوأ منها!
لا يعني ذلك –بالضرورة- أن نتحول من التغني بثورات الربيع العربي إلى بكائيات ولطم، أو أن نعيد القبول بالفرضيات التي تأسس عليها الحكم الاستبدادي، فنقول بأنّنا لسنا مؤهلين للديمقراطية والحرية. بل إدراك خطورة اللحظة الراهنة يعني بوضوح أن نعيد قراءة ما يحدث بصورة معمّقة وموضوعية، وأن نفهم لماذا انحرفت الثورات عن مساراتها الصحيحة، ووصلت إلى منعطفات خطرة، ولماذا استبدلنا الصراع الطائفي والأيديولوجي والعرقي بإقامة أنظمة ديمقراطية ومدنية ومتحضّرة تنتشل الشعوب العربية من القاع، الذي رمتها فيه أنظمة الفساد والاستبداد؟!
ثمة متغيّر مهم وأساسي يحضر في هذه الآفات جميعاً، ويتمثّل في عودة الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، وتغليب الهواجس والشكوك على المصالح المشتركة. وهي أمراض موروثة من الحقب السابقة، لكن شتان بين أن نسير في اتجاه معالجتها والتخلص منها، أو تعزيزها حتى تزداد الأمور سوءاً ويكفر المواطن العربي بالديمقراطية نفسها!الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير