ارفعوا أيديكم عن المملكة الأردنية الهاشمية
الدكتور محمد صالح المسفر
جو 24 :
كتب المفكّر القطري واستاذ العلوم السياسية، الدكتور محمد صالح المسفر، مقالا في صحيفة الشرق القطرية بعنوان "ارفعوا أيديكم عن المملكة الأردنية الهاشمية"، حيث تناول فيه الأوضاع الاقليمية التي تمرّ بها المملكة هذه الأيام إلى جانب ما تمرّ به دولة قطر الشقيقة من ممارسات مستنكرة.
وتاليا نصّ المقال:
كتب د. محمد صالح المسفر -
(1)
نعم بعدد أحرف الكلمة وأكثر، لا صوت يعلو عندنا على صوت مقاومة الحصار وتفكيكه بكل السبل.. ندخل العام الجديد وكلنا يد ولسان وقرار وعزم وتصميم وقلم واحد موحد من أجل إفشال الحصار على قطر وتحطيم معنويات فارضيه والمطبلين له من إعلاميّ النصف عقل الواهمين بان مقالاتهم ومحاوراتهم التلفزيونية ونعوتهم قطر بما لا تستحق شيء سيؤثر فينا، كلها أمور لن تفت من سواعدنا ولن تصرفنا عن النهوض ببلدنا اقتصاديا وسياسيا وعلميا وطبيا ورياضيا وزراعيا وتوسعا على المسرح الدولي، نحن سائرون، بخطوات سريعة نحو المجد، تقودنا نحو معراج التنمية الشاملة في كل مناحيها قيادة سياسية شابة واعية عاقلة لا يفت في عزمها تهديد باستخدام القوة أو تشديد طوق الحصار أو اطلاق الكلمات النابية من أفواه رائحتها تزكم الأنوف ووجوه كالحة المنظر تظهر من وقت الى آخر على شاشات تلفزة الخبائث، من الحقارة بمكان أن يطلق على دولة خليجية من شركائها الخليجيين اسم الدولة المجاورة كل ما جاء مكان لاسم قطر، أو كلمة دولة أو فريق متعدد الجنسيات. لقد وصل الانحطاط السياسي في هذه الدول (دول الحصار) إلى أدنى درجاته. هل يرضى حكام دول الحصار بالانحدار الى هذا المستوى من الانحطاط السياسي؟ اذا كانوا راضين بهذا السلوك وهذا الاداء فلا بد لنا من إعادة النظر في استخدام كلمة " سمو " فلان بن فلان، لانه لم يعد صاحب سمو إذا قبل ما يقال عن شعب وحكومة وقيادات سياسية قطرية. والكاتب يترفع عن النزول إلى ذلك المستوى، لأن أمير دولة قطر سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حذر ومنع كتاب قطر من الانزلاق إلى الطريق الذي انزلقت فيه نخب دول الحصار.
(2)
صحيح، لا صوت يعلو على صوت رفع الحصار، لكن هناك قضايا ذات علاقة بما يجري في المنطقة كلها، لقد أبرز إعلاميو الأزمات في صحافة دول الحصار مواقفهم السلبية عن فلسطين وأعتقد واتمنى أن يكون اعتقادي خاطئا، إنهم يعبرون عن وجهة نظر الحاكم لان تلك الاسماء مشمولة برعاية مسؤولين كبار، وهذه آراؤهم في فلسطين وقدس الأقداس أرض المعراج.. يقولون " لم تعد القدس هي القضية، واصبحت شرعية مزيفة لتحركات البعض، وآخر، قال: أنا لا أحمل لليهود أي كراهية، ولا أشعر باي تعاطف مع الفلسطينيين، وآل الشيخ قال: قضية فلسطين ليست قضيتنا، وإذا أتاكم من يدعو للجهاد فابصقوا في وجهه، وقال أحمد القرني اليهود يكنون لنا الاحترام، وأدعو الملك سلمان إلى فتح سفارة وتمثيل دبلوماسي مع اسرائيل، وناح آخر بالقول "لك العتبى يا نتنياهو حتى ترضى علينا "، وهناك أقوال لم نأت عليها، ونذكّر هؤلاء ومن يعبّرون عن آرائهم بمواقف الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله نحو فلسطين والقدس، كما نذكرهم بتمنيات الملك فيصل ان تكون صلاته الأخيرة في بيت المقدس، وأن رابطة العالم الاسلامي ومنظمة المؤتمر الاسلامي أسست سعوديا من أجل القدس، فهل بعنا القدس، ونلنا رضى إسرائيل، يا للهول، لكل ما يجري وكل ما يقال في هذا الزمان عن فلسطين؟!!
(3)
المملكة الأردنية الهاشمية، تعيش في قلق مما يجري في الشأن الفلسطيني، محمود عباس لاعب في هذا الشأن لا يؤتمن جانبه، حضر قمة اسطنبول من أجل القدس وعقله وفكره خارج المؤتمر، اجتماعه بقيادات خليجية تسير نحو التطبيع مع اسرائيل مشبوهة لعله اتفق معهم على صفقة معينة بالنسبة للقدس خاصة وفلسطين عامة، هذا التكتم العباسي عن محادثاته في عواصم خليجية من شأنه أن يثير القلق عند القيادة السياسية الأردنية، لكن يجب أن يدرك الجميع أن الأردن رقم صعب لا يقبل القسمة في الشأن الفلسطيني، وأنه قادر على خلط أوراق اللعبة السياسية مما يستحيل على أي لاعب آخر أن يحقق اي نجاح. القدس مرجعيتها هاشمية لا تقبل المساومة أو النقاش. إن ما قاله وكتبه كتاب السلطة المشار اليهم في الفقرة الثانية من هذا المقال وما يخفيه محمود عباس في اتصالاته عن الأردن الشقيق، مضافا الى ذلك تصريح وزير خارجية البحرين عن العلاقة باسرائيل لا شك بانه يبعث على قلق الأردن والشعب الفلسطيني عامة.
(4)
في الأيام الماضية تناقلت وسائل الاعلام واعلام التواصل الاجتماعي خبرا مؤداه أن مؤامرة للاطاحة بملك الأردن عبدالله بن الحسين قد انفضح أمرها، الأمر الذي استدعى الملك لاحالة ثلاثة أمراء وعدد من ضباط الامن والجيش للتقاعد. وان المتآمرين لهم اتصالات مع قيادات خليجية وفلسطينية تعيش قي الخليج. السلطات الأردنية تنفي ذلك الخبر جملة وتفصيلا.
وهنا مفارقة تستحق إمعان النظر فيها، في الأردن أمراء يحالون للتقاعد رغم شائعات محاولة الانقلاب، في دولة خليجية أمراء يعتقلون بتهمة الفساد وشتان بين الأمرين. ما أريد قوله هنا أن مكان المتآمرين على أي نظام يذهبون الى السجون والمعتقلات، وليس الاحالة الى التقاعد، وأما مكان الفاسدين ماليا وذمميا (جمع ذمة) فهي ساحات القضاء النزيه المستقل، وفي هذا السياق يجب أن يعلم الخلق أن الجبهة الأردنية الداخلية حصينة وصلبة صلابة جبال رم وعجلون.. الشعب الأردني مترابط واختراقه أمر مستحيل، وعلى أهلنا في الخليج العربي أن يرفعوا أيديهم عن العبث بالاردن والابتعاد عن المساس بأمنه وسلامته وسيادته. من أراد تقديم مساعدة للأردن مشروطة بشأن يمس سيادته وكبرياءه وكرامته فعليه ان يدرك الحكمة العربية "تموت الحرة ولا تأكل بثدييها" والأردن ليس للبيع ولا للإيجار ولا يقبل المنة من أحد عليه، انه يؤدي واجبه تجاه أشقائه أهل الخليج كلما دعي لذلك، وهم يعلمون ذلك جيدا.
آخر القول: هل يدرك شجعان الحصار على قطر وغزة ومحاولة إذلال الأردن عن طريق التهديد بايقاف المساعدات المالية عنه أو التحكم في مستقبلة أنها أمور غير مجدية لأن إرادة الشعوب لا تقهر.