2024-11-20 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

رسالة إلى الإسلاميين

لميس أندوني
جو 24 : في فترة ما، ولمدة طويلة، خاصة خلال إقامتي في الولايات المتحدة الأمريكية، كانت مهمة الدفاع عن الإسلام، ومواجهة شيطنة المسلمين وحتى الإسلاميين، ليست مهمة فقط بل واجبا، للكثير من في المهجر، سواء من خلال الكتابة أو المحاضرات، أولى المظاهرات، أو الكلام من على شاشات التلفزيون وفي محطات الإذاعات الأمريكية.
وكنا نتلقى، أنا وأصدقاء ونشطاء، الشتائم والتهديدات، إلى درجة التهديد بالقتل،على الأقل من باب التخويف بهدف الإسكات، خاصة بعد أحداث 11-9 وموقف مجموعة كبيرة منا، الرافض لما يسمى "الحرب على الإرهاب" وقصف أفغانستان وغزو العراق، التي استعملتها بها واشنطن الإسلاموفوبيا" لتحشيد الشعوب الغربية لدعم حروبها الاستعمارية.
كنت ولا أزال علمانية،لا أؤمن بالحكم الديني، بغض النظر عن الديانة أو الطائفة، وإن كنت أحترم، بالطبع، التدين والمتدينين، لكن لا أستطيع أن أقبل بالتعصب الطائفي أو المذهبي.
موقفي، وموقف الكثيرين غيري، لم يكن نتيجة سذاجة، لكن من منطلق مبدئي والتزام بالتعددية، لأنه لا يمكن القبول بشيطنة من نراه أنه "الآخر"، ومن منطلق ضرورة التصدي لمحاولات تبرير سياسات عدوانية غربية، أو قمعية عربية باسم محاربة الإرهاب أو التطرف.
ذلك لا يعني السكوت على ممارسات وخطابات إقصائية، يتم نشرها وتبنيها باسم الثورات، خاصة من الإسلاميين، في الحكم أو المتطرفين الذين استقووا بفوز الإخوان المسلمين في انتخابات ما بعد " الانتفاضات العربية".
أنا أعي أن الخطاب الإقصائي ليس محصورا بالإسلاميين، فالكثير من العلمانيين يتبنون للأسف خطاباً تحريضياً وإقصائياً، خاصة في مصر وتونس وجميع أرجاء العالم العربي.
لكن يجب أن يعترف الإسلاميون، أن وصولهم إلى الحكم، شجع الخطاب الإقصائي التحريضي، بما في ذلك فتاوى القتل، والتزمت تجاه التيارات الأخرى والحريات الشخصية، ليس فقط من قبيل الاستقواء بمن هم في الحكم، لكن لأن من هم في السلطة أيضاً لجأوا عملياً إلى الإقصاء وممارسة القمع ضد ناقديهم ومعارضيهم.
إن استعمال الدين، إيحاء أو صراحةً، لتجريم أو حتى تكفير الآخرين، يعني ضمناً احتكار الحقيقة وإعطاء الضوء الأخضر، للتهديد والترهيب والاعتداء وحتى القتل، لأنها تُفهَم من قبيل بعضهم على أساس أنها تحليل بسفك الدم، لمن يعتبرونهم مرتدين، خاصة أن النظرة إلى العلمانيين واليساريين، من أصلها عند المتشددين، متعبة وعدوانية بحيث تتيح كل أشكال الممارسات ضدهم.
لا نعرف من اغتال التونسي المعارض اليساري، شكري بولعيد، لكن رأينا فيديو لمتطرفين في جرجيس يهددون بقتله علناً، ورأينا صعود واتساع خطاب جماعات سلفية، الذي يلغي الآخر، وبالتالي يصبح قتل الآخر عادياً بل ومرحباً به، إن لم يكن واجباً.
نعي أيضاً أن هناك تمويلا للجماعات الإسلامية، من دول غنية تدعي الدين والحفاظ على الدين، ولكن هدفها تقويض ومصادرة إرادة الشعوب التي ثارت على الديكتاتورية، مستغلة الفقر والمديونية، أبشع استغلال.
كنت في مصر خلال الجدل حول مسودة الدستور، التي أصبحت دستورا رسمياً بعد الاستفتاء، وأقر أن حالة الاستقطاب منعت في أكثر الأحيان المناقشة الموضوعية لبنوده، لكن كان التأييد للدستور، وأنا أعني بذلك من قرأه، مرتبطا بالقبول بتثبيت الإخوان وليس بنتائج الانتخابات، التي وإن أعطت شرعية للرئيس محمود مرسي، لم تُشَرع الاستفراد بالسلطة.
الأهم، أن مؤيدي، الدستور المصري من الإسلاميين وأنصارهم داخل مصر وفي العالم العربي، لم ينتبهوا أو يهتموا إلى بنود الدستور التي تبقي نظاما اقتصادياً، يُعمق من التبعية ولا يؤسس لعدالة اجتماعية، لمجرد تأييده لحكم الإخوان المسلمين، فإذا تم القبول بالنظام الاقتصادي نفسه، فلم قامت الثورات إذا؟
عملياً قبلت أنظمة الحكم الإسلامية الجديدة بشروط صندوق النقد الدولي، وكأنها سياسات فرضها القدر، بعد أن عارضتها وهي في المعارضة، أي أننا نتوقع موجات ارتفاع أسعار خاصة في مصر، تجعل الانتصار بتمرير الدستور انتصارا لترسيخ الحكم وليس وفاء أو التزاما بمطالب الثورة الأساسية.
نعم على العلمانيين أن يوجهوا أنفسهم بالنقد أيضاً، لكن أنتم كأحزاب إسلامية في الحكم الآن، فكيف تبررون سياساتكم؟
نشهد أيضا حالة استقواء بصعود الإسلاميين إلى الحكم، نلاحظها في الأحزاب الإسلامية، وفي حركة حماس، التي فازت بانتخابات 2006 على أساس تأييد الشعب الفلسطيني لخيار المقاومة ضد إسرائيل، وكرسالة اعتراض على سياسات السلطة الفلسطينية وحركة فتح، لكنها أي حماس، اختارت، وبالأخص منذ فوز مرسي، تصعيد القمع السياسي والاجتماعي، وكأنها تُذكرنا أنها حركة دينية أولاً وجزء من تنظيم الإخوان المسلمين وانتصاراته.
أقول كل هذا بأسى، لأنني حقاً أؤمن بالتعددية، وأؤمن بالحوار سبيلا، لكن كيف تكون مساحة للحوار، إذا سادت لغة احتكار الحقيقة باسم الدين؟العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير