jo24_banner
jo24_banner

تلاعب و خلل في تنفيذ التبليغات القضائية

تلاعب و خلل في تنفيذ التبليغات القضائية
جو 24 :

كتب ماهر الشريدة:
"مطلوبة للتنفيذ القضائي"، عبارة لم تستوعبها منال، قالها موظف في دائرة حكومية راجعتها لاستكمال معاملة خاصة، واشاح بوجهه ليبحث عن شيء ما على مكتب مجاور.
لم تجد منال، وقتها، ورغم حالة الاستغراب التي تملكتها، بدا من استقبال نصيحة سريعة ممن يليها بالدور: "اهربي بسرعة قبل ما يمسكوكِ الشرطة".
منال، في سردها لمعاناتها وباشارة الى الوصمة الاجتماعية، قالت: "ماذا سيقول عني الناس لو تم القاء القبض علي امام المتواجدين، لقد كانوا بالمئات، وبجرم لا اعرف عنه شيئا"، والسبب وفقا لقولها وتأكيد محامي اطلع على ملف قضيتها هو خطأ في اجراءات التبليغ لقيام محامي المشتكي بوضع عنوان غير صحيح لها عند تسجيله للدعوى.
وقالت بانها، ووفقا لطلبات المحامي المشتكي، فضلت تحمل العبء الاجتماعي والمادي وانهاء القضية وديا رغم شعورها بالظلم وحرمانها حتى من ابسط حقوقها بالحصول على محاكمة عادلة، وهو ما نصت عليه كل الشرائع الدينية والوضعية واهم ما تطرقت اليه مبادىء حقوق الانسان.
منال لم تكن الضحية الوحيدة التي تعرضت لمثل هذه التجربة بل كان هناك الكثير ممن تتشابه قصصهم، والفرصة التي اتيحت لها للاختفاء من امام اعين الشرطة لم يتيحها القدر لـ"محمد" الذي كانت تحيط به عناصرالشرطة قبل ان يخبروه بانه مطلوب لصالح التنفيذ القضائي، في حين كان خالد يذهب برجليه الى المركز الامني في منطقته ليكفل احد طرفي مشاجرة من الاقرباء، ولم ينقذه من الموقف المحرج سوى سماحة الشرطي المناوب الذي منحه فرصة البحث عن سبب طلبه للتنفيذ القضائي مخفورا.
منال، بحسب تأكيدها والوثائق التي تحملها، كانت ضحية لغلطة محاسبية وقع فيها المدير المالي في عملها السابق، اكملها محامي المدعي بتسجيل عنوان خاطىء لها في المحكمة ليحصل على حكم قضائي غيابيا ومن ثم التعميم عليها عبر اجهزة الشرطة والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة.
ورغم ان محمد لم ينظر في ملف قضيته التي طلب لاجلها، الا ان تأكيده بعدم معرفته سابقا بوجود قضية بحقه جعله ضحية ايضا رغم انه موظف بشركة كبيرة وعنوان بيته وعمله لم يتغيران منذ سنوات طويلة، ومع ذلك يشير محمد الى ان همه الاول والاخير كان التخلص مما قد يترتب على القضية من تبعات اخرى.
ولم يختلف خالد كثيرا عن تجارب الاخرين، اذ ان البنك صاحب الدعوى اشار الى عدم وجود عنوان واضح له، ودفع باحقيته امام القاضي مباشرة بالتبليغ بواسطة النشر رغم توفر سجل شخصي وثّقه بكتب رسمية عند طلبه لخدمة تمويلية كانت سببا لقضيته.
القصص السابقة ومثلها العشرات كشفت عمق المعاناة التي قد يتعرض لها اي انسان يكتشف فجأة بانه محكوم بقضية ما لتجاوزات او خلل في الاجراءات قد تؤثر بطريقة غير مباشرة على وجهة سيرعملية التقاضي لمصلحة طرف معين.
الجوانب التشريعية والقانونية:
نص الدستور الاردني في مادته السادسة/1 ان الاردنيين امام القانون سواء، وشدد في مادته الثامنة على عدم جواز توقيف احد او حبسه الا وفق احكام القانون، فيما اكد في المادة 101 ان ابواب المحاكم مفتوحة للجميع.
كما ونظمت قوانين عدة اجراءات التقاضي ودرجاته والاعتراض على قراراته بما يضمن ترسيخ القناعة بشكل قاطع بعدالته والرضى أخيرا بما حكم القاضي.
اذاً، وبما ان القوانين نصت صراحة على تنظيم وترتيب عمليات التقاضي، فلماذا تثار بين فينة واخرى شكاوى ضد بعض الاجراءات القضائية؟ وكيف لانسان ان يكتشف فجأة وجود اسمه على سجلات المطلوبين لقضية ما؟ ولماذا تتكرر بشكل شبه يومي عشرات التبليغات القضائية على صفحات الصحف اليومية؟
التبليغ أهم مراحل التقاضي
يوضح في هذا المجال محامون "ان عملية التقاضي تتكون من عدة مراحل، اهمها مرحلة تبليغ المدعى عليه بالقضية وفقا للبيانات الواردة بسجل الدعوى، وتأتي عقب تسجيل الدعوى مباشرة، ويقوم بها موظفون يتبعون لوزارة العدل يعرفون بالمحضرين.
وتعد وفقا لمحامين مرحلة التبليغ اضافة الى مرحلة التنفيذ الاهم في مسطرة التقاضي والفصل في المنازعات، و تعدان عنصرين مهمين في تحقيق مبدأ الحق في الدفاع والمحاكمة العادلة، مشيرين الى انه بدونهما لا يمكن تصور احترام حق الدفاع دون إشعار وإعلام أطراف النزاع ولا يمكن تفعيل سلطة القضاء على أرض الواقع إلا بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة".
ويؤكد محامون، فضلوا عدم التعريف بهم، ان الخلل الرئيس غالبا ما يحدث في سير اجراءات التبليغ وقت تسجيل معلومات المدعى عليه وعنوانه وهي المعلومات التي تعتمد عليها دقة تنفيذ التبليغ، معتبرين انها الاساس في عملية التقاضي. فاذا صحّت، تحققت المحاكمة العادلة، وبغير ذلك قد تؤدي الى الحكم الغيابي وفقا لتسلسل الاجراءات التي نظمتها القوانين.
واسهب قانون اصول المحاكمات المدنية في مواده (4-16) بذكر شروط التبليغات القضائية وتفصيل اجراءاتها ومواعيد تنفيذها، فيما فصلت المواد 17- 20 شروط واليات اعتماد الموطن (السكن ومكان العمل) وجواز اعتماد احدهما او كلاهما كموطن مقبول لدى القضاء لقبول الدعوى وتبليغ المعني بشأنها.
واعتبرت المادة الخامسة /أ من نظام اعوان القضاء لسنة 2008 والنظام المعدل له عام 2009 ان المحضر بمثابة المعاون القضائي، فيما اشترطت الفقرة (د) من ذات المادة بان يحمل شهادة الثانوية او ما يعادلها وشهادة دبلوم كلية مجتمع الشامل لكي يتم تعيينه.
وكشف النظام عن ان المحضر يتبع اداريا ووظيفيا لوزارة العدل رغم اعتباره جزءاً مهماً من النظام القضائي ولم يتبع للمجلس القضائي كما هو القاضي.

كشفت لقاءات مع محامين ومحضرين وجود مشكلة ترتبط باليات تنفيذ التبليغات، اضافة الى "خلل" في الاجراءات المنصوص عليها بقانون اصول المحاكمات المدنية الخاصة بالتبليغات القضائية، و"امكانية التحايل عليها" وعدم مجاراتها لتطور المجتمع والتكنولوجيا وتدفق المعلومات عبر الانترنت.

ووفقا لمحامين ومحضرين، تشترك بعدم تطبيق الاجراءات الخاصة بالتبليغ عدة اطراف يتزعمها المحامي الذي يركز جل اهتمامه على كسب القضية بأسرع وقت وبكل الطرق المتاحة.
بعد ذلك، يأتي دور المحضر الذي يعمل براتب متدني ويعاني من ضغط عمل يومي كبير, وتكبده مصاريف مادية لا طاقة له فيها، ويختم تلك الاطراف ضعف الاجراءات المنظمة للتبليغات القضائية التي تعتمد عليها دقة القضية اساسا.
المحامي مجدي عزوقة، الناشط في مجموعة القانون من اجل حقوق الانسان (ميزان)، اوضح ان المدعي او وكيله يلزم عند تسجيل الدعوى بتحديد اسم المدعى عليه وعنوان اقامته وبغير ذلك لا يمكن تسجيل الدعوى، مستدركا بان مشكلة التبليغات تبدأ بمدى صحة العنوان المدون من عدمه.
ولم ينفي عزوقة وجود خلل في الية التبليغ المتبعة، مؤكدا حاجتها لاجراءات تطويرية وتعديل المواد القانونية المنظمة، مشددا على ضرورة ادخال وسائل حديثة للتبليغ بالتعاون مع المؤسسات الحكومية المعنية كالضمان الاجتماعي وشركات الاتصالات وشبكة الانترنت التي باتت توفر قواعد بيانات كبيرة.
وقال عزوقة ان التصرفات الخاطئة اذا حدثت، فذلك بهدف الحصول على محاكمة سريعة تمكن المدعي او المحامي من فرض ما يريد على الطرف الاخر، موضحاً ان اي اجراء بالطعن او نقض الحكم يترتب عليه البدء من جديد بالمحاكمة، مما يترتب عليه وقت وجهد وكلف مادية اضافية الى جانب مراجعة المحاكم من جديد وهو وبحسب قوله غالبا ما يتهرب منه الناس فليجأون الى حل الخلافات بالتراضي حتى ولو بالتنازل عن الحق.
وبحسب عزوقة، يبلغ المدعي عليه بواسطة المحضر وفقا للعنوان المبين بالدعوى المسجلة، وبحال عدم صحته او عدم التعرف عليه يتم التبليغ بواسطة النشر في صحيفتين محليتين، مشيراً الى ان بين هذا وذاك هناك التبليغ بالالصاق ويكون في حالة صحة العنوان وعدم تواجد المدعى عليه او من يجوز له تلقي التبليغ او رفضه لاي سبب بشرط وجود شاهد على الاقل.
وبدوره، بيّن المحامي مازن (طلب الاشارة اليه باسمه الاول فقط) ان غالبية المحامين يسعون للوصول الى التبليغ بالنشر في الصحف المحلية معتمدين على عدم متابعة المواطن لاعلانات التبليغ لنشرها في صحف مغمورة لا يقرأها الغالبية. لكن، وبحسب عزوقة، فإن وزارة العدل ادخلت خلال الفترات الاخيرة وسائل جديدة للتبليغ كتعاقدها مع شركتي ارامكس والبريد الاردني، مشيرا الى ان الاجراءات الجديدة ساهمت إلى حد ما في تسريع وتفعيل اليات التبليغ.
على أنه، ووفقا للقانون، فاختيارطريقة التبليغ متروكة للمدعي او وكيله مقابل أجر محدد. في حال وجد ان اجراءات التبليغ موافقة للأصول، استنادا لاقوال المحامي مازن، تقوم المحكمة في السير في اجراءات الدعوى وإلا فتقرر اعادة التبليغ، وبحال تبين لها أن التبليغ لم يكن موافقا للأصول أو لم يقع أصلا بسب اهمال المحضر أو تقصيره، يجوز للمحكمة عندئذ أن تحكم على المحضر بغرامة لا تقل عن عشرين دينارا ولا تتجاوز خمسين دينارا اذ يعتبر قرارها بهذا الشأن قطعياً.
أحاديث عن "اعطيات" تؤشر الى "فساد"
قال المحضر(معاذ) الذي يعمل في احدى المحاكم انه يرفض قطعيا تلقي أية مبالغ مقابل القيام باعماله اليومية، الا انه نبّه الى انتشار ظاهرة "اعطيات المحامين" وبعض المواطنين لبعض المحضرين بهدف تسريع اجراءات التبليغ.
وارجع معاذ اسباب وجود الظاهرة الى تدني رواتب المحضرين وتدني الحوافز المدفوعة لهم مقارنة بموظفي المحاكم والبالغة، وفقا لقوله، 50 دينار شهريا اضافة الى 20 دينارا شهريا تدفع لهم بدل تنقلات نظير قيامهم باعمال التبليغات في مناطق واسعة يوميا.
وطالب معاذ بضرورة زيادة الحوافز وتحويل تبعية المحضرين الى المجلس القضائي باعتبارهم يكملون دور القاضي في المحكمة، الامر الذي سينعكس عليهم ايجابا بحسب وصفه.
محضرون رفضوا التصريح بأسمائهم، اعتبروا ان ما يتقاضونه ليس بـ"رشوة" بل بـ"مساعدة" يقدمها بعض المحاميين، على حد وصفهم، وسيدفعها المدعى عليه (المشتكى عليه) في نهاية المطاف بحسب قولهم.
واكدوا ان محامين يطلبون منهم غالبا عدم تنفيذ التبليغ بشكل صحيح بهدف التحايل على الاجراءات وصولا الى التبليغ بالنشر او بالالصاق.
اكد المحامي عزوقه انه سمع بقيام محامين بدفع "اكراميات" لبعض المحضرين لتحفيزهم على سرعة تبليغ المدعى عليه ومساعدة في تحمل بدل التنقل، مشيرا ان ظاهرة "الاكراميات" ان صحت يمكن ان تؤثر على سير القضية بطريقة غير مباشرة والتركيز على السرعة بدل الدقة.
واتفق غالبية المحامين والمحضرين بتصريحاتهم على ان قيمة ما يتعارف عليه بينهم بـ"الاعطيات" او "المساعدة" تصل الى خمسة دنانير، مشيرين الى انها باتت عرفا لدى (القابض والقبيض) ممن يتعاملون بهذه الطريقة، اضافة الى توضيحهم بان بعض المحضرين يقبل باقل من ذلك بحال تعددت التبليغات لذات المحامي.
وتعذر الحصول على تعليق حول الموضوع من وزارة العدل باعتبارها الجهة المعنية، لاسباب خاصة بها، على أن تقارير رسمية تطرقت إلى جملة ملاحظات تؤكد فيها وجود اختلالات واضحة بأعمال المحضرين واليات التبليغ.
التقرير السنوي الذي اصدره المجلس القضائي عن اعمال السلطة القضائية في عام 2011 اكد ان ابرز تحديات تطوير دائرة المحامي العام المدني هي عدم توفر الاسم الكامل للمدعى عليه والمحكوم عليه والعنوان الواضح، ما يترتب عليه قيام المحضر بإعادة التبليغ دون إجراء واللجوء إلى التبليغات بواسطة النشر، لافتا الى وجود نحو 14119 قضية متأخرة لاكثر من 3 سنوات في محاكم البداية بالمملكة منها 372 قضية لوجود خلل في اجراءات التبليغ. وفي مكان آخر من التقرير، دعت توصياته الى إيجاد حلول للمشاكل القضائية بما فيها مشاكل التبليغ والإحضار.
ويؤكد القاضي الدكتور محمد الطراونة في دراسة اعدها سابقا حول "السبل الكفيلة لتطوير الاجراءات القضائية" ان اهم اسباب بطء اجراءات التقاضي هي قلة عدد المحضرين وعدم فعالية اليات التبليغ وعملية التبليغ ذاتها وعدم وضوح عناوين الاطراف او الشهود.
وتحدثت ايضا استراتيجة السلطة القضائية (استراتيجية البناء) للاعوام 2012 -2014 عن مجموعة من السلبيات المرتبطة بالتبليغات القضائية، حيث اشارت وضمن نقاط ضعف الإطار المؤسسي للسلطة القضائية الى ضعف خطة التطوير والتحسين لعدة دوائر ومنها التبليغات.
واشارت الدراسة عينها في اطار نقاط ضعف الاطار التشريعي الى ضعف التشريعات والنصوص القانونية الناظمة لعملية التبليغ، فيما تحدثت في مكان آخر عن أسباب عديدة تعيق سرعة البت في القضايا، ومنها وجود بعض الثغرات التشريعية الناظمة لسير إجراءات المحاكمة ونظام التبليغات، وتأكيدها على عدم مراعاة أُصول التبليغ لا سيما من قبل المحضرين.
وبيّن المركز الوطني لحقوق الانسان في تقريره لعام 2011 انه تعامل مع 53 شكوى تتعلق بالحق في محاكمة عادلة، ما زال 14 منها قيد المتابعة فيما لم يتبين وجود انتهاك في 7 منها. وفي تقريره لعام 2009 اوصى المركز بضرورة تطوير اجراءات التنفيذ القضائي والمعايير الزمنية الخاصة بها وتعزيز استقلالية النيابة العامة وتكاملها مع القضاء والاجهزة المساندة.
حلول ومقترحات
ما يدلل و يؤشر الى وجود مشكلة في التبليغات القضائية هو ما ينشر بشكل شبه يومي في بعض الصحف اليومية عن عشرات البلاغات القضائية اضافة الى تراكم القضايا في اروقة المحاكم دون بت لفترات طويلة.
وفي نفس المجال، دعا محامون الى ضرورة تعديل التشريعات بما ينسجم والمعاملات الالكترونية واعتماد التباليغ بواسطة الايميل لاسيما للمحامين، اضافة الى استخدام قواعد البيانات التي توفرها مؤسسات حكومية عن المواطنين لصالح استكمال اجراءات التبليغ بشكل منطقي وسلس لضمان حصول محاكمة عادلة للجميع.
واشار محامون الى ان قانون المعاملات الالكترونية يمنع حتى اللحظة استعمال الوسائل الالكترونية في تنفيذ اجراءات المحاكم، ما اعتبروه تناقضا واضحا مع قانونية اعتماد العقود الالكترونية.
وفي ذات السياق، اشار المحامي عزوقة الى وجود قواعد بيانات كثيرة يمكن الاستفادة منها في المحاكم، ومنها قواعد شركات الاتصالات وضريبة الدخل والضمان ودائرة التقاعد وصولا الى استخدام شبكة الانترنت، كل ذلك في سبيل الحد من التلاعب في البلاغات وتسريع اجراءات التقاضي.
ووفقا للارشيف الاعلامي لوزارة العدل، فقد سبق لها وان انشأت عام 2002 ادارة الدعوى المدنية بهدف تسريع عملية التقاضي واختصارالإجراءات الإدارية والقضائية من خلال الرقابة المستمرة على الدعوى القضائية والتأكد من سلامة الاجراءات كاملة من لحظة تسجيل الدعوى.
كما و سبق ان بدأت وزارة العدل بتشغيل نظام محوسب لإدارة التبليغات القضائية بهدف تسريع اجراءات تحضير التبليغ وضبط ومتابعة تنفيذه، و طبقت الوزارة تجربة السكوترات وسيارات فان صغيرة للمحضرين غير ان تلك الافكار لم تنجح بالحد من مشكلات التبليغات القضائية.
آثار عدم قيام المحضر بوظيفته بشكل دقيق

تشير المادة ١٤ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الى ان الناس جميعا سواء أمام القضاء، و اكدت حق المتهم بالتمتع أثناء النظر في قضيته بالضمانات الدنيا التالية: "إعلامه سريعا وبالتفصيل (...) بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها، وأن يعطى من الوقت ومن التسهيلات مايكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه، وأن يحاكم دون تأخير لامبرر له، أن يحاكم حضوريا، أن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه".

ومن خلال ما تضمنته المادة السابقة وبالمقارنة مع الحالات الواقعية التي قابلناها، يتبين لنا حجم العقوبة المتكررة التي ينالها الفرد حتى قبل معرفته بوجود حكم قضائي بحقه، الامر الذي يناقش صراحة ما تحدث عنه العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من حقوق التقاضي للمواطن.
وبحسب ما اوضحه المحامي (مازن) يتعرض الفرد، الذي يكتشف فجأة بالحكم القضائي، الى انتهاك لحياته الخاصة وللتشهير في حال القاء القبض عليه امام الناس او نشر اسمه بالصحف.
وبيّن المحامي ان الاخطاء التي يرتكبها المحضرين تحرم المواطن ايضا من حقه بالدفاع عن نفسه او بيان الحقائق التي قد يملكها وبالتالي حرمانه من دحض قبول الدعوى وانهائها فورالنظر فيها من قبل القاضي. واضاف ان القوانين منحت القاضي التدقيق على ملائمة الاجراءات التسلسلية، وفي حال مطابقتها يتم اعتمادها، في حين منحته (القاضي) القوانين ايضا فرض غرامة فقط بحال اكتشف عدم صحة التبليغ او خلل ما في الاجراءات المتبعة.
واوضح ان الفرصة المتاحة للمدعى عليه للخلاص من الاجراءات الخاطئة تتلخص بالاعتراض او الطعن باجراءات التبليغ والبدء من جديد بالقضية، وهو الامر الذي لا يفضله غالبية الناس مما يجعلهم عرضة لاستغلال بعض المحامين او المدعي (المشتكي) والرضوخ لطلباتهم مقابل التنازل عن الشكوى.
وقال المحامي ان كل من يتعرض لظلم ويثبت تلاعبً بأوراق التبليغ الخاصة بالدعوى، عليه الادعاء على المتلاعب بالبلاغ سواء كان المحضر او المحامي، مستدركا ان غالبية الناس يهربون من دخول المحاكم لاسباب اجتماعية ويميلون الى انهاء تلك القضايا بطرق ودية ما يكلفهم اعباء مادية اضافية ويساعد ايضا على انتشار ظاهرة التلاعب بالعناوين والبلاغات لصالح اطراف دون اخرى.


تابعو الأردن 24 على google news