انتشلوا الأردن من براثن الحاجة وحافظوا على كبرياء الأردنيين
الدكتور محمد صالح المسفر
جو 24 :
أستأذنكم يا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ان اتجاوز البدايات التقليدية في مخاطبة الملوك والامراء والسلاطين والرؤساء، والانتقال مباشرة الى القضايا الجوهرية التي يود طرحها مواطن عربي من دول مجلس التعاون الخليجي يخوض في بحر السبعين من العمر، لم يعد يبحث عن منصب ولا جاه وانما يبحث عن استعادة مجد امة يكاد ينفرط عقده ويضيع من بين ايدينا. راجيا الله عز وجل ان تجد رسالتي هذه ما تستحق من عنايتكم وتفهمكم للاهداف السامية التي انشدها مؤكدا لمقامكم السامي ان الكاتب لا يعبر عن رأي فرد ولا يعكس توجهات جماعة او فئة او حزب او طائفة، بل احاول في رسالتي هذه بكل امانة وصدق وتجرد ان انقل اليكم نبض الشارع الخليجي خاصة والعربي عامة، وان اضع امامكم الصورة كما هي بابعادها السياسية وبحجمها الحقيقي.
(1)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز هذه رسالتي الثانية التي اوجهها الى مقامكم السامي منذ توليكم مقاليد الامور في المملكة العربية السعودية بعد انتقال اخيكم الملك عبد الله آل سعود الى جوار ربه، فالاولى كانت تعالج هم أمة وهذه الثانية تسير في ذات الاتجاه وحال الامة يسوء يوما بعد يوم.
في اليومين القادمين سيتوافد على الدمام قادة العالم العربي لحضور قمة عربية هي الثانية التي تستضيفها المملكة منذ توليكم مقاليد الامور في الدولة السعودية، انكم ستتولون قيادة تلك القمة وادارة جلساتها وبحكمتكم وخبرتكم كما اتمنى ستخرج هذه القمة بقرارات جوهرية تعالج امراض امتنا العربية السياسية والاجتماعية، منها الحصار على دولة قطر من قبل الاشقاء، وحصار غزة من قبل مصر والسلطة العباسية، وانهاء حرب اليمن لصالح عودة الشرعية اليمنية بقيادة عبد ربه منصور هادي طبقا لبيانكم الاول عند اعلانكم عن "عاصفة الحزم"، والاسراع في نجدة الشعب السوري وانقاذه من حرب اسلحة الدمار الشامل التي يشنها بشار الاسد وعصبته، وانتشال المملكة الاردنية الهاشمية من براثن الحاجة والديون والمحافظة على كبرياء شعب الاردن كي لا تتناهشه السباع وانتم تنظرون ثم تكونون من النادمين كما هو حالكم عندما تهاونتم في شأن العراق فتلقفته قوى الشر والحقد والنزعة الثأرية.
(2)
يا خادم الحرمين الملك سلمان، في اقل من سنة من قمة الرياض السابقة انفقت دول الخليج القادرة ما يزيد عن اثنين تريليون دولار ذهبت معظمها الى الولايات المتحدة الامريكية والباقي تقاسمته العواصم الغربية، وقد يقول قائل ان هذا المبلغ مبالغ فيه، لكن ما انفق على شراء اسلحة لدول الخليج لن تسلّم قبل اعوام واعوام قادمة، وما انفق على مكاتب التحريض والتشويه في عواصم الغرب والشرق لتشويه سمعة بعضنا البعض وتحريض الاخرين علينا نحن اهل الخليج يفوق التصور، وخذ في الاعتبار التكلفة الاجتماعية التي يتحملها المواطن الخليجي والنظام السياسي. اليس من الاجدر والاعظم منفعة أن تصرف تلك الاموال على التنمية الوطنية الشاملة في دول الخليج العربي، وانت تعلم يا خادم الحرمين حق العلم ان بعض دول الخليج العربي المحسودة على ثرواتها لا يوجد بها نظم صرف صحي لكبرى مدنها، وما برحت ترد المياه الى المنازل عبر سيارات نقل لكل عمارة او بيت، وتعلم علم اليقين لو صرف ربع ذلك المبلغ لترقية اليمن والخروج به من دائرة الحاجة والتخلف لوفرنا مليارات الدولارات التي تنفق اليوم على الحرب في اليمن.
ان المبالغ التي تصرف اليوم لاسترضاء امريكا وباريس ولندن وبرلين على ما نفعل بأمتنا العربية ونناشدها الدعم والمساعدة للنيل من بعضنا بعض يلحق بنا اضرارا مادية ومعنوية ومن نستعين به لن يعيننا والتاريخ مليء بالعبر، فهل من معتبر؟!.
عبدالفتاح السيسي قائد مصر العزيزة يقول عنا "فلوسنا زي الرز" تعبيرا عن الوفرة، ودونالد ترمب الرئيس الامريكي يقول "ما قدمناه لأمريكا حتى الآن لا يساوي شيئا، عندنا فلوس كثيرة جدا، ولازم نشاركه في ثرواتنا" قيل ذلك على شاشات التلفزة العالمية وليس في الكواليس فأي احتقار وابتزاز لنا أشنع من ذلك! .
(3)
تناقلت وكالات الانباء العربية ان الازمة الخليجية لن تطرح على جدول اعمال القمة، وكذلك المسألة اليمنية والعلاقات مع اسرائيل. فاذا غابت هذه المسائل الثلاث عن القمة العربية في الرياض، فلماذا القمة اذا؟.
أليس مخجلا يا خادم الحرمين الشريفين ومؤسفا ان نتطلع لوحي او امر يأتينا عبر البحار وارضنا هي مهبط الوحي وارض مسرى نبينا محمد عليه السلام ومعراجه لحل قضايانا وخلافاتنا. لا ندري كيف يستقيم حال هذا العالم المضطرب ونحن نرى امة عمرها بعمر التاريخ تنتظر الفرج وتتلقى الدروس والضربات بصدر مفتوح من امة لا يتجاوز عمرها بضع مئات من السنين ولدت في نهاية التاريخ.
والحق يا صاحب الجلالة الملك سلمان أن الاعداء يتربصون بنا جميعا بشرا وعقيدة وسيادة، ولا يخيفهم سواك في هذا الجزء من العالم، نعم يا بن بيت الزعامة والقيادة، تخيفهم عندما يتخذ جلالتكم قرارات سيادية بتجميد والغاء كل الخلافات مع قطر ورفع الحصار الذي فرضتموه عليها وعودة العلاقات الى طبيعتها، وثق يا سيدي بأن قطر لا تكن لكم ولا للدولة السعودية عداء ومنافسة، وهي قطر، تعتبر امنكم امنها، واستقراركم استقرارها، وهي اقرب اليكم من غيرها خليجيا وقبليا.
آخر القول: لم يعد في العمر اكثر مما مضى، واتمنى لك طول العمر مكللا بالصحة لكي تنهي هذه الازمة الصغيرة مع قطر كما قال سمو ولي عهدكم الامير محمد بن سلمان وتنهي بتدخلكم الميمون الحصار على غزة، لتنام قرير العين لما قدمته من خير لهذه الامة تجده عند الله.
(بوابة الشرق القطرية)